شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الخوجه والتعليم
إن طائفة غير قليلة من مُعَمِّري الجيل السابق في ريفنا المصري، لا تزال تَنْعَتُ (المعلم) بـ (الخوجه) وأحسب أن هذا النعت لم يكن مقتصراً على جيل النهضة في مصر، بل في كل البلاد العربية التي ظللها الحكم التركي، لأني سمعته في الجزائر وتونس، وليبيا، ولبنان، وسورية، والعراق.. يطلق على كل مشتغل (بالتعليم المدرسي)، أما معلم الكتاتيب فكان يُدعى (الفقيه) وها أنذا أسمع كلمة الخوجه في السعودية، بعد أن رحلت إليها هذه الكلمة من مصر أو بسبب تواجد الأتراك بها، حتى إن رب أسرة من الأسر أو أكثر، يحمل هذه الصفة التعليمية، أَلاّ وهو الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجه.
ويبدو أن المرحوم محمد سعيد.. أحسّ بأن عليه التزاماً نحو تبيان مهام حامل هذا اللقب، فكتب سلسلة من المقالات تدور حول التربية والتعليم (واجبات المدرسة -خطة الدراسة -المعلم -فلسفة التعليم -أولياء الأمور -غاية المدرسة -التلميذ -الأخلاق -المجتمع والمدرسة -تعليم البنت -الوقت والفراغ.. وغيرها من العناوين الجانبية التي يمكن استنتاجها من خلال المقالات) (1) .
إن الوعي العميق بمشكلات المجتمع، كان سمة من سمات محمد سعيد خوجه، وهذا الوعي القائم على معرفة الأسباب والمسببات، وتقديم العلاج هو الأساس في الإصلاح، وبدونه سوف تبقى كل حركة، سواء أكانت تربوية أم اجتماعية أم اقتصادية أم تاريخية.. حركة عقيمة غير مثمرة، والأشخاص في كل مكان هم الذين يستطيعون التقدم إلى الأمام، وأعني بهؤلاء الأشخاص، أصحاب المبادئ، والعزائم القوية، والإيمان الراسخ، أو المواهب الخَلاَّقة التي تستطيع أن تقف في وجه التيار المنحرف، وفي وجه التحدي الزائغ عن الحق، لأنها بأيديولوجية معينة تتوافر فيها، ولها، ذات واعية فاعلة.
وقد كان محمد سعيد خوجه من هذا الصنف من الناس، فهو يحمل بين جنبيه روحاً متوثبة، ومعاناة شديدة، جعلته يمتلك الأساليب الصحيحة النافعة لوطنه، لأن هذا الوطن يريد تعليماً بمفاهيم جديدة، ومعايير غير تقليدية، وإذن يجب أن تتداعى سقوف الجهل، وتقوم عروش المدرسة. وهذا الوطن يريد تقدماً ورقيًّا، وإذن يجب أن تتداعى تلك العادات والتقاليد البالية، وهذا الوطن يريد إصلاحاً اقتصادياً وسياسياً، وإذن يجب أن نبحث عن بواعث الغزو الخارجي، ودوافع الفتن الداخلية التي أحدثت خللاً في البناء الداخلي، فمن أتراك.. إلى أطماع القبائل هنا وهناك، إلى حركة الشريف حسين، وما صاحبها من خداع إنجليزي.. وإذن يجب أن تقوم دولة ذات صبغة إسلامية تتناغم مع تاريخ البلاد، وقد جاءت هذه الحركة مع أسد الجزيرة (الملك عبد العزيز) لتستأنف دورها القوي في تاريخ البلاد ونهضتها، وقد عاصر هذه الحركة، وعمل على دعم أركانها محمد سعيد خوجه.
لقد رأى الخوجه بحسب إمكانيات وقته أن الرقي لا يشترى، وأن التقدم لا يمنح هبة، وأن التطور لا يتأتى من فراغ، ولا يقوم على خواء، بل لا بد من جد وعمل يقوم على خطة سديدة في جميع المجالات، أجل، إن التقدم والتطور ليس مجرد آلات وأجهزة ومصانع ومنجزات مادية فحسب، كلا، بل هما قبل ذلك عقيدة وفكر وتراث، وحصاد هذا الثالوث هو: المناهج، والتحول الإبداعي، والإنسان القوي، كل هذا يشكل حركة المجتمع، إنْ هو قَرَّر السير في الطريق الإيجابي الحركي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :457  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 31 من 153
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج