شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
كيف يُعنُون بعجزتهم!!
قال صاحبي: ألا ترى أن على أثريائنا وكبار بيوت المال فينا أن ينظروا إلى العاجزين والمقعدين نظرة خاصة تهيئهم للعمل الكاسب لا على غرار ما نشهده من توزيع الإحسان عليهم في صور نقود أو ما إليها مما لا يفي بحاجة المضطر العاجز؟
قلت: لقد لاحظت تطبيقاً لهذا الرأي في أكثر من بلد في أوروبا.. وأدهش ما أدهشني فيما رأيت قصة مؤسسة تجارية تعمل في تصدير النحاس.
أرادت هذه المؤسسة أن تخدم العاجزين عن العمل في مدينتها عمياناً، أو مقعدين، أو مبتورة أيديهم، فأنشأت داراً خاصة تجمعهم لا لتطعمهم أو تؤويهم فقط. بل لتعلّم كل عاجز مهنة تتفق وعاهته ليعيش منها. وعلى العاجز إذا أتقن ما تعلمه أن يغادر الدار إلى حيث يستطيع الإفادة مما تعلم ليعيش من كسب يده ويستغني عن سؤال الناس.
وكنت قد سألت بعض المسؤولين عن الدار ماذا يصنع العاجز بمهنته التي تعلمها في الدار إذا غادرها صفر اليدين لا يملك من المال ما يهيئه للعمل؟ فقال إن الدار لا تدفعه إلى الحياة العامة دون أن تسلحه لمواجهتها، وحسبك أن تعلم أن نظام الدار يقضي بتعيين مرتب يومي متواضع لكل من يلتحق به من العجزة ابتداءً من يوم دخوله وهي لا تدفع له من هذا المرتب اليومي إلاّ ما تدعو إليه حاجة ملحّة يقنع بها المسؤول في الدار ليتوفر له في صندوق الدار أكبر قدر ممكن من المال يستطيع أن يهيئه لعمله المقبل. وهي إلى هذا لا تبيح له أن يغادر الدار حتى يتحقق لها نوع العمل الذي سيشغله إذا ترك الدار فإذا بدا لها أنه لا يستطيع أن يزاول عملاً يستقل به أبقته في الدار وكتبت إلى المحال المهنية والبيوت الصناعية في المدينة تعرض عليهم أمره وتعيِّن مستواه المهني فإذا وافاها من يوافق على استخدامه براتب ترضاه له أسلمته إلى الجهة المطالبة وظلت مشرفة على علاقته بالعمل الجديد.
وربما شعر بعض المتعلّمين في مؤسستها بقدرتهم على أن يستقلوا بأعمالهم دون حاجة لأن تلحقهم بأي مصنع.. ففي مثل هذا يتعيّن على العامل أن يقدم من ذويه من يتعهد بألاّ يعيش عاطلاً ولأن يزاول ما يتعلم لكسب عيشه وإلاّ فإن المتعهد به مسؤول عن دفع جميع ما أنفقت الدار على تعليم العامل.
يقول هذا المسؤول: إن الفكرة الأساسية التي تعمل مؤسستنا من أجلها ألاّ يعيش عاجز في مدينتنا عالة على سؤال الناس؛ لهذا فنحن لا نتيح له مغادرة الدار حتى يثبت لنا قدرته على العمل الذي يعوله.
فليت بيوتنا المالية وأصحاب الإحسان فيها بوجه خاص تتسع مفاهيمهم لمثل هذا اللون من الإحسان.. إذن لاستطعنا أن نعالج أهم أدوائنا في الحياة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :337  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 89 من 156
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.