شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ـ 6 ـ (1)
وفي مجال الحب الطاهر.. والافتخار بالعفاف.. صوناً عن ارتكاب محرم.. إو إهدار كرامة.. فقد كانت للعرب مواقف ووقائع تدل على الحظ الكبير لديهم في ذلك.. حتى بلغ بهم الأمر قطعاً لدابر الشبهات والتقول أن كانوا يحولون دون زواج بناتهم ممن يتغزل أو يتشبب بهن في شعره.. وما قصص قيس بن الملوح وجميل.. وسواها.. إلا بعض من كل..
وما ورد من الشعر.. وهو سجل من سجلات حياتهم.. يشير بصراحة إلى ما سلف.. ومن أشهر ما يروى.. صدا لحرام دعي إليه صاحبه:
أما الحرام.. فالحمام دونه
والحل.. لا نأبى.. ولا نستدينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه
يحمي الكريم.. عرضه.. ودينه..
وكذلك:
ما إن دعاني الهوى لفاحشة
إلا نهاني الحياء.. والكرم
فلا إلى فاحش مددت يدي
ولا مشت بي.. لزلة.. قدم!
وأيضاً:
حور حرائر.. ما هممن بريبة
كظباء مكة.. صيدهن حرام
يُحسَبن من لين الكلام.. فواسقاً
ويصدهن عن الخنى.. الإسلام!
ومدار التقدير لموقف الحب الطاهر.. لا يقوى صاحبه على أداء لازمه المادي.. وتنفعل النفس النبيلة تسبقها أريحيتها لما يجب عليها.. صورة في ذلك الإطار العام:
ويحكى.. أن أحد السراة النبلاء.. وكان من المغرمين بسماع الشعر وبروايته.. قد نذر على نفسه لمناسبة خاصة به أنه لن ينشد شعراً أبداً.. وإنه متى أنشده فعليه عتق رقبة عن كل بيت.. ومر على نذره هذا حين طويل من الزمن..
وفي أحد الأيام.. وبينما هو مار في مكان عام.. إذ نظر إلى شاب يتحدث مع شابة جميلة الوجه.. فقال له: يا هذا.. اتق الله.. أفي مكان عام كهذا المكان؟ فقال الشاب: والله ما ذاك لخنى.. أو لشيء لا يليق.. ولكن حديثنا خاص بنا وفي حدود الصون والعفاف.. إن هذه التي تراها وأكلمها هي ابنة عمي.. وأعز الناس علي.. وإن أباها منعني من تزويجها لفقري.. ولفاقتي.. فقد طلب مني مائة ناقة.. ومائة أوقية من الذهب.. ولم أقدر من ذلك على شيء!
هنالك.. اهتز الرجل النبيل وتأثر.. وما كان منه إلا أن صحب الشاب لدار عمه ـ والد الفتاة ـ ودفع إليه ما اشترطه على ابن أخيه.. ولم يقم من مقامه.. حتى عقد له عليها..
وهكذا.. عاد الرجل إلى داره.. مسروراً بما فعله من صنيع طيب.. ولم يشعر بنفسه.. وقد غمرته الفرحة.. إلا وهو يترنم ببيت من الشعر.. فقالت له جاريته: أراك اليوم يا مولاي تنشد الشعر أفنسيت ما نذرت أم تراك قد هويت؟
فأنشد:
تقول وليدتي: لما رأتني
طربت.. وكنت قد أنسيت.. حينا
أراك اليوم.. قد أحدثت عهداً
أورثك الهوى.. داء دفينا
بحقك.. هل سمعت لها حديثاً
فشاقك.. أو رأيت لها جبينا
فقلت: شكا إلي أخ محب
كمثل زماننا.. إذ تعلمينا
وذو الشجو القديم.. وإن تعزى
مشوق.. حين يلقى العاشقينا!!
ثم عد الأبيات.. فإذا هي خمسة أبيات.. فأعتق خمس رقاب قائلاً: لله درّك من خمسة.. أعتقت خمسة.. وجمعت بين رأسين في الحلال!
* * *
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1051  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 59 من 113
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج