شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عالم بلا حدود
مع الطيب الصالح (1)
بقلم: فاروق لقمان
في إحدى أمسيات الاثنينية الراقية التي يقيمها الأستاذ عبد المقصود محمد سعيد خوجه في منزله العامر في جدة كان ضيف الشرف الأديب القاص السوداني ـ بل العربي ـ الأستاذ الطيب الصالح.
وبينما بدأت شهرة الطيب الأدبية بروايته ((موسم الهجرة إلى الشمال)) عن إقامته ودراسته في أوروبا وتأثره بالجوانب كافة هناك، ظل الأستاذ الأديب الشاعر ناشطاً مبدعاً في نواح أخرى من خلال رواياته وكتاباته وتحليلاته التي تنشرها الصحف ومنها الشقيقة ((المجلة)) التي تصدرها ((الشركة السعودية للأبحاث والتسويق)).
ولما التقيته قبيل الحفل أخبرته بأن دراساته العميقة عن أبي الطيب المتنبي ستظل في نظر الكثيرين من قرائه ربما أعظم ما أبدعه حتى الآن. فأبدى استغرابه. إلا أنني أصررت على القول بأن ذلك رأيي الشخصي وآراء الآخرين الذين تحدثت معهم عنها خلال عشرات الأسابيع التي ظلت المقالات تزين الصفحة الأخيرة من ((المجلة)).
ثم بدأ الحفل كالعادة بعدة كلمات ألقاها أدباء وشعراء بعضهم أطنب في مديحه وآخرون تجنبوا الإفاضة وفضلوا تحليل أعماله موضوعياً، ومنهم من استعرض مسيرة القصة العربية منذ نشوئها، وذكر أحدهم أنها بدأت برواية ((زينب)) لمحمد حسين هيكل خلال الحرب العالمية الأولى وكانت مصرية الأصل والمضمون. حتى انتهى إلى ((موسم الهجرة إلى الشمال)) كأحد معالم مشوار الحكاية الطويلة أو ما يسميه البريطانيون ((نُوفل)).
و ((نُوفل)) كلمة إنجليزية تعني الجديد أو ((نيو)) ولعلّ في تلك التسمية عبرة وهي أن تأتي الراوية المطولة بالجديد بقدر الإمكان كما أتت روايات شارلز ديكنز بالإنجليزية لتجعل منه أحد رواد القصة المطولة وربما أشهرهم في تلك اللغة. وانتظرت بشوق بالغ وصول الميكروفون إلى الطيب الذي عرفته من كتاباته ولم أعرفه شخصياً إلاّ في تلك الأمسية الرائعة وإن كان كما قال لي صديقاً حميماً وزميلاً أكاديمياً لبعض أقاربي الذين تعرف عليهم في لندن ثم في الخرطوم. وهو الآن يقيم متنقلاً في ((الشمال)) الأوروبي أسوة بمئات المفكرين والمبدعين العرب والأفارقة الذين اضطرتهم ظروف بلدانهم السياسية وهمجية العقائديين والعسكر وجمهرة الجهلة والظلمة من حكّامها إلى اللجوء إلى ((الدول الاستعمارية والأمبريالية)) التي كنا نسميها غاشمة حتى عرفنا أغشم منها من أبناء جلدتنا بعد نيل ((الاستقلال المجيد)).
وأعترف أنني ازددت إعجاباً بالطيب بعد استماعي لحديثه ليس لأنه أفاض في الحديث عن الحسن بن هانئ والمتنبي وسارتر فقد كنت أعرف آراءه فيهم وفي سواهم. بل أعجبت بتلقائية الرجل وبساطته وبقدرته على الجمع بين الفصيح والدارج، بين النثر والشعر، بين الجد والهزل. ولعلّه تأثر بعمله الإذاعي وخبرته في اللقاء الصحافي والمحاورة وإلقاء الحديث بأقل درجة من التكلّف مع روح فكاهية خفيفة ولطيفة تنقل للسامع ما يريد أن يوصله إليه في ومضات بارقة وبدون أن ينفجر ضاحكاً إعجاباً بذاته كما يفعل بعضٌ منا.
لكن أهم ما سجلته في دفتري كان رده حول رأيه في ركائز أو أسس النقد الأدبي وفي مبادئ تأليف الرواية الواقعية الأصلية.
قال إن أسس النقد متوافرة لدى الأساتذة العظام الذين كانوا يحضرون الملتقى ولا يجد في نفسه القدرة الكافية للرد على السؤال.
أما عن مبادئ التأليف فقال صادقاً كما أعتقد:
((إنني لا أصور الواقع لأنني لا أعرفه. بل أندفع نحو الكتابة عندما تتحول الأحداث في وجداني إلى أحلام)).
 
طباعة

تعليق

 القراءات :500  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 41 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.