إن أردت العلم فاقصد حلبا |
فالنجوم الزهر فاقوا الشهبا |
إن شيخي طيب من طيب |
ينفحُ الطيِّب دوماً طيبا |
هذا (أبو غدةٍ) في علمه علَم |
فإنَّه مَنْهَلٌ للظامىء السَّغب |
هذا (أبو زاهدٍ) إن كنتَ تجهلُه |
فما أتى مثلُه في سالف الحِقَب |
مَنْ مثلُ (شيخي) في فهمٍ ومعرفةٍ |
مَنْ مثلُه في فنونِ العلمِ والأدب؟ |
فيا رعى اللهُ أيَّاماً بصحبتِه |
مرتْ بنا كوميضِ البرقِ في السحب! |
عرفتُه فعرفتُ الفضلَ شيمتَه |
علاَّمةُ (الشام) شيخُ العلمِ والكتب |
(أبو حنيفةَ) في رأي وفي جدلٍ |
يسمو بهمتِه لأرفع الرُّتَب |
يأتيكَ بالرأي جَزْلاً دونما حصَر |
ورأيه الصدق ما في ذاكَ من رِيَب |
تسمو البلادُ بأبناءٍ جَهَابِذَةٍ
(2)
|
وإنما العلمُ والآدابُ في (حلب) |
مدينةُ العلم كمْ باهى الزمانُ بها |
مدينة الشعر والفرسان والطرب! |
فأين مني (سيف الدين) قائدُها |
مَنْ قاومَ الرومَ لم يَضْرَب ولم يُعَب |
(ستين) معركةً قدْ خاضها وقضى |
على القياصر أهلِ الجوْر والصُّلُب |
هذا (عليٌّ)
(3)
وما أحلى مجالسَه! |
وتلكَ دولتُه تزهو على الشُّهب |
وذاكَ (أحمدُ)
(4)
رَبُّ الشعر، نافَسَهُ |
(أبو فراس)
(5)
أميرُ الشعر والحرَب |
يشدو فمُ الدهر ألحاناً موقّعةً |
(ملاحماً) خطَّها في الساحِ لا الكتب |
كَمْ أنجبتْ من رجالٍ كالنجوم عُلا |
وكم سَمتْ برجالٍ قادة نُجُبْ! |
قومٌ إذا غَضِبُوا ضجَّتْ لغضبتهم |
جحافلُ الكفرِ بين القَصْفِ واللَّهب |
شُمُّ العرانين، أبطالٌ جحاجحة |
بيضُ الوجوه كِرامُ الأصل والنَّسب |
وتلك (قَلْعتُها) الشَّماءُ ناطقةٌ |
شابَ الزمانُ فلم تَضْعُفْ ولم تَشِب |
يفنى الزمانُ ولا تفنى مآثرُها |
وليس في أرضِها رِجْلٌ لمغتَصِب |
يا أيها (المحتفي) بالشيخ تكرمةً |
هذا الفخارُ، وهذا غايةُ الأرب
(6)
|
كرمتمُ العلمَ والإخلاصَ في رجل |
سما بهمته العلياء للشُهُب
(7)
|
العالِمُ العاملُ المحمود سيرتُهُ |
ربُّ البيانِ، إمامُ الفقهِ والأدب |
يجزيكَ ربُّك في تكريمِ (عالِمنا) |
فأنتَ للعلما كالوالِد الحدِب |
كرمتَ كلَّ أبيٍّ مخلص عَلَم |
مثل (الدواليبي) و(الزرقا) ذوي النسب |
ثلاثةٌ في سَما (الشهباء) لامعةٌ |
مِثلَ النجوم تراءتْ دونما حُجُب |
قد طاولوا النجمَ لن تَفْتُرْ عزائمهم |
وزاحموا الناسَ في التحصيلِ بالرُّكب |
فإن طلبتَ من العلياء منزلةً |
فالمجدُ بالعلمِ، ليس المجدُ بالنشب
(8)
|
العلمُ نورٌ وكمْ من أمةٍ نهضتْ |
بعالِم فسمتْ فيه إلى الشُّهُب |
إذا رأيتَ عناءً في مسالكِهِ |
فسوف تجني ثمارَ الجُهْدِ والنَّصَب |
الله يَشْهَدُ أني لا أجامِلُه |
هي الحقيقةُ، ما في ذاكَ من رِيَب |
يقضي الليالي في بحثٍ وفي طلب |
محافظاً وقته يأتيكَ بالعجب |
الوقتُ أَنْفَسُ شيءٍ أنت ذاخِرُه |
أغلى من الذهب
(9)
الإبريز والنَّشَب |
أجهدتَ نفسَك في العلياء تخطبها |
كالشمس ساطعةً في برجها الذهبي |
مَحَبَّةٌ (لرسولِ الله) صادقةٌ |
إن المحبَّ لخيرِ الخلْقِ لم يَخِب |
قد قال (شاعرُنا)
(10)
ويا لحكمَتِه |
بنتُ التجارب والتفكير والدأَبِ
(11)
|
(بَصُرت بالراحةِ الكبرى فلم ترها |
تُنالُ إلاَّ على جِسْرٍ من التعب) |
والله أسألُ عزَّ المسلمينَ به |
فإنَّه أملُ الإسلام والعَرب |
صلى الإلهُ على الهادي وعترتِه |
ما غنَّتِ الوُرقُ في رَوْضٍ على عَذَب |