شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الناحية الأدبية
ومارست قريش في جاهليتها ألواناً من الأدب العالي؛ فقد كانت من أبلغ العرب وأفصحها وكان حظها في الخطابة والوصايا والأمثال لا يستهان به، وقد حفظت لنا أمهات الكتب الأدبية القديمة من أمثال الأمالي وطبقات ابن سعد والعقد الفريد والأغاني وأمثال العرب ومجمع الأمثال وغيرها طائفة كبيرة من نفيس الأدب الذي عاش في عهد قريش.
واشتهرت قريش بشعرائها المبرزين في العهد الجاهلي، ومن أظهرهم أبو طالب وأبو سفيان وعبد الله بن حذافة وهبيرة بن أبي وهب المخزومي وعبد الله بن الزبعري والزبير بن عبد المطلب، كما اشتهر حول مكة من شعراء هذيل جنادة وجندب وعروة والمتنخل وأبو ذؤيب وأبو خراش وأسامة بن الحارث والعجلان بن خليه كما اشتهر في بادية مكة ومدنها القريبة ما يطول سرده ولا يصعب متابعته لمن شاء في مظانه من كتب الأدب المعروفة.
ومن الأمثال القليلة التي نوردها فيما يلي يستطيع القارئ أن يكون فكرة مختصرة عن المستوى الأدبي الذي بلغته مكة في عصرها الذي ندرسه.
((من أجمل قليلاً سمع جميلاً، أنفك منك وإن كان أذن، إن البلاء موكل بالمنطق، عند جهينة الخبر اليقين، الجزاء من جنس العمل، إذا عزّ أخوك فهن، كل خاطب على لسانه تمرة، الحرب سجال، حظ في السحاب وعقل في التراب، ما حيلة الرامي إذا انقطع الوتر، من خان هان، كما تزرع تحصد، من سابق الدهر عثر، لكل عود عصارة، ما كل عورة تصان، غدرك من دلك على الإساءة، كل الصيد في جوف الفراء، مكره أخاك لا بطل، كل شاة برجلها معلقة، زارع لنفسه حاصد لسواه، لا قرار على زأر من الأسد)).
واتسعت أسواق مكة التجارية للتنافس بين مفكريها من الشعراء وأصحاب البيان فكانت ملتقى الخطباء من سائر بلاد العرب، وكانت مجالاً ثقافياً لم يسبق له نظير بين دول اليمن في الجنوب وحكّام الحيرة وغسان في الشمال، وفي مظان التاريخ المطولة من أخبار أسواقهم ما يغني عن الإفاضة.
ومن أشهر أسواق العرب في منطقة مكة: سوق عكاظ، وقد اختلف المؤرخون في تحديد موقعه، وأجدني أميل إلى ما ذكره صاحب معجم البلدان وهو أنه في واد بينه وبين الطائف ليلة وبينه وبين مكة ثلاث ليالٍ وكانت هناك صخور لا تزال قائمة إلى اليوم وهو وادٍ يتسع كثيراً لقوافل العرب (1) ثم سوق مجنة (2) وهو موضع قرب مكة، وذو المجاز وهو على نحو ميلين من عرفات (3) .
وكانت قوافل العرب تتجمع في عكاظ إلى العشر الأخيرة من ذي القعدة ثم يفيضون تباعاً إلى ذي المجنة ولا يبدأ سوق ذي المجاز إلاّ في ((يوم التروية)) الثامن من ذي الحجة ويضيف بعضهم إلى هذه سوق مكة ومنى ودومة الجندل، ولكنها أسواق لا تبلغ مبلغ عكاظ في محافله الأدبية ومجالاته التي كانت تصطفق بمفاخرهم ومنافراتهم ومناقشاتهم، ويذكر تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام أن عكاظ ظلت قائمة إلى أن كانت ثورة المختار في مكة عام 129 فتفرق الناس خائفين ثم تركوها إلى اليوم وتركوا بعدها مجنة وذي المجاز واستغنوا عنها بأسواق مكة ومنى وعرفات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :646  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 13 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

عبدالعزيز الرفاعي - صور ومواقف

[الجزء الأول: من المهد إلى اللحد: 1996]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج