شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ يوسف دمنهوري ))
ثم أعطيت الكلمة لسعادة رئيس تحرير جريدة الندوة الأستاذ يوسف دمنهوري، فقال:
- بسم الله وبه نستعين، وعلى نبيه أفضل الصلاة والتسليم.
- لقد سرني الليلة جميعاً ونحن نجتمع بأخ كريم وزميل قديم، هو سعادة الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، وأعتقد أن الفضل بعد الله (سبحانه وتعالى) يرجع إلى حبيبنا وصديقنا الأستاذ عبد المقصود خوجه الَّذي أتاح لنا هذه الفرصة.
- بادئ ذي بدء أعتقد أن الغالبية هنا لا يعرفون الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، إلاَّ من خلال ما ألَّفه من كتب: "نحو إعلام أفضل" والكتاب الآخر الَّذي ألَّفه عن أبي سليمان.
- لقد تزاملنا منذ عام 1385هـ عندما كان مديراً لتلفاز الرياض، ولكن ما دام الأمر له علاقة بما ألَّفه من كتب وبحوث، أود أن أشير هنا إلى أنَّ كتاب: "نحو إعلام أفضل" يمثل ذروة في المثالية، التي يجب أن يلتزم بها الإعلام في جميع مراحله ويرتبط العاملون بمقتضياته؛ أعتقد أنه من الممكن تلخيص ما جاء في هذا الكتاب في عبارة وجيزة.
- أرى أنَّ الدكتور عبد الرحمن الشبيلي يرى في الإعلام أداة تعبير اجتماعي ووسيلة بناء حضاري، من هذا المنطلق يجب أن ينطلق الصحفيون العاملون في الصحافة نحو تحقيق أهدافه؛ هذا ما يمكن أن يقال عن هذا الكتاب، وهو يمثل نظرة مثالية قد تبتعد عن الواقع الصحفي أو الإعلامي - بصفة عامة - الذي نعيشه، لكن لا بد لنا من أن نعمل ونكرس الجهد لتحقيق ما يمكن تحقيقه.
 
- الكتاب الثاني الَّذي ألفه عن الشيخ محمد الحمد الشبيلي سفير المملكة في ماليزيا، منذ فترة طويلة إلى أن توفاه الله، فأعتقد أن صلة القرابة التي ربطته بهذا الرجل الشهم الكريم النبيل، جعلته لا يقول إلاَّ أقل القليل؛ الرجل لو تحدثنا عنه كإنسان، فهو يرتفع بإنسانيته إلى أعلى مستوى الإنسانية؛ وإذا تحدثنا عنه كمواطن، نجد أنه وهب حياته لخدمة بلاده؛ وإذا تحدثنا عنه كسفير، نستطيع أن نفخر به وبالمفاهيم الصحيحة التي يجب أن ننتفع بها في عالم غلبت عليه السياسات المادية.
- كنت أسمع عنه كثيراً، وكنت أتمنى أن ألقاه في يوم من الأيام، إلى أن سمحت لي الفرصة، حيث كنا أنا والدكتور عبد الرحمن بخش في مدينة بينناج في ماليزيا، ثم اتجهنا إلى مدينة كوالالامبور العاصمة، وصلنا هناك الظهر لنغادر كوالالامبور حوالي الساعة العاشرة ليلاً، وفوجئنا أنه كان في استقبالنا في المطار، وبعد ذلك علمت من أحد الأصدقاء أنه اتصل به وقال له: إنَّ فلاناً وفلاناً متوجهان إلى كوالالامبور؛ في الواقع استقبلنا استقبالاً رائعاً، وكأنه يعرفنا منذ سنين طويلة، ونحن نجتمع به لأول مرة، شكرناه على هذا العمل أو المبادرة النبيلة منه، وقلنا له: سوف نتوجه إلى أحد الفنادق في كوالالامبور، فطلب منا أن نتوجه إلى منزله، فكنا حريصين على ألا نكلف عليه، فقلنا له: إنا نرغب أن نذهب إلى الفندق، فقال: ليس هناك مانع.. إنما أريد أن أتجول بكم في شوارع كوالالامبور؛ وتجول بنا من الساعة الثانية ظهراً إلى الساعة السابعة مساءاً، وكان يقف بنا عند كل معلم من معالم كوالالامبور ليعطينا نبذة عنه؛ بعد ذلك اتجه بنا إلى منزله وأدينا صلاة المغرب جماعة، ثم قال لنا: العشاء في انتظاركم؛ بعد ذلك قال لنا لقد حان الوقت الآن للتوجه إلى المطار.
- تصوروا رجلاً مثل هذا يصرف عشر ساعات من وقته لاستقبال شخصين من مواطنيه، لم يتعرف عليهما من السابق!! ليس هذا ديدنه مع شخصين أو مع أناس معينين، بل كان مع كل مواطن يذهب إلى هناك، فيجد منه نفس المعاملة ونفس الأسلوب في الترحاب والتكريم؛ وله مآثر كثيرة منها: أنه كان يؤدي صلاة الجمعة في مسجد معروف في كوالالامبور - أعتقد اسمه نجاراً - وكان يصطحب معه حافلة إلى المسجد بعد الصلاة، يأخذ من تبقى في المسجد ليتناولوا معه الغداء في منزله؛ وما أكثر المبادرات التي كان يقوم بها؛ وأعتقد أن الدكتور عبد الرحمن الشبيلي لم يتطرق إلى هذه التفاصيل، قد تكون صلة القربى منعته من التطرق إليها، غير أنني أعلم أنه على علم بها.
- الدكتور عبد الرحمن الشبيلي بدأ عمله في الإعلام منذ عام 1383هـ، إنما أنا تعرفت عليه عام 1385هـ وتزاملنا منذ ذلك الحين الذي عرفته فيه؛ إنه رجل إعلام من الطراز الأول، وإنه إداري حازم، إلاَّ أنَّه في ذروة حزمه تخونه مشاعره، فتختلط مشاعر الإنسانية بالحزم الإداري؛ هذا ما عرفته عن الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، وله مواقف كثيرة في ذلك الحين، كنا نتهيأ لافتتاح التلفاز الذي تم افتتاحه على - ما أعتقد - في 19 ربيع الأول عام 1385هـ، كان علينا في فترة وجيزة أن نعد لهذه الفترة الصعبة في ذلك الوقت بالذات، التلفاز في ذلك الوقت عندما افتتح كان نتيجة اتفاقية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية، على أن يقوم سلاح المهندسين الأميركي بإنشائه، ويتعاقد مع إحدى الشركات الأميركية للتشغيل والصيانة، فاختار شركة الـ MBC في ذلك الحين. كان من أهم الواجبات التي يجب أن نؤديها - قبل افتتاح التلفاز - أن نعد الكوادر البرامجية، لم تكن هناك كوادر سعودية على المستوى المطلوب في المجالات الفنية، كالإخراج، والديكور، والإضاءة، والتصوير، والتحميض، وما إلى ذلك..، لكن كان يجب علينا أن نستعد للمرحلة القادمة؛ وكان وزير الإعلام آنذاك الشيخ جميل الحجيلان، فحصل على موافقة مجلس الوزراء على استثناء الطلبة الراسبين في التوجيهية وتعيينهم في المرتبة السادسة، وكان أمامنا ستون وظيفة لكي نشغلها بهؤلاء الموظفين لإعدادهم للمرحلة القادمة.
- وكنت والدكتور عبد الرحمن الشبيلي نتحاور في هذا الأمر، حيث إنه من المتعذر أن نشغل هذا العدد من الوظائف، واتفقنا على أن نستقبل الَّذين لم يحالفهم الحظ في المرحلة الإعدادية، ورسبوا في المرحلة الأخيرة من مراحل الإعدادية، وأقنعنا معالي وزير الإعلام - آنذاك - الشيخ جميل الحجيلان وقلنا له: إننا لا نريد أن نستفيد من هؤلاء الآن، إنما هؤلاء سيبتعثون إلى الولايات المتحدة الأميركية للتدريب في مختلف مجالات التلفاز، فوافق على ذلك، وابتعثت الوزارة ستين شخصاً هم الآن الَّذين يتولون الأعمال القيادية في التلفاز، منها: الفنية، ومنها: الهندسية، ومنها: الإدارية.
- أول بداية التلفاز كان يتحرك في مساحة محدودة جداً، كظاهرة جديدة في حياتنا كان هناك المؤيد لها وكان هناك المعارض لها، لكن استطعنا من خلال العمل الجماعي - الَّذي كان يقوده معالي الوزير الشيخ جميل الحجيلان - أن نتجاوز كافة العراقيل في فترة قياسية، واستطعنا - كمجموعة - أن نقدم ما يتفق مع تلك المرحلة، بل تجاوزناه بما كنا نقدم من مسلسلات وبرامج ثقافية واجتماعية الخ..
- الدكتور عبد الرحمن الشبيلي كان يعمل - دائماً - وهو ينظر إلى البعد الثالث كما ذكر الزميل الدكتور القحطاني، لهذا السبب كان يستقطب الكبار أو النخبة من المثقفين من أساتذة الجامعة في تقديم المواد البرامجية، وأعتقد أنه - بالجهد الشخصي - استطاع أن يقنع معالي الدكتور سليمان السليم أن يقدم برنامجاً سياسياً يدور حول ما تنشره الصحف العالمية، أعتقد أن عنوانه: "أضواء على الأحداث العالمية"، وهناك برنامج ثقافي آخر بعنوان: "ندوة التلفاز" بدأ به زميلنا الأستاذ عباس غزاوي - والكل يعرفه - ثم بعد ذلك تناوب على هذا البرنامج أساتذة عديدون، أنا لم أكن أستاذاً من بينهم إنما قدمته بعض الوقت، وآخر من قدم هذا البرنامج معالي الدكتور محمد عبده يماني، قبل أن يصبح وزيراً للإعلام.
- الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، إذا تطرقنا إلى الوفاء في أعماق نفسه يمكن أن نتحدث عنه كثيراً ولا ننتهي إلاَّ بعد وقت طويل؛ إنما هنا أذكر حادثة بسيطة، ففي عام 1395هـ عندما تركت العمل الوظيفي في الدولة.. تعرضت لحادث انقلاب سيارة، كانت النتيجة أن كسرت فقرة من فقرات العمود الفقري في ظهري، فحملوني إلى الرياض وأدخلوني إحدى المستشفيات الأهلية، وألبسوني قميصاً من الجبس، وكان مزعجاً لي في ذلك الوقت؛ فأفاجأ بزيارة الزميل الصديق الدكتور عبد الرحمن الشبيلي في منزلي، قال لي: ما هذا؟ قلت له هذا الَّذي تراه، وأنا الآن أشعر بحالة سيئة جداً، أعيش حالة سيئة جداً؛ خرج من عندي وعاد مرةً ثانية، وقال لي: تستطيع الآن أن تذهب إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي؛ وهناك أزاحوا عني القميص الجبسي، وعالجوني معالجة حديثة تختلف عما كانت عليه في السابق.
- ليس هذا فحسب، بل فوجئت بأمره بانتداب أخي عبد الله دمنهوري - الَّذي كان يعمل مديراً لأخبار التلفاز في جدة - إلى الرياض لمدة شهرين، لا ليعمل هناك وإنما ليكون بجانبي، وهي مخالفة نظامية؛ لكن الإنسانية الآن تحتم تجاوز بعض الأنظمة، الالتزام بروح النظام شيء ضروري، إنما هناك أشياء يمكن للمسؤول أن يتجاوزها.
- هذه بعض لمحات عن زميلي وأخي الدكتور عبد الرحمن الشبيلي، وأعتقد أنها لا تمثل إلاَّ جزءاً بسيطاً من الأمور التي أختزنها في الذاكرة، وأرجو أن يتقبل عذري الزميل الدكتور عبد الرحمن لضيق الوقت، ولإتاحة الوقت لغيري أن يتحدث.. وشكراً.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1029  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 50 من 171
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج