شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أبيض وأسود
حكايات أهل السياسة (1)
خالد القشطيني
لمكّة المكرّمة وقع خاص ليس في نفوس المسلمين فقط وإنما في نفوس الأغيار أيضاً. وتحوّلت الكلمة إلى مصطلح عام في اللغات الأوروبية. فبعد أن يعطي قاموس أكسفورد الجديد ما يلزم من المعلومات عن مدينة مكّة ينتقل إلى المعنى المجازي للكلمة فيقول: ((مكّة مكان يجتذب مجموعة خاصة من الناس تربطهم اهتمامات معيّنة. يقال، هولندا هي مكّة عشاق موسيقى الجاز)).
قدر لهذا المعنى المجازي أن أثار مشكلة في بريطانيا بالنسبة للمسلمين الذين وجدوا أن شركات المقامرة واللهو أطلقت على سلسلة أماكنها المخصصّة لهذه الأغراض اسم ((مكة)). طبعاً انبرى المسؤولون ليفسروا للمسلمين هذا المعنى الآخر للكلمة، وإن كان المعنى مشتقاً في الأصل من مكّة المكرّمة كمكان يجتذب مجموعة خاصة من الناس ـ المسلمين، وفي حالة دكاكين ((مكة)) البريطانية، المقامرين والعابثين.
جنى الشيخ عبد الله بلخير ثمرة من ثمار هذا السحر الخاص لاسم مكة المكرمة فذكر في يومياته (منشورات عبد المقصود خوجه) أنه خلال زيارته لمدينة دمشق أثناء الاحتلال الفرنسي لسورية، تحرق لزيارة الزعيم الوطني فخري البارودي للسلام عليه والتعرّف به. وعندما استفسر عن عنوانه ومكانه، اكتشف أن السلطات الفرنسية أوقفت البارودي في بيته ومنعت عليه الخروج كما فرضت قيوداً صارمة بالنسبة لكل من يحاول زيارته.
يقول الشيخ بلخير أنه عندما وصل البيت محاطاً بثلة من بضعة عشر جندياً من الفرقة الجزائرية في الجيش الفرنسي بعمائمهم المغربية البيضاء وأردانهم الوارفة المتهدلة على أكتافهم، انتهره أحد هؤلاء الجنود وسأله إلى أين أنت ذاهب، ومن أنت؟ وماذا تريد؟ وبالطبع طلب منه أوراقه الثبوتية. أجابه قائلاً: ((أنا سعودي من مكة.. وأريد زيارة الرجل الآن)).
أخذ الجندي جواز سفره وكان أمياً فأعطاه لمن يستطيع القراءة. ما إن نظر فيه حتى ((هزّته كلمة ((مكة)) فهؤلاء النمور الأشاوس من الشمال الأفريقي يهتزون إذا سمعوا هذه الكلمة)).
أفسح له الطريق في الحال فدخل وتناول السلم إلى قاعة الاستقبال حيث وجد فيها فخري البارودي في نقاش طويل مع من كانوا معه. ما إن التقت نظراته بالضيف حتى وقع بما أقع فيه أنا باستمرار عندما أتعرّف بمواطن خليجي بثيابه العربية ثم التقي به في لندن ببدلة إفرنجية أو أتعرف به وهو في بدلة إفرنجية ثم التقي به في بلده بثيابه العربية، الدشداشة والعباءة والعقال، فلا أعرفه في كلتا الحالتين.
وكان البارودي قد التقى به في المملكة بثيابه العربية وتعذّرت عليه معرفته وقد دخل عليه ببدلة إفرنجية. بيد أنه بادر إلى تجديد التعريف بنفسه فرحّب به وقام وغمره بالقبل، ثم سأله ولكن كيف دخلت؟ وكيف سمحوا لك بالدخول؟ ألم تجد بالباب ((الحرس الحديدي)) بأي واسطة دخلت؟ فأجابه بلخير، ((أدخلتني مكة المكرّمة))!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :380  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج