الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

سارق الزهر.. وسارق الحقل!

العالم اليوم أتون يستعر بالأهواء الضالة، والختل الطاغي، والجبروت يدعمه البنزين والفحم والذرة.

وتطالعنا أخبار مدوّية بصيحات الويل في كل جانب من الأرض تتجاوب أصداؤه في استياء عام من هؤلاء الذين يهيمنون على مقدرات العالم فيسومونه الخسف والاضطهاد.

ويعنينا اليوم من هذا الطغيان ناحيته التربوية لفتيان الجيل الجديد وقيمته الإيجابية في سلوكهم الواعي.

ففتياننا الذين أرهقنا أرواحهم بمئات المثل شاخصة في كتب الأخلاق والسير والتراجم، وبذلنا جهود الجبابرة لندس في أوعيتهم الخفية صوراً تمثل الإنسانية في أعلى درجاتها من السمو والكمال سيفتحون أعينهم على واقع الحياة الداعر، ويشهدون من ختل الأقوياء وعسفهم وهو أن الضعفاء وذلهم ما يعفي على كل أثر طبعته كتب الأخلاق في أذهانهم.

والناشئ في سن المراهقة يبدأ الدور الذي يستقل فيه بوعيه الخاص ويشعر بقدرته على انتزاع دروسه من واقع الحياة.

ولو قلنا إنه في هذا الدور يضع لنفسه أول برنامج لسلوكه ينتزعه من واقعه المكشوف لما عدونا ما ينبغي أن يقال!!

وإذا كان صحيحاً ما يُقال: "إن العوامل الانفعالية تؤثر في تكوين شخصية الإنسان بمثل ما تؤثر الأحوال المناخية في نمو النبات" فإن وقائع العالم اليومية وما تذيعه الأنباء من أحداث سيترك أسوأ الأثر في تكوين شخصياتنا الجديدة ويطبعها على شر ما يطبع عليه الأنذال.

ستشخص آمالهم شخوصاً يلوون ألسنتهم بعريض القول في مبادئ السلام، وحماية التعايش في أركان الأرض، ومساندة العدالة حتى إذا دانت لهم الحياة نسوا مبادئهم وتجاهلوا ما كانوا يلوون به ألسنتهم فأصبح العدل عدلاً ما أخذ أشكاله من منافعهم، والتعايش تعايشاً ما حقق أهواءهم ومضى مضي مصالحهم.

وبعد فيا أيُّها المتمدينون في آفاق الأرض ما أحلى أن تقتصدوا في مزاعمكم فتعترفوا بالمبادئ التي أجمعت كتب الأخلاق على اعتمادها دون مواربة والتواء، أو تعلنوها حرباً ضروساً عليها وتشعلوا النار في كل حرف يشير إلى أبسط معانيها، فتبيحوا لسائر الآثمين أن ينطلقوا في الأرض لا يلويهم وازع ولا تقف دونهم مقاييس من الأخلاق.

أمّا أن يظل (سارق الزهر مذموماً وسارق الحقل باسلاً) فذلك نسق سيطبع جيلنا بأسوأ ما تطبع به الأجيال.