شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 5 ـ (1)
ثم ذكر الأستاذ من الحفلات التي يقيمها الشباب السعودي، حفلة خاصة به في مكان يسمى (حوش الكردي) في (منى) يُدْعى إليها جميع أعضاء تلك البعثات من العالم بأسره، فتلقى الخطب والقصائد، ويلتقي الشباب بإخوانهم من الحجاج، ويتجاوب الجميع مع العاطفة الإسلامية، ووشائج القربى والجوار والمبدأ الواحد، وسمى بعض المتحمسين بالقيام بتلك الحفلات، كالشيخ محمد سرور الصبان، ومحمد سعيد عبد المقصود الذي وصفه بأنه لولب الحفل المتجدد كلها، وسمّى آخرين من الأدباء.
وقال: بأنه قبل ذهابه إلى (بيروت) ممن يدور في فلك تلك الحفلات، ووصف التقاءهم بالأستاذ طنطاوي جوهري صاحب التفسير المشهور، فسّر الأدباء من الالتقاء به كما ذكر الوزير المصري الأديب الدكتور محمد حسين هيكل، صاحب كتاب ((في منزل الوحي)) وجريدة (السياسة) الأسبوعية الذي احتفى به الملك عبد العزيز، وسر كثيراً من الشباب حين وجوده بينهم الحجاج في أواخر الثلاثينات، وخلص من ذلك للحديث عن كتاب (( وحي الصحراء )) الذي كتب مقدّمته الدكتور هيكل، وحمل الأستاذ بلخير نسخة منه بعد طبعها إليه ففرح بها، كما حمل نسخة أخرى إلى خاله أحمد لطفي السيد، فتقبّل الكتاب بمحبة وتشجيع، ثم ذكر بعض من قدم لهم نسخاً.
واستطرد في الحديث عن التعارف بذكر التقائه في حج عام 1939م بالزعيم اليمني أحمد النعمان الذي قدم مع بعثة الأزهر من (مصر) ودعاه الشباب في (منى) لحفلتهم، فتحمّس كعادته، وألقى كلمة مطوّلة دعا فيها إلى الوحدة العربية، واستشهد بما قال الشاعر بلخير:
شبهُ الجزيرة موطني وبلادي
من (حضرموت) إلى ربى (بغداد)
وقوبل خطابه باستحسان، وذكر طُرْفَةً عن التقائهما، وتحدّث عن النعمان وعن دخوله السجون وحمله الأغلال، وتوليه منصب وزير، فعضو في رئاسة الجمهورية، ووصفه بأنه من ذوي الطرف والملح مما يطرب ويعجب.
كما تحدّث عن لقائه بالحاج أمين الحسيني مستعرضاً ذكرياته معه في (بيروت) بإسهاب، كما ذكر الأستاذ حسن البنا، الغني عن التعريف والإشادة، والسيد محمد طاهر المُجددي الذي كان وزيراً مفوّضاً لبلاده (أفغانستان) يوم ذلك في (مصر) ثم في (المملكة).
ومن الشخصيات التي تترك أثراً في من اجتمع بها السيد محمد الغُنّيمي التفتازاني شيخ (الطريقة الغنيمية الصوفية) وتوسع في إطراء بعض تلك الشخصيات قائلاً: بأنه قصد من ذكر تلك الأسماء اللامعة بين جماهير الحجاج الإشارة إلى أهمية تلك الفريضة، وحضور ذلك المؤتمر السنوي، وتعارف الوافدين فيه من مشارق الأرض ومغاربها في العالم الإسلامي.
ووصف ما للالتقاء بمشاهير الرجال من شعراء وأدباء واقتصاديين وغيرهم من أثر في إشاعة المحبة والاحترام بين جميع الأقطار الإسلامية.
وعرض لموضوع ذي صلة بما تقدّم وهو (كيف يُسْتَقْبلُ المجاهدون من الشعوب العربية) وعرض نماذج من ذلك مستطرداً لذكر جمعيات مصرية لاحتضان الوفود، وذكر بعض مشاهير المصلحين والأدباء كعبد الحميد سعيد، ومحمد الخضر حسين من (تونس) ومحب الدين الخطيب صاحب مجلتي ((الفتح)) و((الزهراء)) و((مجموعة الحديقة))، ووصف ما لمجلة ((الفتح)) وجريدة ((الشورى)) من أثر في إيقاظ النائمين من سُباتهم بإطلاق الصرخات المدوية عن ما عرف في (المغرب) باسم (الظهير البربري) والظهير في لغة المغاربة المرسوم، ووصف بالبربري لأنه كان حركة استعمارية مدروسة مخيفة، طلع بها الاحتلال الفرنسي على المغاربة ليفصل بها بين سكان (المغرب) من البربر وإخوانهم، ويشيع بذلك الفرقة، ويكرّس الصراع والانفصال بالدعوة إلى إحياء اللغة البربرية، والأعراف الاجتماعية القبلية، لمحاربة الشريعة المحمدية، ووصف البربر بأنهم عرب أصليون يمنيون، أنسابهم تمُتّ إلى الجزيرة العربية بما تمت به أنساب القبائل العربية نفسها في (مصر) و(برقة) و(الشام) و(تونس) ذكر هذا كله ابن خلدون في تاريخه، وألف في ذلك المغاربة، والأمير شكيب أرسلان، ما ألفوا لإطفاء اللظى الذي أشْعل في غفلة العرب والمسلمين، وحيّا الإخوان من البربر في عهد استقلال (الجزائر) في أقطارها المتآخية من كل عربي ومسلم.
مخاض الحرب العالمية الثانية كما شهدته: من ص235 إلى ص308:
قال: (ولا يزال الكلام عن الأعوام الخمسة التي قضيتها طالباً في الكلية الثانوية في (بيروت) بين عامي 1935 و1940م)، وكانت أعواماً صاخبة بنذر الحرب العالمية الثانية، بين دول الحلفاء ودولتي المحور (ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية وحلفاء الطرفين).
ثم شرع بذكر بعض مقومِّات تلك الحرب، ومحاولاً وصف أسبابها وكيف كان هو وزملاؤه يتلقون أخبارها.
وانتقل من ذلك للحديث عن المؤامرة على البلاد العربية التي تمخضت عنها معاهدة (سايكس بيكو) التي قررت إعطاء (فلسطين) لليهود، وإخراج الأتراك من (سورية) و(لبنان) و(مصر) و(العراق) و(ليبيا) لتكون هذه الأقطار مستعمرات لفرنسا وبريطانيا وإيطاليا. وتذكر ما كان ينشره الأستاذ إميل الخوري مراسل جريدة، الأهرام، في (لبنان) من مقالات بعنوان (آثار أقدام) وتعرف بعد ذلك بالأستاذ إميل، حيث زاره في بلدته (برُمَّانة).
وزار دمشق في إحدى عطل العيدين عام 1936م لأداء صلاة العيد في (الجامع الأموي) وفي أثناء زيارته كان يتردد على مكتبة (آل عُبيد) في(المحمدية)، وعاد إلى (بيروت) ليتحدث عن صحفها التي تواكب مع صحف سورية أخبار تلك المعارك، مشيراً إلى أن تلك الصحف في عام 1935م قد ركّزت أضواءها بين الأحداث الجارية على حدث شغل الناس في البلاد العربية، ذلك أن قائداً عسكرياً تركياً هو الجنرال (وهيب باشا) الذي كان والياً عثمانياً على الحجاز، قد هَب من (تركيا ملتحقاً بالجهاد، ضد الغزو الإيطالي لبلاد الحبشة، ومرّ في طريقه بدمشق، فلقي بها ضابطاً عثمانياً من أصدقائه عندما كان في (مكة المكرمة) هو طارق الإفريقي النيجيري المسلم، الذي له تاريخ عجيب، لحياة عجيبة، ذكر بعض أطرافها، واستمر في الحديث عن وهيب باشا وأن طارقاً صحبه إلى ميادين القتال، وأطال الحديث عن هذا حتى خلص منه: بأن طارقاً عاد إلى (دمشق) وكان الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ممن سمعوا به، فلما عزم على إنشاء الجيش السعودي الحديث فكر في شخصية عسكرية، موثوق بدينها وعلمها وأمانتها لتولي تدريب النواة الأولى من الجيش، التي أنشأها فور توحيد البلاد، ومنها (عسير) التي كان القائد العثماني المشهور سليمان شفيق باشا إبان الحرب الأولى فيها، وقد أعجب به الملك عبد العزيز واستبقاه وأسند إليه المشاركة في تكوين الدفعة الأولى من الجيش السعودي الحديث، غير أنه كان قد تقدّمت به شيخوخته، فتنحّى عن العمل، وكان الشيخ المجاهد البشير السعداوي قد أصبح من مستشاري الملك عبد العزيز فذكر له اسم (طارق) لهذه المهمة، فكتب الملك لصديقه شكري القوتلي يستشيره، فَزَكَّى شكري الثناء على هذا القائد، وأطرى استقامته، فقدم طارق من (دمشق) وتولى تدريب الألوية السعودية التي كان يتولاها قادة سعوديون منهم سعيد الكردي وسعيد جودت، وإبراهيم الطاسان وغيرهم، وتسلم رئاسة أركان حرب الجيش السعودي، وكان الجيش مربوطاً بوزير المالية الشيخ عبد الله السليمان، يشرف عليه نائب الملك فيصل في سنواته الأولى، حتى أسند الملك عبد العزيز وزارة الدفاع إلى ابنه الأمير منصور بن عبد العزيز، ووثب الجيش في عهده الجديد وثبة عرفها كل من واكبها.
وقال الأستاذ بلخير: كان لطارق الإفريقي أثره في تطور الجيش حتى داهمته الشيخوخة فأحيل للتقاعد فعاد إلى (دمشق) حتى توفي.
وذكر بعد ذلك لقاءه به في (دمشق) وهو طالب في (بيروت) وما جرى بينهما أثناء المقابلة من أحاديث، وخلص من الحديث الطويل عن طارق بأنه كان عالماً بالعالَمِ، عارفاً بتاريخ الشعوب، واستمر في الذكريات عن الحرب الحبشية الإيطالية عام 1936م في العطلة الصيفية، ولظى الحرب العالمية الثانية قد التهبت حول البلاد العربية، فكان مع آخرين يتحلّقون في مكتب جريدة ((أم القرى)) حول رئيس تحريرها محمد سعيد عبد المقصود لقراءة الصحف الواردة من (مصر) و(سورية) و(لبنان) وما تنشره عن سير تلك الحرب، ويشترك معهم من يزور أبا عبد المقصود، وذكر منهم الشيخ عبد الله بن خثلان الذي أصبح فيما بعد أميناً للعاصمة (مكة المكرّمة).
ولم تفته الإشارة إلى أن الصحافة والإذاعات العالمية في أوروبا كانت تُضَللُ قراءها، وتصور قوة الإمبراطور وضراوة محاربيه، بأنهم سيفتكون بالجيش الإيطالي الغازي، إلاّ أن الأمر بعكس ذلك، فتلاشت خرافة (الرؤوس) وعبقرية (يهوذا هيلاسلاسي) فنادى بالفرار من بلاده وتشتت شمل جيشه.
ثم انتقل ليتحدث عن بعض القبائل الإسلامية التي حاربت فذكر قبيلة (الجالا) وتحدث عن (هرر) بأنه كان فيها ألف مسجد فهدم أكثرها، وبُني على أنقاض كل جامع كنيسة في عهد الإمبراطور الحبشي (منليك) الذي محا أكثر تلك الإمارات الإسلامية، وهبت أوروبا تؤيده.
وتحدث عن هذا الإمبراطور بتفصيل، وعن غيره ممن تولى الحكم في الحبشة، وقال عن نوايا هيلاسلاسي بأنه حين ذهب إلى (هيئة الأمم المتحدة في نيويورك) ألقى فيها خطاباً على مسمع ومرأى العالم بأسره، وبالأخص العالمين الإسلامي والعربي قال فيه بملء فمه رافعاً عقيرته بأنه يتعهد بإعادة جميع رعاياه المسلمين في بلاده إلى المسيحية التي خرجوا عنها، وأنه يتعهد العالم المسيحي بهذا.
ساق هذا العرض ليبرهن على سذاجة العرب وغفلتهم، ومعهم المسلمون كلهم في قرون انحطاطهم الأخيرة.
ولم تفته الإشارة إلى أجواء روحية للماضي قبل ذلك وإلى ما كتبه شكيب أرسلان، ومحب الدين الخطيب، ومحمد علي الطاهر وغيرهم وما لاقاه رعاياهم، وأنه لا يعمم به الشعب الحبشي الذي يحمل المسلمون له الذكريات الطيبة، وإنما يقصد بذلك من نشر العداوة والبغضاء بين المسلمين والمسيحيين من حكامه الجبابرة من أباطرة الحبشة، واستطرد في الحديث عن (هيلاسلاسي) و(ليج الياسو) و(منليك) و(ميخائل)، حتى خلص للقول: ارتفعت الراية الإسلامية ويعني بذلك قيام الإمام أحمد بن إبراهيم أحد القواد المسلمين المتحاربين المتصارعين على السلطة، فجمع الصفوف والتفّ حوله جماهير المسلمين وبايعته بالإمامة سنة (1506 ـ 1543) فحرر في عام 1531 الإمارات والسلطنات الإسلامية التي وقعت تحت سلطة أباطرة الحبشة، وامتد نفوذه على المناطق المتوسطة والجنوبية من البلاد حتى وصل إلى (كسلا) في (السودان) وما جاورها وأصبح صيته يملأ أفريقيا بأسرها فارتفعت به الراية الإسلامية.
هذا المد الإسلامي الجارف هو الذي حدا ببقية ملوك الحبشة إلى الاستعانة بالبرتغاليين الذين كانوا يتطلعون للوصول إلى الشرق ويفكرون بعد إخراجهم المسلمين من غرب أوروبا إلى استعمارهم، وملاحقتهم في عقر بلادهم، بلاد العرب، وتحدث بعد ذلك عن حملة القائد البرتغالي (فاسكو دي غاما) الذي وصل بأسطوله ورجاله الحبشة والسودان، ونازل الإمام أحمد في عام 1543، حتى لقي مصرعه على يده، وهكذا انتقل مد الحروب الصليبية من (أسبانيا) و(البرتغال) إلى مشارف المحيط الهندي والخلجان المتفرعة منه كالبحر الأحمر والخليج العربي حتى وصل إلى (الهند).
وأشار الأستاذ بلخير بأن المد البرتغالي امتد إلى (الصين) وقال: بأنه زار مستعمرة (مكاو) سنة 1959م، وأقام فيها دارساً متتبعاً لتاريخ وصول البرتغال إليها، وإلى جارتها (هونغ كونغ) ووصف رحلته على البواخر التي قام بها من ميناء (جدة) وانتهى بعد تجوله في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا إلى (مصر) وعاد إلى (جدة) بعد مضي عام كامل.
وانتقل بعد ذلك للحديث عن احتلال الإنجليز لشواطئ (الصومال) وإخراج المصريين منها، ثم منازعة الفرنسيين لنيل حصتهم في تلك المغانم مع الإنكليز، وعاد ليتحدث عن (منليك) وتوحيده لبلاد الحبشة، وأثره في إزالة معالم الإسلام.
ثم انتقل للحديث عن اندلاع الحرب العالمية الثانية حين عاد (الإمبراطور هيلاسلاسي) من منفاه في (لندن) إلى بلاده، حاكماً مطلق الصالحية، وأشار إلى أن بلاد الحبشة في القرن السابع الهجري تحتوي على سبع إمارات إسلامية، وعدها معوِّلاً في ذلك على كتاب ((الإلمام بأخبار من بأرض الحبشة من ملوك الإسلام)) لمؤلفه أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي وكتاب ((الإسلام في الحبشة)) وثائق صحيحة قيّمة عن أحوال المسلمين في مملكة أثيوبيا المنشور في (القاهرة) سنة 1354هـ وسمّى كتباً أخرى، كما سمّى من تلك الإمارات (السلطنة العفرية الإسلامية) وجميع سكانها من يسمون (الدناكل) وهم (العفر) مسلمون سنيون شافعيون، ولهم رواق في (الأزهر) يسمى رواق (الدناكل) وطلبة العلم منهم منتشرون في (هرر) و(أسمرة) و(اليمن) وفي (الحرمين الشريفين) وفي (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) في (الرياض) ولهم نشاط في نشر الدين الإسلامي، فأسلم بتأثيرهم في الحبشة وفي غيرها من الأقطار الأفريقية كثير من القبائل المسيحية والوثنية، وفصل الحديث عنهم.
وعدّ من أنواع غزو الاستعمار الصليبي التبشيري، مما يعد من طلائع الغزو الفكري الاجتماعي الاقتصادي من قوى الشر من الأوروبيين، (البعثات التبشيرية) التي ترسلها الشعوب الأوروبية باسم البحث عن الآثار وإنشاء المستشفيات، فانتشرت في (السودان) وفي (الصومال) وفي (الحبشة) وفي الأقطار الإفريقية، ووصف ما يتذرع به دعاة التقدم والارتقاء الاجتماعي والتمدّن والتسامح مع تشدقهم بالإيمان بالله، أو بالدعوة إلى حقوق الإنسان، أو إلى الأخلاق، وقال: لا يغرنّك هذا فهم لا يؤمنون بشيء منه، وأوضح دليل على هذا ما تلاقيه الشعوب المسحوقة بقوى الطغيان والبطش والبغي في جميع أنحاء العالم شرقه وغربه وشماله وجنوبه.
ووصف ما تتمتع به تلك القوى من قوة مادية بتقدم العلوم في بلادهم، فكان من آثار مخترعاتها المذهلة ما مكّنهم من السيطرة على الحياة العامة على جميع شعوب العالم المتخلّفة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :501  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.