سألتني عن اللقاء القريب |
وصمتنا فما هنا من مُجيب |
وافترقنا وجئت أعلن حُبي |
تبعتني تسير سير الرقيب |
جئت أحيا الوفاء عرساً جميلاً |
لأديب مكرم من أديب |
جئت أحيا اللقاء يسمو كبيراً |
في اقتدار وفي جلالٍ مهيب |
لمن الحفل؟ رددت من جديدٍ |
وهي تُبدي مشاعر المستريب |
لمن الحفل والعروسُ أطلتّ |
تتهادى بكل ثوب قشيب |
لك في نجد عاشق فيك غنّى |
أغنيات الهوى بلحن طروب |
كلما هزه من الشرق وجد |
راح يرنو إلى روابي الجنوب |
* * * |
يا نسيم الجنوب كم للجنوب |
ذكرياتٌ تطل عبر الدروب |
كم لتلك الجبال في الأفق طيف |
لاح يسقي القنا بومضِ القضيب |
يوم لبت سيوفه صوت نجد |
كيف نعلي مكاننا في الشعوب؟ |
فأجاب الجنوب لبيك نجد |
ملأت نجد فرحة بالمجيب |
في اتحاد البلاد كل ارتقاء |
وبشرع الرحمن درء الخطوب |
ولواءُ التوحيد في الأفق يعلو |
ينشر العدل في الفضاء الرحيب |
هو شرع الرحمن سلمٌ وأمنٌ |
لا مكاناً في أرضنا للحروب |
فلتقر العيون للصقر عينٌ |
ليس تغفو عن عابث أو غريب |
* * * |
هؤلاء الرجال بالأمس جاؤوا |
وبنوهم أتوا بأمسٍ قريب |
يزرعون البلاد جهداً وفضلاً |
وهي ملأى بكل فذٍ أريب |
هذه الأرض منبعٌ من عطاء |
كلّ شبر بها كسهل خصيب |
غير أن الجهود عند التلاقي |
سوف تأتي لأهلها بالعجيب |
* * * |
حين جاء الرجال من كل فج |
كم (لظبيانَ)
(2)
بينهم من نصيب |
كم شجاعٍ في ساحة الحرب طود |
كم طبيب وكم لها من أديب |
رصعت صدرها نجوماً وتاهت |
ببنيها بكل فذٍ نجيب |
حين تمضي نجومها ليس يمضي |
ذلك النجم قانعاً بالمغيب |
طالما أشرقت شموس بأرض |
كان في غيرها أوان الغروب |
فابق فيها (سعيدُ) نجماً منيراً |
يزرع البشر في عيون الدروب |
وابق عنوان قصة من كفاحٍ |
سطرت سيرها بجهد دؤوب |
أول السطر أحرف من غبار |
خطّها الطفل في تراب الكثيب |
مسح الليل رسمها فهي تشكو |
حين تقسو رياحه بالهبوب |
يوم عز القرطاس والحبر شيء |
نيله في المحال بعض الضروب |
ويسير الفتى ففي الأفق قصدٌ |
راح يغري آماله بالركوب |
يمتطي عزمه وبالعزم يغدو |
مستحيل الآمال كالمستجيب |
فإذا ما بدا بعيداً بعيداً |
صار يبدو في عينه كالقريب |
* * * |
موطني في الهجير قد كنت طلاً |
ومن الشر واقياً والكروب |
كنت لي شاطىء الأمان وبُشرى |
كنت دمعي في بسمتي أو نحيبي |
كنت دوماً سحابة من عطاء |
ظلّ يهمي فما له من نضوب |
قد تضن العجاف في كل أرض |
غير وادٍ مكانه في القلوب |
إنها دعوة (الخليل) أجيبت |
فهي سيل من العطاء الرحيب |
رب إني أسكنت أهلي بوادٍ |
غير ذي زرع آملاً بالمجيب |
ذاك واديك موطني فاض خيراً |
وحملنا خيراته للشعوب |
فتغنت لك القلوب بعشق |
صار لحناً على شفاه الوجيب |
موطني في الشباب أخلصت ودّي |
وستلقاه مخلصاً في المشيب |
لك عهدٌ يا موطني ليس يفنى |
دفق حبّي إلى ثراك الحبيب |