شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
سنمضي..
سوف نمضي!!
لا تسألني إلى أين؟
لا تسألني فالدرب أوضح من أن نناقش مسالكه.
إنه واضح المعالم، ظاهر السمات.
وإنه ليس بيننا وبين العدوة القصوى من مشارفه إلاّ أن نؤكد العزم في دأب بالغ وإصرار واكد.
أتسألني بعد هذا علام نمضي؟
وهل تسألني إلى أين؟
لا أحسبك ستستمرئ تجاهل العارفين وأنت سيّد مَن يعلم أن بلادنا عاشت مئات السنين قائمة تلقائياً محكوماً عليها بالاسترخاء المغناطيسي إذا صح مثل هذا التعبير.
ألم تكن سوريا أريكة أجدادنا في عهد الأمويين؟
ألم يكن العراق عاصمة لنفوذ قومنا في عهد العباسيين؟
ألم تكن الأندلس تختاً لبني أبينا في عهد الفاطميين؟
هوّن عليك فلست أنوي فيما أدّعي أن أنابزك أو أباهلك ولكنها فكرة!!
إنها فكرة أتمنى إليك أن نناقشها في هدوء.. فهل تسمعني؟
وإذا سمعتني فهل تفهمني؟
لقد اتفق لسوريا في عصور الإسلام حضارة ربما ظلت آثارها إلى يومك هذا ناطقة في وعيها العام اليقظ وسماتها الحية التي نشهدها.
كذلك كان شأن العراق!!
ومثله كان دأب الأندلس!!
وعلى غراره كان حظ مصر، ألا ترى أن بني جلدتنا -ودعني أقولها واضحة- بذلوا أنفسهم في سبيل كل هذه الحضارات التي بات الإسلام يفاخر بها، ونسوا علاقتهم ببلاد الحرمين رغم أنهم من طينتها.
لا.. لا أريد أن أنابزك.. ولا أريد أن أباهلك.. ولكنها فكرة تأبى إلاّ أن تلحَّ، وأن ترسم عشرات العلامات في سبيل الاستفهام.
لا.. ليست هي دعوة للعصبية.. أو بعثاً لشيء لا تقره سواسية الإسلام، ولكنها مفارقة تأبى إلاّ أن تدلك على وجودها.
أتسمعها صارخة؟
إنها تريد أن تستبين الدوافع التي بررت لهم نسيان البلاد التي أنبتت أصولهم، بينما عاشوا يحفلون في عناية فائقة بعواصمهم الجديدة، بل وبأكثر ممالكهم في أكثر أطراف الأرض.
لا أريد أن ألحاهم ولكني..!!
يا صاحبي: لكأني ببعضهم ينغصون إليَّ.. رؤوسهم ويقولون متى كان لهذا أن يتطاول ليناقش خلفاءنا حسابهم.
لا.. أنا لا أتطاول.. ولكني أعاتب.. والعتاب (صابون) القلوب.. وهو قبل هذا شرعة سنَّها القرآن في نقاش أفضل الخلق وسيدهم: عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَآءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (عبس: 1-3).
ترى لِمَ تركوا أمهاد آبائهم ومصدر قبلتهم لا تعتمد غير الصدقات ولا تعيش إلاّ على الأعطيات.
لِمَ هيأوا أهليها ليقتصروا في معاشهم على التطويف، والزمزمة، وحراسة القبور، ودعاء المنابر لتأييد السلاطين بعد السلاطين؟
أيُقال إن ملابساتنا من الجدب والجفاف فرضت عليهم أن يسلمونا لظروفنا القاسية؟
إذن فأين فضول الأموال التي كانت تتلألأ بها قصورهم؟
وأين خزائن بيوت المسلمين التي كانت تشكو الامتلاء والتخمة؟
لقد كان في استطاعتهم أن يحفروا في كل متر بئراً، ويدفعوا لكل بئر دلواً، ويفرضوا على العاطلين والمتبطلين أن يغادروا تكاياهم إلى ميادين العمل الناصب في مختلف المهن.
إذن لنشأنا نشأة جيراننا من أقاصي الشرق العربي إلى أقاصيه، وتهيأ لنا وعي يجاري الحياة في أدق معانيها وأحدث أساليبها.
يا صاحبي: أترى في هذا ما ينابزك أو يباهلك؟
لا.. فهي ليست دعوة للعصبية، أو بعثاً لشيء لا تقرّه سواسية الإسلام، ولكنها فكرة تأبى إلاّ أن تدلك على وجودها.
أو فقل إن شئت مفارقة تأبى عليك.. إلاّ أن تسمعها صارخة.. فهل فهمتني.
وبعد..
أترى من حقنا بعد كل هذا أن نقف أكثر ممّا فعلنا؟
وترى كأنني أسمعك تهيب بي أن نمضي وحسبنا ما كان!!
سوف نمضي..
لنمضِ يا أخي.. فالوقت لا يتسع لغير المضاء.
دونك الدرب واضح المعالم، ظاهر السمات لا مكان فيه لجدل الرواقيين، ولا عنعنة المترددين.
لنمضِ يا أخي.. فلا متسع لإقناع خصوم الحياة بعد أن اندس في دمائهم ما أطفأ وعيهم، وحدد أفهامهم.
لنمضِ يا أخي: فليس بيننا وبين العدوة التي بات يتربع فوقها أسياد الأرض إلاّ أن نؤكد العزم في دأب بالغ وإصرار واكد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :762  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 61 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الغربال، قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[قراءة في حياة وآثار الأديب السعودي الراحل محمد سعيد عبد المقصود خوجه: 1999]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج