شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه))
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأصلي وأسلم على خير خلقك، حبيبك وصفيك، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الكرام الطيبين.
الحفل الكريم من سيدات وسادة.
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
ذَهَبُنا اليومَ عتيق، وأمسيتنا موشح أندلسي لفارس حُبِي عشقاً فطرياً للحضارة العربية والإسلامية، وأبى إلا أن يعود إلى الأندلس فاتحاً، سلاحه الكلمة، وزاده المعرفة.
نلتقي الليلة احتفاء وتكريماً للأستاذ الدكتور الطاهر أحمد مكي، الأكاديمي المعروف، وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وصاحب الإسهامات التي تذكر فتشكر في عالم التأليف والترجمة تواصلاً ثقافياً محموداً بين الثقافات العربية، والفرنسية والإسبانية.. قادماً خصيصاً من أرض الكنانة ليمتعنا بصحبته الماجدة.
عاش ضيفنا في زمن العقاد، والمازني، ونجيب محفوظ، وعميد الأدب العربي طه حسين، وبظني أن ذلك يكفي. سُحِر بالأندلس تاريخاً، وسحرها بعلمه ومعرفته. هو من أعلام كلية دار العلوم التي تأسست في عام 1872م، والتي كانت ولاّدة أنجبت، واحتضنت العديد من القامات السياسية، والفكرية، والشعرية والإعلامية، من بينهم: أحمد هيكل، وحسن البنا، وعلي مبارك، وحفني ناصف، وعلي الجارم، ومحمد عبد الحليم عبد الله.
واحة الأدب العربي، وهي هاجس فارسنا، جعلته يتطلع إلى كرومنا الأندلسية الغربية، ليقطف ثمراً نحن غرسناه، ما دفعه إلى الذهاب إليها من جديد محاولاً أن يستقي من جديدها، ويُشربها من جديدنا. ذو إنتاج غزير وقف حياته على العلم والمعرفة. اليوم عنده أربع وعشرون ساعة عمل بتمامها. ابتعد عن الأضواء، وعن السجالات الفكرية. إخلاصه في الحياة جعله يعزف عن الزواج بعد أن أحب أندلسية رفض أهلها تزويجه إياها، فوهبت نفسها إلى دير، ووهب حياته إلى المعرفة. ولأنه من سَدَنة اللغة العربية والقيّمين على تراثها، قال فيه الباحث الشهير د. شوقي ضيف رحمه الله في استقباله عضواً بمجمع اللغة: "اليوم نستقبل علامة كبيراً هو الأستاذ الدكتور الطاهر أحمد مكي، أستاذ الأدب الأندلسي في كلية دار العلوم، وأستاذ الأدب العربي كله في جميع العصور، لأنه كتب عن امرئ القيس، أول شاعر عربي مهم في العصر الجاهلي. وكتب عن الشعر العربي المعاصر، وعن القصة المعاصرة. وليس هناك كتاب فريد بديع في الأدب الأندلسي كنا نتمنى ترجمته إلا وترجمه". محطات فارسنا الهامة في حياته هي كتبه التي اعتُبر بعضها علامات فارقة سواء في حياته الشخصية، أو في الحياة الثقافية في مصر. فكتابه "امرؤ القيس -حياته وشعره"، والذي صدرت طبعته الأولى في سنة 1968م، اعتبر من أكثر الكتب التي وضعت عن هذا الشاعر تميزاً. أما كتابه الثاني "دراسة في مصادر الأدب" والذي يتوزع على خمسة عشر مبحثًا، فلا غنى عنه لدارس الأدب. ولأهمية كتابه "دراسات عن ابن حزم وكتابه طوق الحمامة" أدرجه موقع أمازون العالمي الشهير للكتب على الشبكة الإلكترونية.
وهناك كتاب "المتنبي وشعراء الأندلس" للدكتور اميليو غرسيه غومث، وقام بتعريبه ضيفنا الكريم وطبعت منه حتى عام 1983م ست طبعات.. ملتمساً الساكن والمتحرك فيما يتعلق بتأثير المتنبي في شعراء الأندلس، وهو تأثير لا نستغربه في البيئة الحضارية المنفتحة التي شهدها المد الإسلامي مع الأندلس، ثم التقهقر الذي شهدته تلك الحضارة الشامخة، وما تلاها من سقوط المدن مثل قشتالة، ورندة، ومالقة، وغرناطة وغيرها، وما يمثله من أسى يجتاح نفوس الشعراء بما لهم من حساسية مفرطة.
وقد هيأ لي المولى عز وجل رعاية ترجمة ونشر كتاب "الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس" بجزأيه، الذي صدر عام 1419هـ الموافق 1998م وشارك في كتابته نخبة من أساتذة كراسي في أعرق الجامعات الغربية، وأشرفت الدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي على سبكه في نَفَس واحد، ومن خلال أبوابه المختلفة يتضح لجمعكم الكريم أن المسألة أكبر من تصور الكثيرين، فتلك حضارة شعت وعمَّ نورها معظم أجزاء العالم، وظلت في سمو وارتقاء إلى أن زالت عام 1492م بسقوط غرناطة.
ومن مؤلفاته التي كانت ثمرة لصلته بأمريكا اللاتينية، كتابه "بابلو نيرودا" الشاعر التشيلي العظيم الذي نال جائزة نوبل لعام 1971.
وأما ترجمات الطاهر مكي فغنية عن التعريف، فكيف لا، ومن ضمنها ترجمته "ملحمة السِّيد" للشاعر، والفقيه العربي أبو الوليد الوقاشي، وهي أقدم الأعمال الإسبانية المعروفة والمكتوبة باللغة القشتالية، والتي تحكي مآثر البطل القشتالي "دون رودريخو دياث دي فيفار". تقول الباحثة الإسبانية وأستاذة الدراسات العربية والإسلامية دولوريس أوليفر في كتابها "ملحمة السيد: عربية المنشأ والتأليف": "ولأن الوقاشي شاعر عربي النشأة والتكوين الفكري، فقد تمكن من وصف مشاهد المعارك ببراعة واقتدار، وهو أهم ما يميز الملحمة، فضلاً عن صياغة الجوانب البدوية، والفروسية الرومانسية في النص".
ابتعد ضيفنا عن السياسة وأهلها، لكن هذا لم يمنعه من إبداء رأيه في بعض القضايا، فهو من قال: "إن المجتمع المصري بحاجة إلى مثقفين يلتزمون بمواقفهم" مؤكداً أن وزارة الثقافة المصرية لم تسهم في الارتقاء بثقافة الشعب، وعدم وجودها أفضل.
أثيروه، مصطفى صادق الرافعي، و د. أحمد حسن الزيات، والمستشرق ويل ديورانت. أما رأيه بعدم وجود شعر حر، فعلنيٌّ "لا يوجد فن حر أبداً، بل لكل فن قواعده". وبالرغم من حصوله على عدد من الجوائز فرأيه فيها لا يهادن، فبحسبه "انحرفت عن مقاصدها".
نكتفي بهذا القدر، لنعطي القوس باريها..
قبل أن أنقل لاقط الصوت إلى سعادة الأستاذ الدكتور جميل مغربي راعي هذه الأمسية، يسرني أن أعلن أن اثنينيتكم ستتجه إلى صفاء النيل وجنوبه، لتستضيف في الأمسية القادمة عروس شعر، وإعلامية بارزة من السودان البهيّ، إنها روضة الحاج التي نأمل أن تنقلنا إلى رياض الشعر وعوالمه الساحرة.
طبتم وطابت لكم الحياة.
عريف الحفل: شكراً لسعادة الشيخ عبد المقصود خوجه الذي تحدث في كلمة ترحيبية عن ضيفنا، أيها السيدات والسادة الآن الكلمة لراعي هذه الأمسية الأستاذ الدكتور جميل مغربي أستاذ مشارك بجامعة الملك عبد العزيز، فليتفضل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :646  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 186 من 199
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.