النَّصنصة في استراتيجية الغربال للغريبي
(1)
|
|
من المفاهيم التي استأثرت باهتمام جميع الحقول المعرفية هو مفهوم الحقيقة، وإن تطورت المنظورات إلى الحقيقة وطرق البحث عنها فقد ظلت النواة البشرية الفطرية والآلات الإنسانية المستمدة منها مساوقة لها محافظة على جوهرها.. |
نص كتبه (محمد الداهي).. وسقته هنا كمثال دال يجمع بين الأدلة العقلية والوفاء الفكري في قلم الأستاذ القدير (حسين عاتق الغريبي) الذي قرأ في (الغربال) حياة وآثار الأديب السعودي الراحل (محمد سعيد عبد المقصود خوجه) في كتاب بلغ (410) صفحة من القطع الرسمي الناشر.. |
و(الغربال) سفر تاريخي شامل رسم بمعاني الوفاء استدلالاً تحليلياً عقلياً جمع بين الرصد والتقصي ثم الاستقراء والقياس لحياة (محمد سعيد عبد المقصود خوجه) وحدد المراتب الفكرية لعطاءاته الصحفية الإعلامية والتربوية والتعليمية والمكانة في المستوى (الاقتصادي الاجتماعي).. ناهيك عن إدراك الأستاذ (حسين عاتق الغريبي) لمرتبة الحس ومرتبة الفكر التخييلي للأديب خوجه.. ومرتبة العقل الروحي.. |
وقد أدرك الأستاذ (حسين عاتق الغريبي) نسق الحقيقة عند الأديب خوجه مشبعاً بالعلوم العقلية وخصوصاً العلوم الإعلامية في المقال الاجتماعي فساق وحلل المقالات (التي نُسجت كما يقول تحت توقيع الغربال) والتي كتبت إنطباعات فكرية سامقة وثاقبة في الأدب والتاريخ والاجتماع.. |
ومهما تنوعت مقاصد الأستاذ (حسين عاتق الغريبي) فإن نواة آلياته الذهنية الرائعة كانت مثالية وواقعية مع التسليم بوجود آلية وسطى بينهما.. فكان كتابه (الغربال) نزعة علمية تاريخية تناولت: |
1 ـ الحجاز في أوائل ومنتصف القرن الرابع عشر الهجري: من كافة المتغيرات بالنواحي الجغرافية والسياسية والتاريخية والحياة العلمية والأدبية والتعليمية بالمجتمع المكي.. ثم ظهور الصحافة المؤرخة للأدب بكافة منابرها بدءاً بجريدة الحجاز.. وانتهاء بمجلة النداء الإسلامي وانطلاقاً من تاريخ الطباعة في الحجاز.. |
2 ـ حياة محمد سعيد عبد المقصود خوجه: واستتباع رحلته للحجاز في ظل أسرته ومرحلة دراسته وحرصها والفلكة في كتاتيب تعليم الخط العربي والرؤية الناقدة للبحث والأديب وعشقه للكلمة ووحي ذكرياته في وظيفته وفي سبيل الأدب والأدباء. |
3 ـ الغربال في رِحاب الصحافة: والعنصر الإدراكي للمقالات المختلفة بالأدب والتاريخ والمجتمع.. |
4 ـ المسألة الاقتصادية: من حيث المؤولات الدينامية في الوضع الاقتصادي العالمي والأزمات وتطبيق النظم ومعاملات وسلوك التجار والإنفاق والميزانية وفكرة (مشروع القرش) وتجدد الأمل.. والعمل.. العمل! |
5 ـ المعارك والخصوم: ومسألة الحقيقة وتعدد التصورات حول المقالات في شخصية الغربال من حيث: قلمه وفكره وآرائه وآدابه ولغته ومطالعاته. |
6 ـ بعد الرحيل: والرثاءات من العريف والسباعي وشاكر والمؤول الطاقي.. والمؤول النهائي ونصنصة الوداع. |
7 ـ ملحق للتراجم في عصر الغربال: والرصد لـ 29 شخصية فكرية ثم التدقيق في علاقتها بالغربال والمفاهيم المختلفة لتعالقها به وتعاقدها وتواطؤها!! مع الفكر السامي. |
وللحق.. فالكتاب في شخصية (حسين الغريبي) حقيقة فكرية اجتماعية مطلقة فسحت المجال لنا للتفاعل الروائي الأدبي بتحليل إجرائي شيد على الحقيقة المطابقة وفق دلائل ومراسم استتبعت شخصية أدبية بتصور علمي ينفي المصادفة أو تدخل الغيبيات ويقرب أولاً التفسير العلمي اليقيني لنشاطات شخصية (محمد سعيد عبد المقصود خوجه) وبالوسائل العلمية كدراسة المتن والدراسة الوصفية وحتمية المطابقة التي تتجلى في مظاهر فكرية اجتماعية ثقافية ابتدعت وابتكرت لمجتمعها على نحو الطبيعة والإنسان والدماغ. |
ثانياً: تعددت التصورات الفكرية التي عاصرت (محمد سعيد عبد المقصود خوجه) فتباينت من وجهاتها ومراتبها حول تقويمه وتحديد معالمه الفكرية، فكان الأستاذ (حسين الغريبي) يقر بوجود التناظر بينها وبينه بالأدوات العلمية مهما جاءت تيارات الواقعية ناتجة عن تفاعل الذات مع المحيط.. |
ثالثاً: كانت الموضوعية التاريخية والتحليلية مشوبة بمواقف المؤرخ العقلانية الموضوعية لا بانفعالاته وافتراضاته.. |
لذا.. تشكل (خطاب تحليلي) بشروطه الإنسانية في فكر المؤلف الأستاذ (حسين الغريبي) بمخطط شمل: |
1 ـ المعالم الرئيسية للتدقيقات في الرصد والتحليل. |
2 ـ إثبات التعالقات بين الأديب (محمد سعيد عبد المقصود خوجه) وخصومه وأحبائه باستراتيجية قرائية ودرجات تأويلية. |
3 ـ الانطلاق من منهاجية دليلية ترتكز على مفاهيم جوهرية في الشخصية والعطاء الفكري ومفاهيم متدرجة منها. |
ومن هنا.. فقد طرح الأستاذ والناقد الصحفي ورجل التربية والتعليم (حسين عاتق الغريبي) كتاب الغربال (بنصنصة) أو نص مركب للحقائق التاريخية والفكرية في الوظيفة الإبداعية لحياة وآثار الأديب السعودي الراحل (محمد سعيد عبد المقصود خوجه) في شكل ومضمون وتعيين بنية الشخصية في مساراتها المختلفة فاسحاً المجال لنا كقراء لا كنقاد.. ولي كناقل لا كقارئ محلل بأن أفسر وأُأَؤّل وأعضد بالتعبير عن رسالة استنسخت عطاء عاش في عالم موسوم بالنبوغ والإبداع بطريقة واقعية.. بل بطرق انطلقت من المفهوم المركزي (للنص) في عطاء فكري لشخصية لها من معالجاتها التركيبية الاجتماعية في الأدب والفكر ما لا يسعفني شخصياً بأن أقرأ المنهاجية الواحدة على الأقل للعنصر الإدراكي والتراتب الكامل لدراسة أستاذنا (حسين عاتق الغريبي).. |
شكراً.. أستاذنا الغريبي.. فقد كنت عميقاً في إرادة تحرير الحقيقة.. وفي وفائك المعبر عن الحس الفطن في قراءة (النص) و(الشخصية) و(الفكر) و(الحياة) و(التاريخ). |
|