غرِّد على فَنَنٍ أعلاه رائده |
للفكر في ظنِّه تُستنهضُ الدُّررُ |
وحيِّه إنه نعم الوفي لما |
قلَّ الوفاء لـه واستحكم الغَرَرُ |
طوبوا قد سنها فينا وأرثها |
شهماً لكل نبيل الفعل يبتدرُ |
أسفارُها
(1)
مصدر نجني ذخائره |
فكراً مضيئاً وآدابا هي الثمرُ |
غَرِّدْ
(2)
فما زال لحن الحب مزدهراً |
يفيضه وَفْرَة الإحساسِ والوَتَرُ |
غرِّدْ فما زال في هَمْس الصبا مَدَد |
مُستعذَبٌ كلما خَفَّت لـه الفِكَرُ |
غَرِّدْ على فَنَن الستين
(3)
في صبا |
قلْب إذا ما قَلَى أسلابه الشَعَرُ |
غرِّدْ ولا تبتئس من قول غانية |
شابَ الغُراب ومَلَّت لمعها الدثُرُ |
غرِّد فديُتك مِنْ شادٍ على فَنَن |
تغفوا إليه الصبا تسعى بها البِكَرُ |
إني وإيَّاك في عُمْر الزهور
(4)
وإنْ |
خان المِلاح صحيح الرأي والنظرُ |
مازال في خافقينا للصبا صُور |
رفَّافةً ومليح اللحن مزدهرُ |
والحب أكبر من أن تستبدَّ به |
مليحةٌ فهوى الأوطان مدَّخَرُ |
غَنَّيت للوطن السامي فأطربه |
لحنٌ تموَّج في أعطافه الغَرَرُ
(5)
|
أرخَى عليه أَصيلان الرياضُ رؤىً |
مروطه وانتشى من هَمْسه السَّحَرُ |
حتى إذا فُرّقتْ أقداحُه نُثِرتْ |
لآلىء الطَّلِ مُعْتَلٌّ بها الزَهَرُ |
كأنها أُعين لفَّت بأدمعها |
عند الوداع ولحظات لها عِسَرُ |
حتى إذا هبتِ الأنسام فتَّقها |
بَرْدُ النَّدَى لا يستبيِنا أفقه العَطِرُ |
فالنَّوْر في هامها كالثَّغْر مبتسماً |
ثَغْر لربَّة خِدْرٍ زانها الخَفَرُ |
ما شأننا وحِديث الغِيدِ يجذبنا |
نَهْوى الخلاصَ وتطوينا به السُتُرُ |
ذاكَ أنَّكَ غَّنيتَ الملاح هوى |
طَوَتْ به الَعْيـن وانقـادت لـه العُصُـر |
وأتلعتْ مَنْ سباها الشعر هدأتها |
تعطو إلى حيـث يستهوي النُّهـى القَمَـرُ |
خرافةُ الحبِّ لم تفتأ ترقِّصنا |
فوق الحبال وفي ترقيصنا عبَرُ |
نَهْوى وَنْهوى أحاديثاً ملَّفقة |
لو يعقُل المرء لمَ تَعْبَثْ به الصَّوَرُ |
ما الحبُ إلا خرافات نردِّدها |
نُهْذي بها وهي في أعماقنا هَذَرُ |
فغنِّ للغيد أو جَوِّد مغانيها |
فأنت في حالتيك اللَّحْن والوتَرُ
(6)
|
وأنتَ وحدك مَنْ يُصغْي إلى نَعَم |
جمهوره أنتَ والقرطاسُ والسَّهَرُ |
تخطُّه مثقلاً بالهم تنفثه |
فوق القراطيس والأشجانُ تَستعرُ |
ما ضرَّ لو نافستْ شمـسُ الضحـى قمـراً |
في الوَصْل أو أحدثتْ وعداً فينتظرُ |
حتى وإن أخلفتْ يوماً فشيمتُها |
خُلْفٌ وذنبُ المِلاح الغِيدُ يُغتفرُ |