شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أسماء في الذاكرة
محمد سعيد عبد المقصود.. الأدب والرجولة الكاملة (1)
بقلم: محمد علي قدس
كان أحد الأدباء في الحجاز ومن أكثرهم شعلة في الأداء والنشاط، استطاع أن يكون أديباً له صيته الواسع وعلمه الكبير، لأنه كان شاهداً على أحداث كثيرة وعصور متتالية!
هو الذي انطلقت سيرته الأدبية مع صدور أول كتاب يصدر في الحجاز ليؤرخ أو يرصد لشعرائه وأشعارهم، وقد كانت مقدمة ((وحي الصحراء)) التي كتبها من النصوص التي توثق لهذا الأدب وهي فتح جديد لآفاق أدبية وشعرية شهدتها منطقة الحجاز لتنطلق بعدها النهضة الأدبية الحديثة فيه.
كان يرى فيه عميد الأدب الحجازي الشيخ محمد سرور الصبان الأديب الإنسان الذي ما إن توفي حتى خسرت البلاد رجلاً كان شعلة من النشاط وهو من أكثر أدباء هذه البقاع الطاهرة دفئاً وإخلاصاً لها ولأدبائها وقد عرف الشيخ الصبان باعتباره من أصدقائه المقربين فيه من الخصال الحميدة ما يجعله من الأصفياء والمجتهدين البارزين.
عمل في الصحافة ونهض بالطباعة وفنونها في مكة منذ وقت مبكر.. كان من أبرز أسباب نجاحه وتفوقه حبه لعمله والإخلاص له وبذل ما يملك من جد وعزم ونشاط ليتم ما بدأ من عمل.. ولا ينتهي منه قبل أن يتأكد من جودته واكتماله، لذلك كان الثمن الذي دفعه لذلك باهظاً من صحته وحياته. كان باذلاً للخير وإسداء المعروف معطاء بيده وعقله في هباته وعطاءاته.. وفي فكره وإنجازاته.
إنه الأديب الصحفي الكبير الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود اليد البيضاء والرجولة الكاملة.
.. ولد رحمه الله في مكة الطاهرة عام 1324هـ على وجه التقريب فقد توفي رحمه الله وهو في أوج شبابه وعزمه وقد كانت سنوات عمره السبع والثلاثون على قصرها مليئة بالأحداث، أدباء وشعراء عدوا من الروّاد والأوائل الذين كانت أسماؤهم تملأ الأسماع كالغزاوي والسباعي والعواد، والقنديل، والسرحان، والآشي، والأنصاري، وعزيز ضياء وغيرهم وقد تأثر هؤلاء الأدباء والشعراء بأدباء وشعراء مصر والشام والمهجر، والأستاذ محمد سعيد عبد المقصود كما ذكر الدكتور محمد آل حسين في الكتاب الذي رصد فيه أعمال وآثار هذا الأديب الرائد لم يكن من أولئك الذين أقبلوا على الاحتذاء والتقليد، وإنما كانت له شخصيته المستقلة وتشهد بذلك مقالاته وآثاره التي تضمنت الكتاب، وهي مقالات تصور لنا ابن الحجاز كما هو في شخصيته الحجازية.. فكره حجازي ولغته عربية أصيلة، وموضوع أدبه قضايا مجتمعة، وطريقة تفكيره ما يملي عليه مجتمعه ووطنه وما يحيط به في تلك الأيام من ظروف وأحوال.
.. كان الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود مهتماً بأدب الحجاز.. ومهتماً بتثقيف الناشئة وما كتابه الكبير ذو القيمة الأدبية والتاريخية ((وحي الصحراء)) إلاّ دليل على أنه قدم صفحة من أدب الحجاز مشرفة ناصعة البياض ضمت، كما جاء في المقدمة التي كتبها الكاتب العربي الكبير الدكتور محمد حسين هيكل صاحب ((منزل الوحي))، نماذج من الشعر والنثر الذي جادت به قرائح طائفة من شباب بلاد كانت مهد الأدب العربي ومتنزل الوحي على النبي العربي صلى الله عليه وسلم وما تزال مطمح أنظار الأمم التي تتكلم العربية وتدين بالإسلام. أصدر رحمه الله هذا السفر القيم بمشاركة صديقه الشاعر والأديب الكبير عبد الله بلخير حيث عكف وإياه على جمع مادته والتأليف بين ما احتوى من نثر وشعر لأدباء الحجاز المعاصرين في الفترة التي ظهر فيها الكتاب ((عام 1355هـ)) ليكون صفحة مشرقة لأدب الحجاز في ذلك العصر. وقد رأى الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود كما جاء في أحد مقالاته أن قادة النهضة الحجازية الفكرية وقد كانوا من الشباب، حيث ذكر هيكل في مقدمة ((وحي الصحراء)) أنهم لم يبلغوا الثلاثين ولم يتجاوز الأربعين منهم أحد، والكثرة الكبيرة تقع بين الثلاثين والأربعين- جلّهم إن لم يكن كلهم تثقفوا فيه وبالرغم من المادة المدرسية التي تغذوا بها بين جدر المدارس الحجازية المختلفة المناهج والاتجاهات فإن ثقافتهم التي لمسنا أثرها في كثير من المواقف هي نتيجة مطالعات خاصة ودراسات شخصية مستقلة أي ليس للمدرسة الحجازية فيها أي أثر إلاّ في تكوين الموقف البدائي المحدود، والنهضة الفكرية في الحجاز كما جاء في مقال الأستاذ محمد سعيد، بدأت بتأثر عدد كبير من شعراء الحجاز الشباب في العصر الحسيني -إشارة إلى الشريف حسين- بكتّاب وشعراء المهجر إذ عشقوا أدبهم وهضموه وقلَّما تجد شاباً مثقفاً يومذاك إلاّ وقد تأثر بالثقافة المهجرية، إلاّ أن تلك الثقافة -على حد قوله- لم تنتج أو تثمر عن نتاج طيب إلاّ لدى البعض.
.. عرف عنه رحمه الله، وقد تولى إدارة مطابع الحكومة في مكة المكرمة أو المطبعة الأميرية واشتغل بالصحافة كمدير لتحرير صحيفة أم القرى، اهتمامه بالأدب والأدباء وكان رحمه الله من الأسماء البارزة التي ساهمت في إثراء الساحة الثقافية والحركة الأدبية في الحجاز من خلال دعمه للأدباء الشباب وتشجيعهم رغم أنه كان من أندادهم ولم يكن اهتمامه بالأدب والأدباء بدافع تشجيعهم وتقديم العون لهم لنشر إنتاجهم فقط، وإنما كان أساساً مهتماً ومهموماً بصناعة الكتاب فكان من روّاد هذه الصناعة في هذه الديار المقدسة، وانطلاقاً من اهتمامه بمختلف كتب التراث العربي في الأدب والشعر والتاريخ -وقد كان مولعاً بالقراءة شغوفاً بتلقي العلم بين دفات الكتب كما ذكر المقربون منه، وأشار إلى ذلك الدكتور آل حسين في دراسته- قام رحمه الله بنشر عدد من كتب التراث بعد تحقيقها على أيدي كبار الأدباء والمؤرخين دون أي إشارة على صفحات هذه الكتب وتلك على أنه المنفق أو المتكفل بطباعتها كما يفعل البعض أو الأكثرية، وأهم هذه الكتب كتاب ((تاريخ مكة للأزرقي)) وقد حققه الشيخ رشدي ملحس، ورغم أن ما كان يقوم به الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود من جهود تماثل قليلاً الدور الذي كان يقوم به الشيخ محمد سرور الصبان الذي كان يحتوي معظم الأدباء ويدعمهم بالرعاية والتشجيع فإن ذلك لم يؤثر في علو شأن ابن عبد المقصود وإن كان أدباء وشعراء ذلك العصر تحاشوا الإشادة به مراعاة لنفوذ الصبان وما كان يتمتع به من جاه وسلطان. إلاّ أن محمد سرور الصبان الكبير بأخلاقه وأدبه وفكره قال في رثاء محمد سعيد عبد المقصود ((لقد خسرت البلاد بوفاة هذا الرجل خسارة كبيرة، ربما أحسها أنا أكثر من غيري)).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :302  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 116 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج