شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خدم الزرانيق
لقد قلتُ مرة إن وزارة الشؤون الاجتماعية بلغت من النجاح حداً لا بأس به عندما حاربت التسوّل في موسم هذا العام، وساقت جميع محترفيه وأكثرهم من الحجاج إلى دار الرعاية، رغم أنها بذلك كلّفت خزينتنا إنفاقاً طائلاً في سبيل طعامهم وشرابهم وأكثرهم غير مواطنين.
وأريد أن أقول اليوم إن مقدري هذا النشاط لا يلبثون أن ينسوه عندما تطأ أقدامهم أرض عرفات أو منى.
فقد وجد المتسوّلون من عرفات ومنى مرتعاً خصباً أميناً من عيون الرقباء، فتسللوا إلى خيام الحجاج وبين الأسواق في صور مزرية تعطي أسوأ الآراء عن حقيقة هذا البلد.
ولا يستطيع الحاج أن يتخيل أن 90% من المتسوّلين الذين يشهدهم ليسوا إلاّ حجاجاً يتحمّلون مشاق الطريق لا في طلب الغفران بل في سبيل أن يملأوا جيوبهم من صدقات الحجاج.
والصورة التي لا يبلغ مداها فظيع هي صورة أخواتنا نساء خدم الزرانيق، فقد أصبحن بارعات في فن التسول.. وأعمالهن لا تقتصر على موسم الحج، بل نحن نعاني من سوئها طوال أشهر السنة.. وأقول بارعات لأن نشاط الشؤون الاجتماعية لا يكاد ينجح معهن، فقد تعوّدن الإحساس بنشاط المراقبين عند أول حركة تبدو في الأسواق فيهرعن إلى جحورهن دون أن يتركن وراءهن أي أثر.
وهن لبراعتهن يعرفن أن نشاط الرقابة لا يمتد إلى زحام الموسم كثيراً وإذا امتد فسوف يقصر عن عرفات ومنى.
لهذا شوهدن في عرفات ومنى أفواجاً نعجز عن إحصائها، يتخللن خيام الحجاج ويتجمعن في طريقهن إلى جبل الرحمة في عرفات أو إلى رمي الجمار في منى.
هن يجلسن في أشكال وصور لا يبلغ مداها من الفظاعة شيء.. وربما هزجن بأناشيد تؤذي الآذان ويقذي منظرها العيون.
والغريب أنهن يهبطن إلينا بصحبة رجالهن، وهم من أفضل الناس نشاطاً وصحة يزاولون أعمال الحمل وسياقة العربات، ويتركون نساءهم وفتياتهم ليملأن الأسواق متسوّلات.
يشاهدهن الحاج فيعجب لثراء هذا البلد الذي يترك نساءه يتسوّلن في هذه الصور الفظيعة وهو لا يعلم مبلغ ما أنفقته الحكومة في بناء دار خاصة لرعاية أمثالهن، ومبلغ ما تتكلّفه في سبيل جمعهم والإنفاق على مأكلهم ومشربهم، لا يعلم أنهن حاجات وأننا في سبيل أداء الواجب نحو بلادنا لا نضن عليهن، ونحن نعلم أنهن جئن للتسوّل لا لقصد الحج، وأننا نعاني الكثير من أجل جمعهن في دار الرعاية والإنفاق على ما يحتجن من مأكل ومشرب أسوة بأمثالهن من فقراء البلاد.
إنها أمور تسيء إلى سمعتنا من حيث لا يعلم الحاج مبلغ ما نبذله في سبيلها.. فليتنا نعيد النظر في مضاعفة الجهد، فلا مستحيل مع الجهد.. ولا ينجينا من عبثهن -في رأيي- إلاّ أن نلزم رجالهن بتعهدات صارمة قاطعة بأن لا يتركوهن يختلسن الفرص فيتسللن إلى الأسواق متسوّلات.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :400  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 54 من 92
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثالث - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج