شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في الميزان
الفرسان الثلاثة (1)
الغربال ـ راسم ـ المنسف
استحر الجدل بين الغربال ومنتقدي الغربال. كل له رأي وكل له منزع وكل يأبى إلا أن يكون صاحب حق في ما يرتئي وينزع ونحن.. نحن القراء شهود هذا السباق واستهوتنا مشاهده بادىء ذي بدء وقلنا جديد ممتع نسرح فيه الطرف ونسري به عن النفس من غير ما خلجة ساورتنا في أن هذا الجانب ستندلع جوانبه لهيباً وأن فرسان الرهان فيه ستتراشق بالحمم والمقذوفات حتى تتابعت الفصول وكان ما كان مما لا نغتفره للغربال ولا منتقديه.
أي غربالنا ـ إني لأعلم أنك اليوم في موقف المدافع، لك أن تتدرع بنفس سلاح مقابلك وأظنه لا يفوتك أنك أنت الذي هيأت لنفسك هذا الموقف فقد كنت قاسياً في كثير من أحكامك وكان البعض يعتذر لك بأنها نفثات مكروب وآهات كليم ولكن البعض الآخر إذا قام يحاسبك اليوم فمن حقه ذلك ثم إذا قسا عليك فضع في الجراب وقل في سرك لنفسك إنها واحدة بأخرى حتى إذا اشتط فحسبك عزاء أنك كتبت ما كتبت لترضي ضميرك.
وأنت يا سيد راسم لأن أهيبك فإنما أهيب فتى من غواة الفنون الجميلة والفنانون صافو الأرواح عالو النفوس لا يختلطون بأوصاب الحياة ولا ينزلون إلى أوحالها أهيب بك أن لا تستهويك مساجلة الغربال فتوليها شطر وجهك في وقت نحن أحوج فيه لأن تكلمنا عن فنونك وتسترعي انتباهنا إلى جمالها.
ثم إنك كفى عليك أن تكون رقيق العواطف لطيف الحواشي وأنه لكثير جداً إذا سمعناك تغلظ في قول عندما تساجل الغربال.
أستفز كامن غيرتك موضوع الكشف الطبي؟ ألا فاعلم أن في هذا النوع من الذين ينتصبون لإصلاح الناس جيد الخيال يتصورون العالم يتصورون ما شاؤوا وحسبهم نواياهم وأنه إذا جاز لنا أن نغضب فعلى قسوتهم على ألا نكون قاسين مثلهم كما فعلت وإني لأصغر من أن أسترعي انتباهك قول الشاعر..
لا تنه عن خلق وتأتي مثله. ثم ما رأيك يا حضرة المنسف عساني لا أغضبك إذا قلت لك إن مداعبتك للغربال كانت حرباً عواناً أعلنتها على غاو دنف في حرب الإصلاح وفي رأيي أن المدنف والمحب إذا غوى أو اشتط أو جن فمن الحكمة أن نربت على صدره حتى يهدأ وتسكن أعصابه ولا بأس من ثواب بارد يطفىء به حرارته حتى إذا هدأ بدأنا نتفاهم وإياه ولنا إذا استعصى بعد ذلك أن نقارعه بالحجة وننازله بالبرهان.
يدعي البعض أنك تحب المداعبة والتهكم وأنك نازلت الغربال بدافع ذلك فإذا صح هذا وإني أستبعده فصدقني أنها كانت مداعبة قاسية وأن تهكمك على لغته وأدبه ومطالعته كانت حدة لا طاقة معها.
أفكاره ـ ما هي أفكاره إني أوافق على أنه يكتب أكثر مما يقرأ، أما أدبه فهات يا أخي عشرة في كل البلاد العربية يكتبون للأدب كفن ثم لا يسيئون ثم قل لي ما رأيك في أدبي وأدبك (ربنا يستر) ولغته ـ ألا تدري أن كثيرين من أمثاله لا يجعلون اللغة أكثر من كونها أداة يصلون بها إلى مسامع القراء ثم وظيفتهم بعد ذلك الحياة نفسها يتصلون بها ويبحثون في مرافقها.
ومطالعته ـ أليس في وسعك أن تقول إنه طالع كثيراً فتأثر وأثر ثم اندفع يكتب مستقلاً. اسمح لي أهمس في أذنك أنك قاس إلى أبعد حد وقسوتك هذه جعلتك تؤخذ بنفس ما أوخذ عليه الغربال، فعلى رسلك، وهون على نفسك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :370  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 55 من 61
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج