شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(الحلقة الخامسة)
3- عسير:
طالب مندوبو اليمن بإعادة مقاطعة عسير لأنها يمانية، ولأن الأدارسة كانوا مغتصبين لها؛ والحقيقة غير ذلك. اسم عسير ولم يرد ذكره في معاجم القدماء وتواريخهم، وإنما كان يسمى (السراة) أو (طوء) بفتح أوله وتسكين وسطه، وتسميتها بعسير يرجع إلى أن قبيلة عسير التي كانت تسكن في قسم من هذه المقاطعة قد أُتيح لها فأخضعت بقوتها أكثر قبائل السراة، فسميت باسمها، وهذا كان في أوائل القرن الثاني عشر وقد ذكر المؤرخون أن ((السراة)) كانت من أعمال الحجاز فقالوا: إن المهجرة وعمك كانتا من أعمال مكة (1) كما أنهم قالوا إن الحدَّ الفاصل بين مكة وأعمال اليمن شجرة عظيمة كانت بين سراج والمهجرة (2) . هذا تاريخ عسير القديم؛ وإن كان غامضاً إلاَّ أنه أوضح أن هذه المقاطعة كانت منفصلة عن اليمن (3) ، أمَّا تاريخها الحديث فأوله يرجع إلى أوائل القرن الماضي حينما ظهرت دعوة آل سعود إذ كانت قبائل عسير من دعاتها وأعوانها وكانت مركزاً حربياً ذا أهمية كبرى، فكانت تجند منه الأجناد إلى اليمن وإلى الحجاز وإلى جهات الشام (4) ، ثم عندما حصلت حوادث الدرعية عام 1233هـ حدث على عسير ما حدث على غيرها وأعقبها فتن داخلية استمرت إلى عام 1287هـ حينما أسست الحكومة العثمانية أوضاعها الإدارية المشهورة، ومن بعد ذلك أطلق على عسير ((متصرفية عسير)) وفي عام 1329هـ حصلت الفتنة المعروفة بفتنة محمد علي الأدريسي والتي انتهى أمرها بتنصيبه قائمقام على صبيا وجيزان وأبي عريش، ولما نشبت الحرب العمومية توسع الأدريسي في مقاطعته من الجهات الجنوبية فوصل إلى الحديدة واستولى عليها، وفي عام 1338هـ وقع مع مندوبي جلالة الملك معاهدة صداقة وضحت فيها القبائل التابعة لكل من الطرفين، وبتاريخ 10 صفر 1339هـ أبرمت تلك المعاهدة، وبعد وفاة محمد علي (في شعبان 1341هـ) تقدم الإمام يحيى واستولى على الحديدة وجميع الساحل حتى ميدي فثارت عسير على السيد علي وبايعوا السيد الحسن، وبذلك رجعت مقاطعة عسير إلى ما كانت عليه قبل الحرب عبارة عن ثلاثة أقضية: صبيا وجيزان وأبو عريش. وفي 14 ربيع الآخر عام 1345هـ شملت عسير بحماية جلالة الملك بموجب المعاهدة المعروفة بمعاهدة مكة المكرمة، وبموجبها سميت عسير بالمقاطعة الإدريسية وفي 17 جمادى الأولى 1349هـ أبرق السيد الحسن إلى جلالة الملك برقية جاء فيها ما يلي: ((.. فتقرر بموافقتنا ورضانا إسناد إدارة بلادنا وماليتنا إلى عهدة جلالتكم)) ومنذ ذلك التاريخ أصبحت إدارة تلك المقاطعة بيد الحكومة وجُعل للسيد الحسن مقام ممتاز بقي فيه إلى أن حدثت فتنته في 6/7/1351هـ على الشكل المتقدم، هذا ولم يعرف قط أن أحداً من عسير اشترك مع الإمام يحيى في شيء من حروبه لا في أيام ثورته على الأتراك ولا بعد ذلك حين نشوب الفتن الداخلية في اليمن، بل كانوا -ولا يزالون- لا يريدون لمن في اليمن ولاية عليهم على ذلك وأكبر دليل ثورتهم على السيد الحسن حينما فلتت الحديدة وجميع الساحل حتى ميدي من يده.
هذا مجمل حالة عسير الجغرافية والتاريخية والسياسية، ومنه يظهر أن دعوى من في اليمن من أن عسير تابع لليمن غير صحيح، أمَّا كون الأدريسي اغتصب عسير، فهو لم يغتصبها من اليمن، بل إن كان هناك اغتصاب فيكون من الحكومة العثمانية لا من اليمن، وطلب من في اليمن إرجاعها إليهم بعد أن ضمت إلى المملكة العربية السعودية بطريقة أصولية طلبٌ لا تجيزه القوانين الدولية. أمَّا من الوجهة الجنسية فهذه عصبية يأمرنا الدين باجتنابها، والمسلم مسلم أينما حلّ وحيثما استقر، والعربي عربي إن أنجد أو استيمن، ونبرأ إلى الله أن نقول غير هذا، ونعوذ بالله أن نصوت في بوق الفتنة بعد أن ألف الإسلام بين قلوبنا وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران: 103).
4- نجران:
طلب مندوبو اليمن بنجران. يخجلنا أن نقول: إن من في اليمن طالبوا بنجران واستفتوا الحكومة فيها، بعد أن احتلوا ديارهم وحرقوا بيوتها، وقطعوا نخلها، وشردوا أهلها؛ بعد أن فعلوا هذه الفعال، وفي الوقت الذي كانت جنودهم تعيث في نجران فساداً استفتوا الحكومة في نجران وطلبوا ضمها إلى اليمن. فأين هذا العدل؟ وأين هذا وشفقة الإسلام؟
- تاريخ نجران غامض ولا يوجد -لا في القديم ولا في الحديث- تفاصيل عنه تشفي الغليل، ونستطيع أن نجزم بأن نجران هي إحدى الأمم المجهولة التاريخ، وبالرغم من أنَّ الدعوة السعودية حين ظهورها وامتداد أمرها وصلت إلى نجران وتعدته إلى ما وراء ذلك فعمت تهامة وقسماً من اليمن من الجهات الجنوبية الغربية لنجد، وبالرغم من أن الغزوات وصلت إلى الجوف والبتراء واجتازتهما إلى حوران والكرك حتى أبواب فلسطين من الجهات الشمالية، وأن هذه الانتصارات الباهرة لفتت أنظار الكتّاب والباحثين فجالوا بأقلامهم نحو ذلك وتعرضوا -صحبة الباحث- للتاريخ إلاَّ أنهم لم يتعرضوا لتاريخ نجران القديم بشيء، بل كانوا يعدونه ضمن الجهات التي عمتها الدعوة السعودية، والسبب في هذا على ما نعتقد أن تاريخ نجران القديم مجهول بالمرة. هذا كل ما نستطيع أن نقوله عن تاريخ نجران القديم في الوقت الحاضر، أمَّا اتصال نجران وعلاقته بنجد فهو اتصال قديم، قضى به موقع نجران الجغرافي من نجد؛ ولما ظهرت الدعوة السعودية في القرن الثالث عشر كان أهل نجران والياميَّة ممن انضموا إليها وانتصروا لها وقد توالت الوفود على نجد في عصر سعود الكبير فكان من ضمنها وفد أهل نجران، وقد حرر لهم عهد اليسير فيهم بموجبه؛ وقد بقي هذا العهد محفوظاً لدى النجرانيين.
للبحث صلة، مكة: متألم
 
طباعة

تعليق

 القراءات :370  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 97 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج