في ركني.. |
سارتر: نكسة الحياة وعيش الغاب
|
مَن المسؤول عن حوادث الدهس..؟
|
لماذا لا نستغل هذا الأسلوب من التمثيل في صيغة لا تتعارض مع الدِّين؟
|
قرأتُ كتاباً لأحد الوجوديين يلخص فيه رسالة الوجودية، ويدعو فيه إلى عصيان سائر الديانات والنظم وكل ما يربط الإنسان بمجتمعه في هذه الحياة. |
إنها فكرة برّاقة تلمع الحرية في آفاقها بأوسع ما يتسع له الانطلاق ولكن أصحابها أبوا إلاّ أن ينسوا أن حياة الفرد منا مرتبطة بحياة الآخرين، وأن التنظيم السماوي والتقليد العرفي كان لا بد منهما لتحدد علاقتك بالآخرين قبل أن تحتك بهم، وترتطم مصالحك بمصالحهم في سائر العلاقات والمودات. |
إن (سارتر) صاحب الدعوة ومخترع فكرتها يرى الإنسان حرياً بأن يحقق وجوده الذاتي، وأن يستبيح كل ما تمليه عليه نزعاته الخاصة ودوافعه النفسية فينطلق فيما يشتهي دون أن يبالي قيداً أو يأبه لنقد أو يستحيي من عرف أقرته الأديان أو تواضعت عليه المجتمعات. |
إنه يريد للإنسان أن يصنع نفسه، ويحقق أهواءه كفرد قائم لنفسه، فهل جاءه أن سائر الأفراد يملكون المواهب التي تهيئ لهم تنظيم حياتهم على نحو يكفل لهم الأمان والاستقرار؟ وهل أدخل في حسبانه أن انطلاق الناس في مثل هذه القوقعة يعرض حياتهم للصدام، ويثير الفوضى في مجتمعاتهم ويفرض عليهم حياة الغاب التي قاسوا مرارتها قبل آلاف السنين واقتضاهم التطور التربوي أن يهذبوا طباعهم ويشذبوها، وأن يضجوا على مر الأجيال لرسل الإصلاح لتتلاقى مصالحهم وتنظيم علاقاتهم في سباق يضمن لهم الأمن ويقضي على سائر أنواع الفوضى بين صفوفهم؟ |
ترى أيقوم سارتر وأصحابه بدعوة جديدة إلى نكسة الحياة، وعيش الغاب أم هي ألوان من جنون الفلسفة لا يرمون من ورائها إلاّ أن تدوي لهم أصوات يعرفونها مهما كلفوا الحياة فيها من شطط؟ |
في سبيل المرور.. |
تنظيم مرور المشاة فكرة جديدة قللت من حوادث المرور وأنصفت السائقين من رعونة بعض المشاة وحماقاتهم. |
إننا في أكثر بلاد الشرق نظلم السائق عندما نفترضه متهوراً في سائر الحالات دون استثناء لأننا ننسى بعض الحماقات التي يبديها الماضي الذي يتطوح في عرض الشارع كأنه في إحدى نزهاته أو الماشي الذي يسلس لسهواته فيشغل ذهنه بآلاف الأفكار إلاّ فكرة بوق السيارة التي يزاحم طريقها، والماشي الجريء الذي لا يبالي أن يحتك بها أو يسبقها إلى قطع عرض الشارع. |
إنهم في البلاد المتقدمة بدأوا بحل هذا الإشكال فخططوا للمشاة خطوطاً بيضاء تقطع عرض الشارع، وألزموا المشاة أن يقفوا دونها حتى يخلي رجل المرور الطريق من السيارات في حدودها، فيبيح لهم السير جيئة وذهاباً ثم يمنعهم ليعطي الطريق للسيارات. |
ولا يجوز للماشي في عرف هذا النظام أن يقطع عرض الشارع عن غير الطريق المخطوط في أوقاته المحدودة، وبذلك أمن الناس الاحتكاك والدهس وأصبحوا يتجمعون في طرفي الطرق المخطوطة انتظاراً لإشارة رجل المرور فيواصلوا سيرهم مطمئنين. |
ليت المسؤولين عن المرور في بلادنا يفرضون مثل هذا النظام ولو في بعض النقط الهامة التي يشتد فيها زحام السيارات. |
القصة الضاحكة: |
شهدت البارحة عرضاً روائياً لقصة رائعة محتشمة تمثل فترة من تاريخ مصر راجت فيها الخرافة، كما شاع فيها لون من التربية لا يتفق مع أصول التهذيب العلمي الصحيح. |
كان التمثيل ينقد الخرافة ويهزأ بها، ويثير فيك الضحك البالغ لتفاهتها ويبسط أمامك ألواناً من التربية التي سادت الشرق في بعض عصوره المظلمة ما يغريك بالسخرية ويضع يدك على مبلغ أخطائها. |
كان التمثيل عظة لا تباريه أبلغ العبارات وكانت الفكاهة الساخرة والضحك البالغ يشيعان في وجوه في أسلوب استطاع أن يسرّي عن النفس ما يثقلها من هموم الحياة، وأن يعطيها دروساً يعجز عنها الإرشاد مهما دعمه من وسائل النهي القاسية. |
قلت لنفسي ما يمنع بلادنا أن تستفيد من هذه الأساليب الطريفة، وأن تبني لها ما يهذب طباعنا ويرقق شعورنا ويرفه عن المثقلين بهموم الحياة العامة بعض ما نعاني؟ |
إننا نستطيع أن ننتقي ما يمثل الفضيلة من قصص التاريخ ونوادر الحياة في صيغة لا تتعارض مع الدين، فنربح في تمثيلها مدارس جديدة تعلم الناس فن الضحك البريء. |
|