كلمة سعادة الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن محمد آل حسين |
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد.. |
فلقد استحقت هذه الجامعة، (جامعة أم القرى) الشكر والتقدير على ما تقدمه من خدمة لهذه البلاد من طريق الاحتفاء بسير أولئك الروّاد الذين كان لهم شأن في خدمة مجتمع هذه البلاد. |
ولم يكن هذا بالسهم الوحيد لهذه الجامعة الأصيلة، بل إنها قدمت خدمات جليلة لفكر هذه الأمة ليس هذا مجال ذكرها وحصرها. فيكفي منَّا أن نقدم الشكر الجزيل لهذه الجامعة على كل ما تقدمه لهذا المجتمع وخصوصاً ما نحن في صدد الاجتماع فيه وهو الحديث عن المصلح الاجتماعي الشيخ/محمد سعيد عبد المقصود خوجه. |
ونحن حين نقدم الشكر لهذه الجامعة إنما تتمثل في أذهاننا جهود هؤلاء الرجال الذين قاموا على توجيه العمل في هذه الجامعة بدءًا بصاحب المعالي الأستاذ الدكتور/ناصر بن عبد الله الصالح ثم أخوته الذين ظلوا يعملون معه بكل جد وإخلاص. |
ولقد بدأت صحبتي للأستاذ محمد سعيد عبد المقصود خوجه يوم أن اطلعتُ على تلك المقدمة التي قدَّم بها (وحي الصحراء) وذلك حين أهدى إليَّ هذا الكتاب أحد شيوخي وهو الأستاذ الدكتور/محمود فرج العقده ـ رحمه الله ـ وكان ذلك في نهاية عام 1378 للهجرة النبوية الموافق: 1985 للميلاد. ولقد رسخت مودة ذلك الشخص في قلبي فكنت أتحيّن الفرص للبحث عن كتاباته حتى إذا ما فرغت من إعداد أطروحتي الماجستير والدكتوراه كان أول عمل علمي أتجه إليه هو جمع مقالات الأستاذ/محمد سعيد من الصحف والمجلات وكان أن بدأتُ في ذلك بحديث عنه وعن مقدمته لكتاب (وحي الصحراء) في مجلة كلية اللغة العربية بالرياض جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. |
قلتُ إني بدأتُ أستنسخ ما في الصحف والمجلات مما له صلةٌ بالأستاذ محمد سعيد، حتى إذا ما تكوّنت لدي مجموعة من مقالاته بدأتُ في تصنيفها ثم دراستها ليتكوّن من ذلك كتاب هو (محمد سعيد عبد المقصود خوجه، حياته وآثاره) وقد طبعت تهامة الكتاب بناءً على طلبها، ومعلوم ما كان لذلك الكتاب من صدى في جميع الأوساط الأدبية إذ ذاك كونه قد سدّ ثغرة كانت محسوسة في ثقافتنا في الصدر الأول من النصف الثاني من القرن الرابع عشر من الهجرة النبوية الشريفة وخصوصاً في العقدين الخامس والسادس من ذلك القرن. |
ثم كانت لي أحاديث عنه رحمه الله في الصحف والمجلات ثم في ((الاثنينية)) جزى الله صاحبها كل خير، والغريب أني بدأت الكتابة عن هذا الرائد قبل أن يُتاح لي التعرّف على ابنه الشيخ/عبد المقصود محمد سعيد عبد المقصود خوجه صاحب ((الاثنينية)) الشهيرة التي قدمت خدمةً لفكرنا وثقافتنا حتى باتت مصدراً لا يستهان به في حياة هذا المجتمع. |
وفي المئوية التي أقيمت بمناسبة مرور مائة عام على فتح الرياض أرادت (مجلة دارة الملك عبد العزيز) وقف بعض أعدادها على الحديث عن الرجال الذين خدموا الملك عبد العزيز فكان من نصيبي الحديث عن محمد سعيد وذلك في العددين الثالث والرابع ـ السنة الرابعة والعشرون 1419هـ ـ وأنا في هذا الحديث أوجز لكم كل ما تحدثت به عن محمد سعيد: |
دخل الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ الحجاز عام 1343هـ ـ 1924م، وكان فيه ثلة من شباب الحجاز الذين ساءهم موقف الملك حسين منهم حيث صدهم عن دواوين الحكومة، وصد أقلامهم عن الصحافة مستعيضاً عنهم برجال وافدين، وعن أقلامهم بأقلام وافدة، فلما جاء الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ فتح لهم أبواب العمل، ولأقلامهم صفحات من صحيفة (أم القرى) التي أنشأها في مكة المكرمة في 12 جمادى الأولى 1343هـ ـ الموافق 1924/12/12م وكان محمد سعيد عبد المقصود خوجه أحد أولئك الشباب، بل إنه كان أسرعهم مبادرة واستجابة وتفاعلاً مع العهد الجديد، وكأنه ينظر إلى المستقبل بعين بصيرته النافذة. |
وفي ذلك العهد نشط شباب الحجاز وبدأوا يكتبون المقالات وينظمون القصائد، وينشئون الخطب، على نحو ما تقرأه في (أدب الحجاز) و (المعرض) و (وحي الصحراء)، وقد حوى هذا الأخير مختارات جيدة من الشعر والنثر تعطي صورة واضحة عن النشاط الأدبي الذي عمر به منتصف القرن الرابع عشر الهجري. |
وفي أي حال، فإن عصر خوجه كان عصر يقظة التقى فيه القديم بالجديد، ودبت الحركة والنشاط في جميع جوانب الحياة في هذه البلاد، وكان العبء في ذلك على كواهل الناشئين. |
|