عون الرفيق |
وظل عبد الله في وكالته أياماً ثم تبلغ توجيه الإمارة إلى أخيه عون الرفيق بن محمد بن عبد المعين بن عون ثم ما لبث أن وافته الأنباء بقدوم أخيه فندب للقائه في جدة بعض الأشراف من أبناء أخيه يتقدمهم الحسين بن علي ((ملك الحجاز فيما بعد)) فاستقبلوه في جدة في 9 ذي الحجة عام 1299 في موكب حافل وظلوا بقية اليوم معه بعد أن فاتهم موقف عرفات ثم توجهوا جميعاً إلى منى حيث احتفل بقدومه فيها. |
وغادر مكة عبد الله على أثر ذلك وابن أخيه ناصر بن علي إلى الآستانة حيث أنعم عليهما برتبة الباشوية ثم عيّن عبد الله باشا عضواً في مجلس شورى الدولة بالآستانة كما أنعم بالباشوية على الحسين بن علي
(1)
. |
وعبث بعض المفسدين من قبائل زبيد وبشر ومعبد
(2)
وسليم
(3)
بالأمن وقطعوا طريق القوافل بين جدة ومكة في رمضان عام 1300 فجهز الشريف عون جيشاً لقتالهم ففروا إلى عسفان فأدركهم وأوقع بهم حتى أطاعوا له. |
وفي هذا العهد توفي الشيخ أحمد زيني دحلان صاحب ((خلاصة الكلام)) وذلك عام 1304 وما لبث أن نشب الخلاف بين عون والوالي التركي عثمان باشا نوري بسبب الخلاف على السلطة فعزلت الدولة عثمان وعينت حسين جميل باشا. |
وفي عام 1304 قبض عون على موسى البغدادي وأمين ماصية لي ومحمد السعدي فنفاهم إلى خارج البلاد
(4)
. |
وتم القبض على الشيخ إبراهيم العجيمي وعبد الله كردي إمام الشافعية والشيخ أحمد بن الشيخ عبد الله فقيه أحد الأئمة والشيخ علي زين العابدين هندية ونفاهم كذلك. |
وقد ذكر أنهم كانوا يتصلون بالوالي عثمان باشا فنهاهم عن ذلك حتى انتهوا ثم ما لبثوا أن عادوا إلى الاتصال بالوالي الجديد على أثر وصوله فعاقبهم بالنفي. |
كما عزل الشيخ عبد الرحمن الشيبي من وظيفة السدانة ونفاه إلى الهدى فظل فيها إلى أن مات وعيّن للسدانة غيره من آل الشيبي. |
وقد رفعت قضايا النفي إلى دار الخلافة فلم توافق عليها وأباحت لهم العودة إلى مكة فعادوا. وفي سنة 1314 صدر أمر الشريف عون بإبعاد الشيخ عبد الرحمن سراج مفتي الأحناف والشيخ محمد عابدين حسين مفتي المالكية والسيد إبراهيم نائب الحرم والسيد علوي سقاف شيخ السادة بمكة والسيد عبد الله بن محمد الزواوي
(5)
. |
ويذكر بعض من عاصر الشريف عوناً أن المنفيين كانوا قد كتبوا إلى الخليفة عبد الحميد يشكون من أعمال الشريف عون في مكة في ((مضابط)) موقعة بأسمائهم فأعادها الخليفة إلى عون أو إلى المسؤولين في القصر ممن يميل إلى سياسة الشريف عون. أعاد تلك المضابط إلى الشريف عون ليطلع عليها فانتقم لنفسه من أصحابها وعاقب بعضهم بالسجن والبعض الآخر بالنفي. |
ويذكر بعضهم أن المضابط أعيدت إلى مكة تصحبها لجنة على رأسها أحمد راتب باشا للتحقيق في موضوعها وأن عوناً استطاع أن يكسب ود أحمد راتب باشا ويظفر بنتيجة التحقيق، وقد ظل راتب باشا في مكة على أثر ذلك يقوم بوظيفة الوالي بعد أن عزل جميل باشا. |
ويذكر هؤلاء أن عوناً غدا أشد وطأة على الأهالي بعد قضية المضابط وأنه بعد أن أنتقم من أصحابها اشتط في معاملاته مع غيرهم مما كان له أسوأ الأثر. |
ويبدو أن الشريف عوناً كان -بغض النظر عن موضوع المضبطة- غريب الأطوار متناقض الأعمال يقدس بعض معاصريه فيه غزارته العلمية ومحبته للخير العام وتبسطه في مجالسه الخاصة وتودده للمسالمين، وينعون عليه في الوقت نفسه تبذله بين ندمائه وقسوته في معاملة الحجاج وإمعانه في عقوبة مخالفيه واصطناعه ((الخزناوية)) الذين كانوا يضطهدون عامة الشعب. |
|