شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة المحتفى به معالي الدكتور منير العجلاني ))
ثم أعطيت الكلمة لمعالي الدكتور منير العجلاني فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إن لساني لعاجز عن الشكر للإخوان الَّذين تلطفوا فغمروني بثناء لا أستحقه، وأردد الآن بيتاً لخليل مردم بك:
ماذا عليه إذا عصاه لسانه
الدمع أفصح حين عيَّ بيانه
 
- فأنا لا أبكي، ولكن - في الحقيقة - نفسي تقطر من هذا الثناء الَّذي يجعلني أود لو أختبئ تحت الطاولة؛ لقد أعددت كلمة عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كيف كانت نظرة الغربيين إليه أول الأمر؛ وكيف تطورت حتى أصبح اليوم يعد - في كتاب مشهور - أعظم رجل في العالم؛ ولكنني لا أحب أن أبدأ بالأقوال السيئة، وإنما ذكرني الأستاذ مدير عام مؤسسة البلاد لأنني كنت أكتب كلمات في المجلة، وهذه الكلمة موجهة إلى نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم في عيد مولده، أبدؤها ثم أتابع..
- صلوات الله وسلامه عليك، أنت الَّذي أعطيت كل شيء الملك الضخم، والجاه العريض، والمال الَّذي لا يعد ولا يحصى، والسيادة التي لا تبلى..، ولكنك لم تأخذ لنفسك شيئاً، لأن زخارف الدنيا لم تكن فوقك لتبسط نحوها كفيك، وإنما كانت عند قدميك؛ صلوات الله وسلامه عليك، أنت الَّذي تعبدت في الجبل فتنزل عليه الملائكة من السماء، ومشيت في الصحراء فنبتت فيها الأوراق الخضر، وتفتح فيها النور والزهر، وشاع في جنباتها الخير والطهر.
- صلوات الله وسلامه عليك، أنت الَّذي وحدت العرب وصنعت لهم حضارة، ونقلتهم من مؤخرة الأمم إلى الصدارة، كانوا قبائل فجعلتهم دولة، وكانوا يعبدون أوثاناً شتى فجعلتهم يعبدون إلهاً واحداً، وكانت لهم لهجات مختلفات فوحدت لهجاتهم بهذا القرآن الَّذي وجدوا فيه مثلهم الأعلى، وكانت لهم أعراف متباينة فجمعتهم على أعراف واحدة أو متقاربة، وكان العرب يحارب بعضهم بعضاً فآخيت بينهم، وصرفت فضل قوتهم إلى جهاد عدوهم المتربص بهم، وكانوا يدينون لرؤساء مختلفين فأخضعتهم لرئاسة واحدة وجعلتهم أسرة واحدة كبيرة، في ديار لا حدود لها إلا حدود الدنيا العربية ثم حدود الدنيا المسلمة والمعاهدة.
- صلوات الله وسلامه عليك، اليوم وكل يوم، أنت الَّذي صنعت للناس معجزات تمت في حياتك وفاز بها عصرك من دون العصور، ولكنك أبقيت لنا معجزتين خالدتين ملهمتين: كتاب الله وسنَّتك، تمدان نفوسنا بالإيمان، وقلوبنا بالإخلاص، وعقولنا بالنور، وعزائمنا بالمضاء، وألسنتنا بالصدق، ونياتنا بالخير؛ وتؤلف بيننا على التواد والتناصر.
- صلوات الله وسلامه عليك، ما أعظمك، وما أعظم رسالتك، وما أعظم منَّتك على العرب خاصة، وعلى العالم عامة؛ يا موحد العرب ومهذب الأمم، مؤسس دولة السلام، وواضع حقوق الإنسان.
- والآن أستميح المحسن الكبير نصير الأدب والأدباء، الشيخ عبد المقصود خوجه، لتلطفه بتكريمي قبل أن أرحل عن هذه الدنيا وقد رشحت للموت كثيراً؛ وعندي كتب يلح عليَّ الكثيرون أن أطبعها، ولكنهم لا يقولون لي لأننا نخاف أن يأتيك الموت ولا نجد من يطبعها.
- وأشكر لمعالي أخي العظيم الدكتور مصطفى الزرقاء، الَّذي منَّ علي بأكثر مما أستحق، وذكرني بأشياء ما كنت أسطيعها لولا أنه هو الَّذي أوحى بها، وتابعها.
- وكذلك لأخي وزميلي وحبيبي الأديب والشاعر والكاتب، الدكتور مصطفى البارودي، ولبقية الإخوان الكرام الَّذين تلطفوا وأغدقوا عليَّ من كلماتهم الحلوة الجميلة..، ولا أريد أن أسميهم واحداً واحداً، فليتقبلوا شكري العميق..، من أعماق قلبي ولن أنساهم أبداً.
- سادتي: سأقدم بين أيديكم - إن شاء الله - أشياء عن سيدنا محمد لا يعرفها الكثيرون، ووثائق قلما ذكرت أو لم تذكر أبداً في كتب السيرة النبوية وما كتب حتى الآن؛ وأبدأ - أولا - عن محمد صلى الله عليه وسلم في نظر الغربيين والقدماء.
- كان محمد (وليس من الضروري فيما يظهر في رأي كثيرين، أن تعاد الصلاة على سيدنا محمد في كل مرة، لأن مرة واحدة تكفي، ولكن نحن تعودنا - ولا بأس به - أن نصلي عليه دائماً إن لم يكن بأفواهنا فبقلوبنا)، كان محمد في نظر المسيحيين الأوروبيين الأوائل إلهاً للمسلمين، وهو صنم من ذهب يعبدونه؛ هكذا كانوا يقولون عن محمد، وكانوا يدعون إلى إحراق القرآن حيث وجد، وينعتون المسلمين بأشنع النعوت، ويصبون اللعنات على محمد وأتباعه؛ وفي عام 1933م نشر المستشرق الإنجليزي بريدوه كتاباً سمَّاه: (الدجال محمد) ويوجد استثناء في القرون الوسطى، وهو يوحنا الدمشقي الَّذي عاش في ظل الأمويين، واعتبر أن محمداً كان يبشر بديانة أريوثية، وهي بدعة وهرطقة وليست ديانة، ويقول الكونت هاري دوكاشتيش في كتاب عن أسماء الكتب المحكوم عليها بالحرق - هي كتابات محمد - إن نسخ هذه الطبعة نادرة جداً، لأنها أعدمت وحكمت بحرقها بالنار من جانب محكمة روما، يضاف إلى ذلك طبعة من القرآن مترجمة بقلم هادريفايدين في البندقية، وهي طبعة جميلة جداً يبحث عنها الهواة، وقد أعدمت هي أيضاً ويقال: إنها لم تترجم عن الأصل العربي وإنما عن نسخة لاتينية فأحرقت، وهكذا لم يبقوا على مصحف أو ترجمة للمصحف.. واعتبروها أنها كلها مما يجب أن يحرق.
- ويقول - هشام جعيط - وهو تونسي فيما أظن - في كتابه: (لوروب الإِسلام) نصارى الغرب قديماً كانوا يستنكرون الإِسلام لأشياء كثيرة منها - في زعمهم - تعدد الزوجات، وسوء وضع المرأة، جفاف التعاليم الدينية، الإباحية الأخلاقية، إطلاق الغرائز حتى الجنة جعلت لإشباع الغرائز، العنف، فالإِسلام يفرض نفسه بالعنف..
- ويقول ظولنيه في كتابه: (الخرائد) إن الرب في الإِسلام يوصف بأنه رحيم ولكنه لا يدعو إلاَّ إلى القتل والذبح؛ ويضيف - هذا المؤلف - إلى ذلك أنه لا يوجد في القرآن أي شيء عن واجبات الإنسان تجاه المجتمع ولا عن تنظيم الحكم، ولكنه يحتوي أحكاماً عن أربعة أشياء: تعدد الزوجات، الطلاق، الرق، الإرث.. ويكاد يثقب الآذان بما يردد من كلمات الكفر والضلال وأعداء الله والرسول..، وفيه متناقضات، ثم قال: إن بريكسون - الفيلسوف المشهور - تجاهل الإِسلام واهتم بالهند.
- ورينان يقول: إن الإِسلام ضد العلم، وليفي ستراوس انتقد الإِسلام والفن الإِسلامي.
- هذا ما كانوا يقولونه، وأخفهم شراً يقول: إن الإِسلام كان في أول أمره متسامحاً، ولكنه أصبح - بعد ذلك - متعصباً شديد التعصب يحارب كل من لا يؤمن بتعاليمه.
- والآن: ما هو ردنا على هذا الإفك والبهتان؟ بعد أن ذكرت هذه الأمور أقدم الآن بين أيديكم بعض الوثائق التي تكاد تكون مجهولة، وهي تدل على تآمر المسلمين على النبيّ وعلى آثاره صلى الله عليه وسلم فهناك - أولاً - محاولة الاستيلاء على جثمان النبيّ في المدينة، وقد كتبت عنها جاكلين بيرين وعَرَّبَ كتابها: (اكتشاف جزيرة العرب) قدري قلعجي قال: رينيه دوشاتيو الَّذي يحكم الكرك في زمن صلاح الدين الأيوبي، والَّذي تحول إلى بدوي فرنسي لم يعرف إلاَّ الغزو، حاول فـي عام 1181م الوصول إلى المدينة المنورة، فأرسل قطعاً من أسطوله إلى شواطئ البحر الأحمر، وأنزل بعضاً من قواته على شواطئ الحجاز، ورأى قافلة متجهة من دمشق إلى مكة فسلبها، وتقدم في طريقه إلى المدينة، ولكن صلاح الدين أرسل سفناً أدركت سفن شاتيون المحملة بجنود آخرين، والتي كانت مرسلة للالتحاق به وإمداده - أي إمداد دوشاتيو - وقد استطاع المسلمون القضاء على معظم جنود الحملة الصليبية الَّذين بلغ عددهم ثلاثمائة، فأعدم الَّذين تمكنوا من الفرار، وأعدم الَّذين لم يتمكنوا من الفرار، واقتاد بعضهم أسرى إلى مصر؛ ويذكر ابن جبير في رحلته، أنه شاهد جنود الفرنجة لدى وصولهم مربوطين على ظهور الجمال، وقد أديرت ظهورهم نحو ذيولها إمعاناً في إذلالهم بين قرع الطبول والصنوج وهتاف الشعب.
- ولودوفيغ دوفارتيما غادر البندقية عام 1503م إلى مصر، ثم أقام في دمشق وتعلم اللغة العربية، ثم مضى يشق الصحراء حتى وصل إلى المدينة المنورة، وكانوا يظنون في أوروبا أن جثمان النبيّ صلى الله عليه وسلم محمد معلق في الفضاء في البيت الحرام بمكة؛ وكان لدوفارتيما الفضل في تصحيح هذا الاعتقاد الخاطئ، ثم سافر إلى اليمن فعدن، وظهر الأسطول البرتغالي أمام عدن، وحاول الاستيلاء عليها.
- وكان الفونسو دوربوكيل قد رسم خطة يحاول فيها الاستيلاء على جثمان النبيّ محمد في المدينة، ثم مطالبة المسلمين بإعادة كنيسة القدس إلى النصارى، لقاء إعادة جثمان النبيّ، ولكنه أخفق في عدن وأهملت محاولته؛ هذه واحدة من المحاولات.
- ثم عثرنا على مخطوطة أرمنية - أشرت إليها أنا في المجلة العربية - تثبت أن تسميم النبيّ كان بقرار من رؤساء اليهود؛ وقد وجدت هذه الوثيقة خلال مطالعتي في دار الكتب بباريس، وقد ترجمها إلى الفرنسية مسيو ماكلير؛ تتحدث هذه الوثيقة عن ظهور النبيّ محمد في جزيرة العرب، وعن الأحداث التي وقعت في عصره، وأكثر ما جاء فيها شبه الأساطير والترهات ولا يمكن الركون إليه؛ ولكننا رأينا في مقدمة الوثيقة إشارة إلى حادثة تسميم النبيّ، فأحببنا نقلها لأنها تلقي أضواء جديدة على هذه الحادثة التاريخية المشهورة؛ كان يظن أن جريمة التسميم قامت بها امرأة يهودية حمقاء، أو مغامرة طائشة أقدمت عليها تعصباً لدينها وقومها؛ فإذا الوثيقة تؤكد أن الجريمة كانت بتدبير رؤساء اليهود بالمدينة وبقرار منهم.. اتخذوه بالإجماع، وليس ذلك مستغرباً منهم، فقد حاولوا - غير مرة - قتل الرسول؛ وهذه ترجمة الفقرة التي تتحدث عن هذه الجريمة النكراء.
- يقال: إن الأمة اليهودية تحسد أمة النصارى، فلما جاء محمد وعظم أمره، اجتمع رؤساء اليهود وقالوا في أنفسهم: لنأخذه في جانبنا ونزوده بأحكام ديننا فينشرها بين الناس، وبذلك نتغلب على النصارى وعلى أناجيلهم، ولكن المسلمين الَّذين انتصروا على أعدائهم وفتحوا الفتوحات العظيمة، لم يكترثوا لليهود ولم يقيموا لهم وزناً؛ بل اضطروا - أحياناً - إلى قتالهم؛ فعاد رؤساء اليهود إلى الاجتماع وفكروا بطريقة يتخلصون بها من محمد، فاختاروا من نسائهم سيدة جميلة وقالوا لها: يجب عليك أن تدعي محمداً إلى وليمة وتقتليه، ففعلت المرأة ما أمرها الرؤساء به، ومن يدري فقد يكون مقتل عمر بن الخطاب صنع متآمرين مجتمعين، كلفوا واحداً منهم بالتنفيذ لا صنع رجل واحد؟ والله أعلم.
- ومما يأخذونه على النبيّ صلى الله عليه وسلم تعدد الزوجات، ولكن من حسن الحظ أن كاتباً هو - الكساندر دوماس الأب والد الشاعر، والراوية المشهور الكساندر دوماس الابن - ألف كتاباً اسمه: "حج عبد الحميد بك" جاء فيه: (كان تعدد الزوجات معروفاً في أوروبا النصرانية، وكان ملوك الفرنجة يعددون، وقد كان عند قونترا - مثلاً - ثلاث زوجات شرعيات، هن: فينيرات، وميلكاترود، واسترجيه؛ وكن يقمن - جميعاً - في قصره) وسئل البابا جريجوار الثاني: متى يحل لرجل أن تكون له زوجتان؟ فأجاب إذا أصيبت امرأة بمرض جعلها غير قادرة على القيام بواجبها نحو الزوج، فللزوج أن يتخذ له امرأة ثانية، بشرط أن يعطي المرأة المريضة ما تحتاج إليه من مساعدة وعناية.
- ويقص علينا فولتير قصة ملك مسيحي كاثوليكي، تزوج امرأة لوثرية، فأذن له البابا أن يتزوج امرأة ثانية كاثوليكية معها.
- وأخيراً: يذكر المؤلف أن العصر الحاضر - الَّذي ينكر فريق من أهله تعدد الزوجات - شاع فيه أسلوب آخر لا يستنكرونه مع أنه ينطوي على المهانة، وهو اتخاذهم خليلات مع المرأة الشرعية؛ فأيهما أفضل لكرامة المرأة، ولضمير الرجل، أن تكون له زوجة ثانية أم أن تكون له خليلة.. أو خليلات، يقمن عنده مقام الزوجات مع أنهن ملطخات بالشبهة والعار؟
- هذه من الأشياء التي أحببت أن أضعها بين يدي كلمتي؛ وأضيف الآن بعض آراء المنصفين، وكلكم تعرفون أوغست كونت الفيلسوف الفرنسي، الَّذي كتب عما يسميه بالديانة الإيجابية أو العالمية، فقد قال: "فكرة الدين والدولة أرادها محمد وهو نسيج وحده، لشعوره أن النظام الاجتماعي لم يستقر؛ المسيحية بتفريقها المصطنع بين القوتين الروحية والزمنية، هي التي جعلت مؤسسها الحقيقي يعقد الفكرة الدينية بإتمامه الوحي الضروري لكل ديانة موحدة، وذلك بتأليه مؤسسها المزعوم، يعني أحبوا النصارى أن يبعدوا الناس عن نقد ما يكتبونه ويلفقونه بالنسبة إلى المسيح، وجعل المسيح إلهاً حتى لا يتجرأ أحد على انتقادهم، ووضع في مفكرته الإيجابية يوم الأحد 28 تشرين الأول يوم خاص بمحمد؛ وفي مكتبة العمل عنده مكتبة أسماها مكتبة العمل، وضع القرآن بكامله مترجماً ومقدماً إلى كل من يزور المكتبة ليقرأه".
- فهذا - أيضاً - يجب أن يذكر، لأنه هو الَّذي كان في مقدمة الَّذين أنصفوا سيدنا محمد، وهذا - أيضاً - نشرته في المجلة، وهو وصول رسول - أو رسل - عن الصينيين إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ولا أظن أنه قد أشير إليه في كتبنا، فقد ظهر في الصين سنة 1724 كتاب لليوشاي لين، سماه: "سيرة محمد من مصادر صينية" يبدأ الكتاب بهذه المقدمة: (اعتنق الصينيون الإِسلام في العام الثاني من ملك شين كوان المعروف باسم تايدسونج، وهو من سلالة تانج الملكية، وكان ذلك في حدود سنة 628 للميلاد؛ فقد رأى هذا الملك في الحلم عفريتاً هائلاً من الجن يقتحم قصره، ولكن رجلاً متعمماً هجم على العفريت وقرأ آيات من كتاب كان يحمله، فهرب العفريت لا يلوي على شيء؛ قص الإمبراطور حلمه على المنجمين وسألهم أن يفسروه له، فقال كبير المنجمين: إن حكيماً قد ظهر في الشرق، ولن يسلم للإمبراطور ملك ولا يستقر له حكم إلاَّ إذا اتبع آراء هذا الحكيم؛ أما المتعمم الَّذي ظهر في الحلم.. فهو واحد من أتباع الحكيم؛ وسأل الإمبراطور وزراءه عن هذا الحكيم الَّذي أشار إليه كبير المنجمين هل سمعتم به؟ فقال له أحد وزرائه: نعم إنه النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم وديانته ديانة عظيمة، تبشر بوحدانية الخالق، وتدعو إلى مكارم الأخلاق، وهكذا أرسل الإمبراطور بعض أعوانه المخلصين إلى المدينة ليطلبوا من النبيّ العربي ليبعث إليه برجال من أتباعه، ينشرون هذا الدين الجديد في الصين؛ وقد وصل أصحاب النبيّ إلى قصر الإمبراطور فأحسن استقبالهم، وانطلقوا بعد ذلك يعلمون أهل الصين الإِسلام).
- أما سيرة الرسول (الكريم) التي رواها ليو شاي لين بأسلوب الحوليات، فمنقولة عن المصادر العربية؛ ويقول مترجمها: إن المؤلف غيَّر وبدَّل بعض أقوال الرسول، حتى تلائم - في زعمه - أخلاق الشعب الصيني ومثله العليا؛ ويضرب مثالاً على ذلك.. زواج النبيّ محمد من زينب (رضي الله عنها) بعد طلاقها من زيد؛ فهو يقول: "إنها عذراء وقد رفضت كل الرجال الَّذين خطبوها، ولم تقبل زوجاً لها إلا محمداً" ذلك أن الشعب الصيني لم يكن يقر الزوج بامرأة مطلقة، ويبدو أن انتشار الإِسلام في الصين محا منها النصرانية النسطورية، لأن أتباع النسطورية في الصين وجدوا الإِسلام قريباً من مذهبهم وأفضل منهم فاعتنقوه، وربما كان إعجاب الصينيين بشخصية النبيّ من أكبر الأسباب التي حملتهم على الإِسلام.. كان عدد المسلمين في الصين - في أوائل هذا القرن العشرين - حوالي عشرة ملايين، ولعله الآن يزيد على الخمسين مليوناً؛ هذه وثائق وجدت.. ربما يناقش بعضها ويشك في صحته ولكنها من المستندات التي تنير لنا جوانب من ابتداء الإنصاف.
- والآن أريد أن أقول ما هو فضل النبيّ صلى الله عليه وسلم الَّذي لا يجحد على العرب وعلى الإنسانية جمعاء؟ ماذا أعطى؟ ما هو عطاء النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى الإنسانية.
- أولا: محمد هو واضع حقوق الإنسان، لقد تجادلت أمتان الفرنسية والأميركية في أيهما وضع حقوق الإنسان؟ الفرنسيون يقولون إنهم هم الَّذين وضعوا حقوق الإنسان ولخصوها بثلاث كلمات: الأخوة، والحرية، والمساواة؛ ونقشوها بماء الذهب على مبانيهم الكبيرة ومجالسهم النيابية؛ وأمريكا تقول: بل نحن الَّذين أنشأنا حقوق الإنسان قبل الفرنسيين، وقد وضعناها في مقدمة الدستور الَّذي جاء فيه: إن الإنسان يولد حراً يتمتع بالحقوق، ولا يجوز استرقاقه، ولا إهانته، ولا إذلاله، ولا سجنه بدون محاكمة.
- أرجو قبل الانتهاء أن ألقي كلمة عن الملك عبد العزيز، وكيف طبق الإِسلام الصحيح في بلاده، وإذا أردتم أن يتم ذلك من خلال الأسئلة فلا بأس.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :645  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 65 من 155
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء

[الجزء الثالث - النثر - مع الحياة ومنها: 2005]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج