شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
من الأعماق
الاثنينية.. والصالونات الأدبية (1)
بقلم: مصطفى محمد كتوعة
لعلّ المتتبع للندوات التي تعقدها الاثنينية يتذكر على الفور الصالونات الأدبية المعروفة منذ القدم في تاريخ الأدب العربي وإن كان أشهرها حديثاً صالون عملاق الأدب العربي الأستاذ عباس محمود العقاد والمعروف بصالون العقاد وكذلك صالون الأديبة الرقيقة مي زيادة والمعروف بصالون مي.. وكانت تعقد ندوة أدبية كل خميس للأستاذ نجيب محفوظ تضم لفيفاً من أهل الأدب والفكر والقلم وكنت أحضر إليها أثناء وجودي في القاهرة برفقة الأديب السعودي الشاعر السيد عبد السلام هاشم حافظ.
وإذا كان هناك فرق طفيف في التشبيه فمردُّه إلى كون الاثنينية تستضيف من يتحدث عن موضوع تختاره هي أما صالون العقاد فكان الأستاذ هو الذي يتحدث في مجمل فروع الأدب وتفاصيله ورواد الصالون يستمعون ويناقشون أو يطرحون توجهاتهم الفكرية على العقاد ومنهم من خرج بعد ذلك بكتابات طويلة عن أيام في صالون العقاد فصلوا فيها كيف كانت صحبة الأديب الكبير في ضوء مواقفه الفكرية والأدبية.
ولا يختلف صالون مي كثيراً عن صالون العقاد إلا في كونه كان يضم أعمدة الأدب العربي وشعراءه الكبار على الساحة في ذاك الوقت الذين كانوا يتشوقون ليوم الصالون حتى إن أحدهم وهو الشاعر إسماعيل صبري تغنَّى بهذا اليوم ـ يوم الثلاثاء ـ.. ورأى فيه مصدراً لمادته الشعرية وكان من بين روَّاد صالون مي من لا يختلف أحد على مكانته الأدبية الرفيعة وهو الدكتور طه حسين الذي لقِّب بعميد الأدب العربي وهو لقب استحقه الدكتور طه حسين عن جدارة واستحقاق بالنظر إلى إبداعاته الأدبية واستخداماته اللغوية التي توحي بفهمه الدقيق لأسرار اللغة العربية وقدرته على تطويعها في البناء الأدبي لمادته التي يتناولها سواء في الرواية أو في الأحاديث التي كان يكتبها للصحافة في حينه.. وبطبيعة الحال فإنني لا أعني بأن صالون العقاد لم يكن يرتاده أساتذة كبار في الأدب بل أعني أنه تميز بارتياد عناصر أخرى كانت تحدوها الرغبة الجارفة في المعرفة والاطلاع والتشوق للوقوف على أسرار التذوُّق الأدبي، وقد برز منهم كثيرون بعد ذلك وملأوا الساحة الأدبية العربية.. طولاً وعرضاً.. بكتاباتهم وأقلامهم التي ترعرعت حروفها في صالون العقاد.
عند هذه النقطة نقول إن صالون العقاد غرس فكرة التواصل الأدبي بين الأجيال وعمل على تقويتها وتنشئتها النشأة الصحيحة، وهي الفكرة التي يجب أن ندعو إليها بين شبابنا ذوي الميول الأدبية والمخضرمين على الساحة ينقلون إلى هؤلاء الشباب التجارب والخبرات ويضعون أيديهم على أساس ومفاتيح حرفة الأدب وصنعته كما يحلو للبعض أن يطلق عليه.
أقول ذلك وفي ذهني بخلاف تجربة العقاد والصالونات الأدبية عموماً ما يعرف بحق الرضاع الأدبي وهو حق يكفل للأديب الناشئ على أستاذه ما يصل إلى حد توريثه مكتبته الأدبية الزاهرة، ما يعني الارتباط الوجداني والأدبي والتفهم العميق لحقِّ الأجيال اللاحقة على الأجيال السابقة في هذا المضمار.
عود على بدء أقول إن الأستاذ عبد المقصود خوجه صاحب الاثنينية ربما اختار لها هذا الاسم الزماني حتى يبعد كثيراً عن أن يقال صالون خوجه وهو اختيار أرى فيه صعوبة بعض الشيء أقل ما يقال إنه لا يستحوذ على السمع سريعاً ما يجعلنا نطالب الأستاذ خوجه بإعادة النظر في الاسم مع تأكيدنا بأن كلمة صالون لم تعد غريبة على اللغة العربية بعد أن دخلت مفردات كثيرة على هذه اللغة مثل ((التلفزيون)) وغيرها مما جعل حتى اختيارات مجمعات اللغة العربية لمفردات مقابلة لا تستعمل بين الناس وأصبحت مثل هذه الكلمات والمفردات شائعة أكثر من تلك التي اختارتها المجمعات العربية وكم يقف الإنسان حائراً أمام اختيار مفرد لغوي مثل: ((شاطر ومشطور وبينهما طازج)) الذي اختاره مجمع اللغة العربية المصري بدلاً من كلمة.. ((ساندويتش)) ولا أتصور أن يقف مشتر أمام بائع ليقول له أعطني ((شاطر ومشطور وبينهما طازج)).. بدلاً من أن يستخدم مباشرة كلمة ساندويتش أو أن يقول له أعطني شاطر إذا أردنا الاختصار في الزمن ومفردات اللفظ.. على كل حال هذه قضية أخرى لها مجالها الخاص في الحديث.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :522  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 6 من 203
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .