كلمة الناشر |
قطعاً لا نمسك ناصية الزمان.. ولكن نحاول أن نتحاور معه وفق المتاح.. وفي إيقاع هذا "الديالوج" تتقافز صور متنوعة متجاذبة أحقية البقاء أطول فترة في دائرة الضوء.. بينما الواقع يفرض أن تظل كلها مكان إعزاز وتقدير وعناية، لأنها خيوط متحدة في شبكة تحمل علامات التواصل لما فيه الخير والمحبة والوئام.. أو هامات "سرو" شامخة على مد البصر لترسم لوحة الظل والضوء. |
من وهج هذا التمازج مدت "الاثنينية" يد الشكر والتقدير لتحصد "جائزة مكة للتميز الثقافي" في دورتها الأولى، الجائزة التي أطلت من أعطاف صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، شاهداً على موقع الثقافة، وغيرها من الفعاليات، التي بدأت تحفر مكانها في صخر الواقع الاجتماعي بكثير من الثقة والتفاؤل بمستقبل أفضل. |
هكذا جاء موسم الاثنينية الذي نضعه إضمامة ورد بين يدي القارئ الكريم "الجزء السادس والعشرون 1430هـ/2008-2009م" من سلسلة أمسيات الاثنينية، فكانت اللقاءات متشحة بأنوار فجر تألق منتشياً بتوافد ضيوفها الأكارم، متدثراً دفء الثقافة والفكر والآداب والعلوم. |
استهلت "مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية" ممثلة في رئيسها معالي الدكتور محمد بن إبراهيم السويل اللقاءات المختلفة التي نسجت بردة هذا الموسم، فقدم معاليه عرضاً جميلاً عرّف الأساتذة الحضور بالمدينة ومساهماتها المقدرة في الحراك العلمي الذي انتظم بالمملكة، وظهر من خلاله بعض القصور الإعلامي الذي يكتنف مسيرة هذا العمل الجليل. |
ثم توالت الفعاليات التي لن أطيل في سرد تفاصيلها -فهي بين أيديكم- غير أني أشير إلى إشراقات لا بد من إطلالة سريعة عليها، منها أمسية الأستاذ الدكتور سليم الحسني أستاذ كرسي الطاقة السريعة بجامعة مانشستر ببريطانيا، وصاحب كتاب "ألف اختراع واختراع" الذي صاغ أسبقية العرب والمسلمين في كثير من المخترعات التي أسهمت في تغيير وجه العالم، وكانت لها الريادة والسيادة بحق في عالم التقنية.. أما وقد صرنا الآن في ذيل قائمة الدول الناهضة علمياً، فالسؤال المشروع يلقي بظلاله: لماذا هذا التخلف المريع بعد نهضة كانت سبَّاقة، وشق سناها أقطاب العالم؟! |
تميز هذا الموسم باستضافة سيدة من خارج الوطن، للمرة الأولى في مسيرة "الاثنينية"، سعدنا بالأستاذة غريد الشيخ التي قدمت من بيروت خصيصاً لتلقي الضوء على خطواتها الإبداعية، ونشاطها في مجال التأليف والنشر والترجمة. |
ومن العلامات الفارقة الأمسية الماتعة التي قدمها سعادة الشيخ صالح عبد الله كامل، الذي أرّخ لحركة الاقتصاد الإسلامي وتناول العديد من القضايا التنموية والاقتصادية بما له من خبرات عميقة وبعد نظر، مشيراً إلى أنه لم يطلق اسماً إسلامياً على أنشطته المصرفية، والتمويلية، حتى إذا حدث خطأ لا ينسب إلى الإسلام.. ثم تحدث باستفاضة عن "الزكاة" وضرب أمثلة شدت المتلقين وجعلتهم يتفاعلون مع الأمسية بشكل إيجابي كبير. |
وتوالت الأمسيات ما بين اللغة العربية وآدابها، والمسرح، والنقد، إلى أن التقينا مع الدكتورة ثريا أحمد عبيد، المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان، حيث اقتعدت مقعدها وسط المنصة الرئيسية، في بادرة هي الأولى التي تجلس فيها السيدة المكرمة في هذا الموقع، ذلك أن "بنات الرجال رجال" كما أشارت في مستهل كلمتها. |
الشعر.. ذلك المولع بخلط الدمع، والآهات، والضحكات.. لم يكن غائباً عن أمسياتنا فقد عطرها مرتين: إحداهما مع الشاعر الأستاذ جاسم الصحيح الذي مسَّ مشاعر الحضور بقصائده.. ثم كانت لنا مع الشعر وقفة أخرى، مسك الختام مع الشاعر الكبير، صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد المحسن، ذلك "المغرد" بقصائده التي أبدع تصويرها لوحات ألوان الطيف بشعاع من المعرفة والعمق. |
متمنياً لكم أسعد الأوقات وأطيبها في معية هذه الكوكبة من رجالات ونساء وطننا العربي الكبير الذين نعمنا بلقاء معرفتهم وفضل عطائهم، وأسعدونا بإتاحة الفرصة للإسهام في توثيق مسيراتهم. |
|
عبد المقصود محمد سعيد خوجه
|
|
|