يا نجمة سطعت بأعماقِ الفضاءْ |
كالدرّ في الدأماء في صَدفِ وماء |
يا نجمة سطعت بليلٍ أسحمٍ |
ومضَـتْ تبـثُّ ضيـاً بكل الكبرياء |
هل تعلمين اليوم أنّي عاشقٌ |
للكونِ للأجرامِ في أقصى سماء |
يا نجمتي هلاَّ سألتِ من أنا؟؟ |
والناسُ من حولي خيالٌ بل هراء |
الكل يجهل عنك يا حبّي ألا |
أين المحبة في قلوبِ الأتقياء؟! |
إنّي سأحكي قصةً لمّا تَزلْ |
أنشودة الماضي وبرهان العناء |
في ليالي الأمسِ كنا أبرياءْ |
كانتِ الأولادُ والأنثى سواءْ |
كانتِ الغزلانُ تلهو في الرُبا |
والريمُ ترقصُ مع نُسيماتِ المساءْ |
يأتي إلينا الليلُ يُسرعُ في الخُطا |
والشمسُ تمضي خلـفَ أسـدالِ السمـاءْ |
نعدو ظِماءاً في الرَّوابي إخوةً |
نهفو إلى الواحاتِ في طلبِ الرَّواءْ |
كانتِ الساحاتُ مرجاً أخضراً |
والوردُ يعبقُ ملء أنحاءِ الفضاءْ |
نحدو ونُنشِدُ للبراءةِ غُنوةً |
والطيرُ صدَّاحٌ يُشاركنا الغِناءْ |
ذاكم هـو الماضـي الَّذي قـد عِشتُـهُ |
تلكم هي الأيامُ أرثيها عزاءْ |
أين المروج وأين فوَّاحُ الشَّذا؟؟ |
أين الزهورُ ذوتْ وهشَّمها الجراء؟ |
أين الظِباء ألم تعِشْ تِلكَ الظِباءْ؟ |
أين الحُداءْ وأين ألحانُ الوفاءْ؟ |
مالي لا ألقاهمُ حيَن الظَما |
يا حسرتي أفليس في الدنيا ظِماءْ؟ |
ذاك الغروبُ مضى ولم ترجع لنا |
شمسٌ ولم يولد لنا فجرُ الضياءْ |
يا قلبُ لا نجزعْ على أطيافِهمْ |
يـا مُقلتي كفـى فمـا جـدوى البكـاءْ |
يا للنفوس تحجرت وعلا القلوبَ |
سوادها واستشعرَ العِظَمَ الوباءْ |
أفكلما ناديتُ أدعو بُلبلاً |
جاءَ المرَدُّ صدى نُباحٍ أو عواءْ |
ضاعـتْ ليالـي الأمـسِ بعثرهـا الدُّجى |
غرِقت ليالي الأمسِ في يمِّ الشقاءْ |
يا عالَم الأقذارِ ماذا تبتغي |
من مسخِ مـن كانـوا أزاهيـرَ الوفـاءُ؟ |
أفما كفى قلبي عذاباً أنَّهم |
غَرسوا الخناجِر فيه في ليلِ استياءْ؟ |
أفما كفى نفسي عذاباً أنهم |
لم يخجلوا من سيلِ أنهارِ الدِماءْ؟ |
هُرِعوا ليرتشِفوا دِمائي ويحهمْ |
أين الصداقةُ يومَ كُنا أبرياءْ؟ |
عَصَفتْ أعاصيرُ الغِوايةِ لم تَذرْ |
في قلبِ مرءٍ من أُصيحابي نَقاءْ |
ويزمْجِرُ الإعصارُ يقتلعُ المُنى |
وأمامَهُ تدوي الرُعودُ كما تَشاءْ |
ويَلُوحُ طُوفَانٌ يُعربِدُ في الرُبا |
ووراءَهُ اصطفتْ جُموعُ الأدعياءْ |
يا أيُّها الإعصارْ زمجِر إنني |
كالقِمَّةِ الشَّماءِ تأبى الانحناءْ |
شكراً لكـم إخـوانَ عهـدٍ قـد مضـى |
جَرَّعتُموني السّمَ رمزاً للوفاءْ |
مهما نَحَتُّمْ في الجبالِ وفي الذُّرا |
سأظلُ أهتفُ إنني منكم براءْ |
حتى لو ماتَ ابنُ مِرْزَا فَاخلُدِي |
للدَّهرِ يا ذِكرى ليالي الأبرياءْ |