شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(الحلقة الأولى)
اللَّهم إنَّا نعوذ بك من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
الله يعلم أن القلب ليتقطع، وأن الفؤاد ليتمزق وأن العين لتدمع كلما خطر ببالنا ذلك النزاع الناشب بين نجد واليمن، لأن النفوس التي تهصر والأرواح التي تزهق والأناس التي تجندل لم تكن إلاَّ عربية من العرب وأبناء العرب.
مَنْ في اليمن عرب منَّا وإلينا، ومن في نجد والحجاز عرب منَّا وإلينا، والكل أعزاء علينا، يؤلمنا ما يؤلمهم، ويؤثر علينا ما يؤثر عليهم وفي الحديث الشريف: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
ويعلم الله أن قلمنا يبغض أن يخط كلمة واحدة في ما يثير الفتنة، لأنا أحوج الناس إلى السلم والسكينة، وحالة العرب أحوج بكثير إلى التآزر والتآلف. الله يعلم منَّا ذلك. حدث ما حدث في الجنوب فأشغلت تلك الحوادث العالم العربي والإسلامي فأشرأبت أعناقهم تتطلع في حزن لما يثيره العرب في بلاد العرب حصنهم الحصين الذي إليه يلتجئون، وهم لا يعلمون عن أمر النزاع حقيقة جلية ظاهرة وكل ما لديهم أقوال عن الصحف فيها الغث وفيها السمين، وفيها الحقيقة وعكسها ((كلٌّ يعمل على شاكلته، وما ربك بظلام للعبيد)). والآن قد اعتزمت الحكومة السعودية على إصدار كتابها الأخضر عن حوادث الجنوب فقد أحسنت صنعاً وبعملها هذا ستميط اللثام عن حقيقة الموقف، وسيتضح للعالم أجمع حقيقة الموقف، فتظهر الحقيقة ناصعة، وعند ذلك لهم الحكم في هذا الموقف، في هذه الحرب الضروس.
وقد رأينا من واجبنا أن نقوم بسرد الحوادث الجنوبية لتسجيل الحقائق خدمة للتاريخ فنقول الحق وإن كان مُرًّا ونبحث الحقيقة وإن كانت مؤلمة، لأن التاريخ أجلّ وأعظم من أن يقبل الغش.
ونرى أنَّ من الفائدة قبل أن نتكلم عن النزاع الحديث أن نبدأ بذكر الحوادث القديمة بصورة إجمالية ليكون القارئ على بيِّنة وليعلم كيف كان الموقف يتطور، وليعرف المتسبب لهذه الحوادث، ثم له رأيه وحكمه.
تاريخ حدود اتصال المملكتين:
يرجع تاريخ اتصال حدود المملكتين إلى عام 1338-1340هـ، إذْ في هذه المدة اتصلت حدود جلالة الملك ابن سعود بحدود سيادة الإمام يحيى، وذلك بانضمام مقاطعة عسير إلى مملكة جلالة الملك بالوصاية أولاً وبالحماية ثانياً.
الوفد الأول إلى صنعاء:
وعلى أثر ذلك أوفد جلالة الملك وفده إلى صنعاء في شهر ذي القعدة سنة 1345هـ يحمل خلاصة ما تمَّ بينه وبين الأدارسة، ويطلب تثبيت الحدود بين المملكتين بصورة واضحة جلية، فذهب الوفد إلى صنعاء ورجع في عام 1346هـ بدون جدوى لأن سيادة الإمام يحيى كان يعتبر أن عسيراً جزءاً من اليمن (1) ، وأن الأدارسة مغتصبون له، وأنه يقبل ببقاء الحالة على ما هي عليه.
الوفد الثاني إلى صنعاء:
عند ذلك صدر أمر جلالة الملك للوفد بالرجوع مرة ثانية إلى صنعاء للاتفاق على بقاء الحالة على ما هي عليه، فوصل الوفد إلى صنعاء وعقد مع مندوبي اليمن عدة جلسات كانت من نتيجتها أن تعيَّنت الحدود على الشكل الآتي:
الحدود الشرقية: من نجران وشمال تابعة لممالك جلالة الملك، ومن وابلة ويمن تابعة لليمن. والحدود الجنوبية: من ابن صبحان وجنوب تابع لليمن، منه وشمال تابع لعسير، وأن يكون جنوب جبل عرو لليمن وشماله لعسير، وأن يكون الحدّ الفاصل في تهامة بين الحكومتين ميدي. وقد أقرَّ القاضي مندوب سيادة الإمام يحيى هذه الحدود في جلسة يوم الأحد 9 رجب 1346هـ.
الوفد الثالث إلى مكة:
كان الإمام يحيى يقول إن في تحديد الحدود السابقة غبن على اليمن، واعتمد عرض المسألة على جلالة الملك فأرسل وفداً من اليمن مع الوفد الحجازي فوصل إلى مكة في شهر رمضان 1346هـ، وبعد وصوله حصلت عدة اجتماعات أسفرت عن: أن الوفد اليمني لم يكن مزوداً بأية تعليمات، وأن ليس لديه من الصلاحية أن يقول كلمته لا في تهامة ولا في عسير، ثم حدث بعد ذلك الشقاق في صفوف الوفد اليمني وأسفرت عن إرسال رئيسه برقية إلى سيادة الإمام يحيى يستقيله، وعلى إثر ذلك رجع الوفد اليمني، ووقفت المفاوضات عند هذا الحد.
بدء المنازعات:
إلى هنا انتهى تاريخ المفاوضات السلمية بين المملكتين، واستمرت الحالة على وضعها السابق إلى عام 1350هـ وهو العام الذي ابتدأ فيه النزاع بين الحكومتين وأُشهر بعده السيف من غمده، فتلته الحوادث المحزنة التي لا تزال مشتعلة بين أبناء العرب في بلاد العرب بأيد العرب. وسنأتي عليها إن شاء الله.
للبحث صلة (متألم)
 
طباعة

تعليق

 القراءات :416  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 93 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.