هَيَّأْتُ غُسْلي والنُعاةَ .. فَهَيّا ....
(1)
|
تَعِبَ الهوى .. والصَّبْرُ باتَ عَصِيّا |
ما دُمْتِ عازمةً على وأْدِ المنى |
فَلْتُجْهزي قبلَ الفراقِ عَلَيّا |
أَشْهَدْتُ رَبّي لن أقولَ قَتَلْتِني |
يومَ الحسابِ غداةَ أبْعَثُ حَيّا |
مَرْضِيَّةٌ .. لن تشتكيكِ لِرَبِّها
(2)
|
نفسي إذا أَغْمَضْتِ لي عَيْنَيّا |
وَنَثَرْتِ كافوراً عليَّ .. وَشَيَّعَتْ |
عيناكِ صَبًّا في هواهُ تَقِيّا |
وأَنَبْتِ عني شُرْبَةً من "زمْزَم" |
وَبَسَطْتِ كفاً بالدعاءِ عَشِيّا |
وَسَعَيْتِ لي ما بينَ "مروةَ والصَّفا" |
سبعاً.. وَزرتِ عن القتيلِ نَبِيّا |
معذورةٌ إنْ تقتلي مُتَأبِّداً |
في الغُرْبَتَينِ عن العراقِ شَقِيّا |
أَبَتِ المَسَرَّةُ أَنْ تُضاحِكَ مُقْلَةً |
مني وَقَدْ بَلَغَ الوئامُ عتيّا |
أوْصَدْتِ دوني مُقْلَتَيْكِ .. وأَطبَقَتْ |
شفةٌ أَلِفْتُ بها الصداح شَجِيّا |
طَحَنَتْ رُحاكِ غَدي وما أَقْرَيتني
(3)
|
في صَحْنِ يومي من قِراكِ شَهِيّا |
ما زلتِ غاضبةً؟ أنا ابنكِ يا ابنتي |
ولقد أتيتكِ شاكياً مَشْكِيّا |
ما سِرُّ خِنْجَرِكِ اصطفى صدري له |
غِمداً وَقَدْ شَلَّ الجفاءُ يَدَيّا؟ |
حَرَّضْتِني ضِدّي .. فكم من غادةٍ |
أغْمَضْتُ عن ياقوتِها جَفْنَيّا |
ولذاذةٍ قَرُبَتْ فَصِحْتُ بها: ابعدي |
ومناحةٍ بَعُدَتْ فَصِحْتُ: إليّا |
فَرَشَتْ لك الأحداقُ عُشْبَ حقولِها |
أَمّا الفؤاد فقد أتاكِ حَفِيّا |
عَطِشَ الهوى فأبى سواكِ لقلبِهِ |
نبضاً وَدِفْئاً للضلوعِ وَرِيّا |
دَجَّنْتِ في جسدي ذئابَ رغائبي |
وأَحَلْتِ جنَّ متاهتي أُنْسِيّا |
وَجَعَلْتِ من كهفي بمغتربِ الثرى |
بضياءِ صوتِكِ ـ لا النجومِ ـ ثُرَيّا |
هَرِمَتْ قناديلي .. وشاخَتْ جبهتي |
لكنَّ قلبي ما يزالُ فَتِيّا |
لا زلتُ أذكرُ سكرةً صوفيَّةً |
أَلْفَيْتُني برحيقِها مَغْشِيّا |
فَتَوَضّأتْ روحي وَيَمَّمَ نبضَهُ |
قلبي وفاض الذِكرُ من شَفَتيّا |
مَحَضَتْكِ رِقَّتَها الورودُ وأوْدَعَتْ
(4)
|
شفتيكِ سِرَّ الياسمين شَذِيّا |
حَضَرِيَّةُ الديباجِ لكنْ في الهوى |
بَدَوِيَّةُ الأشواقِ تأْنَفُ غَيّا |
يا قلب عشتُ الفاجعاتِ جميعها |
وَخَبَرْتُ منها شاخِصاً وَقَصِيّا |
لكنَّ أَثْقَلَها عليَّ شماتَةٌ |
مِمَّنْ تَخَيَّرَهُ الفؤادُ صَفِيّا |
لا تنفِني من حقلِ قلبِكِ .. إنني |
عشتُ الحياةَ مُشَرَّداً مَنْفِيّا |
أُوصِيكِ بيْ شَرًّا إذا خنتُ الهوى |
وَنَكَثْتُ عهدَ محبةٍ عُذْرِيّا |
* * * |