في آخر العمرِ |
اكتشفتُ أنني غَريرُ... |
وأنني |
يمكنني المسيرُ وسطَ النار |
دون أن يطالَ بُردَتي السعيرُ... |
في آخر العمر اكتشفتُ |
أنني الزاهدُ.. |
والمسرفُ... |
والصعلوكُ... |
والأميرُ.. |
وأنني الحكيمُ.. والمجنونُ |
واكتشفتُ أنَّ زورقي |
أكبر من أنْ |
تستطيعَ حملَهُ البحورُ... |
وأنني يمكنُ أن تطيرَ بي وسادتي |
إلى فضاءٍ خارج الفضاءِ.. |
أن يرحل بي السريرُ |
نحو حقولٍ |
طينُها الياقوتُ والمرجانُ والحريرُ .. |
وأنني نهرٌ خُرافيٌّ |
إذا مرَّ على القفار قامت واحةٌ |
وأعشبتْ صخورُ.. |
وأنني عصفورُ |
فضاؤهُ قصيدةٌ مطلعُها عيناكِ |
واكتشفتُ أنني بلا حبِّكِ يا حبيبتي |
فقيرُ.. |
في آخر العمر اكتشفتُ |
أنَّ كلَّ وردةٍ حديقةٌ كاملةٌ |
وكل كوخٍ وطنٌ |
وتحتَ كلِّ صخرةٍ غديرُ... |
والناسَ ـ كلَّ الناسِِ ـ ما دمتِ معي |
عشيرُ.. |
في آخرِ العمرِ اكتشفتُ |
أنَّ قلباً دونما حبيبةٍ |
مبخرةٌ ليسَ بها بخورُ... |
في آخر العمر اكتشفتُ |
أنَّ لي طفولة ضائعةً |
جاءَ بها حبُّكِ |
فاستعدْتُ ما أضاعهُ المنفى |
وما خبّأهُ عن زمني الدَّيجورُ... |
في آخر العمر اكتشفتُ |
أنني سادِنُكِ الناسكُ .. والخفيرُ... |
أركض في روضِكِ |
أصطادُ الفراشاتِ التي |
أثمَلها في ثَغركِ العبيرُ.. |
أحرس يا حبيبتي حمامتي صدركِ |
حين تقربُ الصقورُ... |
في آخر العمر اكتشفتُ |
أنني طفلُكِ يا سيدتي الطفلةُ |
طفلٌ عاشقٌ .. |
دميتُهُ ربابةٌ .. |
ملعبُهُ الحصيرُ.. |
فلا تلومي الطفلَ |
حين يستفزُّ شَوكَهُ الحريرُ |
* * * |