شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
رأي
مقبرة المعلاة وكنوزها (1)
أ.د. ناصر بن علي الحارثي
تُعدّ مقبرة المعلاة في مكة المكرمة من المقابر المشهورة في التاريخ، لوقوعها في أقدس البقاع عند الله عز وجل، ولدفن كثير من المسلمين من شتى أنحاء العالم فيها، سواء الذين قدموا لأداء فريضتي الحج والعمرة ووافتهم المنية فيها، أو من المجاورين لها، عدا عن وجود قبر السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وكذلك قبور جمع كبير من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، وخيرة العلماء والصالحين، وأئمة المسجد الحرام، وسدنة الكعبة المشرَّفة، علاوة على الخلفاء، والسلاطين، والأمراء، والوزراء، والقادة، وعامة الناس. وقد احتوت هذه المقبرة التاريخية على مئات الشواهد النادرة، التي تُشكّل نفائس لا مثيل لها، لما تميزت به من جمال الخط وتنوعه، والثراء الزخرفي، وما تضمنته من أسماء متوفين ونقّاشين. فمن خلال هذه الشواهد الخطية يتعرف الدارسون على أنماط الخطوط العربية، وتطور أشكال الحروف، والزخارف، وتمدهم هذه الشواهد بمعلومات عن المتوفين والخطاطين، وتُمكّنهم من التعرّف على التركيبة السكانية للمجتمع المكي في مختلف العصور، وتُضيف إلى كتب التراجم أسماء جديدة لم تكن معروفة، وتُصحح تواريخ وفياتهم وسلاسل أنسابهم، كما تُمكّنهم من التعرف على الكنى، والألقاب العلمية والوظيفية والمهنية للمتوفين، والبلدان التي قدموا منها، وأسباب وفاتهم، علاوة على ما تحمله هذه الشواهد من صيغ ومضامين، مثل: الآيات القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، والأدعية، والأبيات الشعرية.
وقد استرعى انتباهي في بعض هذه الشواهد أبيات شعرية في الرثاء منها:
لله عبد رأى قبري فأحزنه
وخاف من دهره ريب التصاريف
هذا مصير بني الدنيا وإن عمروا
فيها وغرّهم طول التساويف
ومنها:
طوى الموت ما بيني وبين أحبتي
وليس لما تطوي المنية ناشر
لئن أوحشت ممن أحب المنازل
لقد آنست ممن أحب المقابر
ولذلك كله فقد أولى المؤرخون هذه المقبرة التاريخية جل عنايتهم واهتمامهم، وبخاصة المؤرخين المكيين، وفي مقدمتهم الفاسي، كما أفرد لها بعض العلماء كتباً مستقلة، أمثال: الشيبي في مخطوطته الموسومة: ((الشرف الأعلى في ذكر قبور مقبرة المعلى)). ونظراً للأهمية القصوى لهذه الشواهد الخطية فقد أولت وكالة الآثار والمتاحف منذ كانت إدارة عامة، هذه المقبرة بالغ عنايتها، حيث قامت بجمع عدد كبير من شواهدها التي ربا عددها على ألف شاهد تمثل لوحات فنية وخطية غاية في الجمال والإبداع. وقد كان لي شرف جمع مئات الشواهد من هذه المقبرة في السنوات الأخيرة، أثناء عمليات التوسعة التي قامت بها أمانة العاصمة المقدسة لهذه المقبرة.
وقد صدر مؤخراً عن هذه الشواهد كتابان مهمان، أحدهما بعنوان: ((كتابات إسلامية من مكة المكرمة (ق 1 ـ 7هـ/ 7 ـ 13م)))، من تأليف الزميل الدكتور عبد الرحمن بن علي الزهراني، نشره مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية. وكان هذا الكتاب رسالة علمية تقدّم بها الباحث لنيل درجة الدكتوراه من قسم الآثار والمتاحف بكلية الآداب بجامعة الملك سعود، وقد نشر الدكتور عبد الرحمن في هذا الكتاب مائة شاهد. أما الكتاب الآخر فهو بعنوان: ((أحجار المعلاة الشاهدية بمكة المكرمة)) أصدرته وكالة الآثار والمتاحف بوزارة التربية والتعليم، ونشرت فيه حوالي ستمائة شاهد قبر، ويرجع الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في إخراج هذا الكتاب إلى الدكتور سعد بن عبد العزيز الراشد وكيل وزارة التربية والتعليم للآثار والمتاحف بتشجيع من معالي وزير التربية والتعليم الدكتور محمد بن أحمد الرشيد، وأيضاً الأديب صاحب الاثنينية الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجه لتفضله بتمويل طباعة هذا الكتاب.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :980  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 138 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.