شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(7)
إذا نعيت لك أذهاننا فلا تجعلني في مقام من يبالغ في الأشياء ويعطيها أكثر من حقائقها.
أنت تعرف آل ((فلان)) وتعرف قيمتهم في الوسط المحترم الذي يعيشون فيه.. وتعرف أنهم رزئوا أخيراً في أحد أبنائهم بمصيبة فقد فيها بصره وأصبح أعمى يقوده الخادم الصغير ويرشده إلى الطريق صبيان الحي.
لكنك لا تعرف أن مجلس العائلة الموقر بعد أن قرر نهائياً إلحاقه بأحد العميان المرتزقة ليقرئه بعض السور من القرآن الكريم يتكفف بها الناس عند أبواب المسجد ويستجديهم بما يتلوه منها.
قل ما شئت بعد هذا في أسلوبي القديم لفهم الحقائق وطريقتي في التعبير عنها ومبالغتي في وضعها، أما أنا فلا أقول إلاّ أننا قوم بلغ من ضيق أذهاننا أننا لا ننظر إلى أبعد من أنوفنا ولا نفكر إلاّ في حيز أضيق من ممرات الشوارع في بلادنا إذا صح أن للآفاق والبيئات تأثيراً في نشاط العقول.
كنت أعرف أكثر من أعمى يرتزقون من شتى المهن الحرة ويحتالون لمعيشتهم بوسائل عديدة تشرفهم ولا تتنافى مع ما فقدوه من أبصارهم فما بال بعضنا اليوم يجمد ولا يتفتق ذهنه عن حيلة يدفع فيها ((عماه)) لا إلى التكفف واستجداء الناس بما استظهر من آيات وما جود من صوت لا نميز كثيراً بينه وبين رغاء ناقة أجفلت في يوم عاصف.
إن العالم يحتال لعميانه بأكثر من ألف مهنة تدر عليهم أخلاف الرزق وفي بلادنا اليوم مدارس ومعاهد تحتفي بمستقبل العميان ومع هذا فنحن في مكاننا نأبى أن نمد أبصارنا أبعد ما ننظر.
أتراني بعد هذا أبالغ في تصويري وأعطيه أكثر مما يحتمل من الحقائق؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :330  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 64 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.