فهارس الكتب عناوين الكتب محتويات الكتب أسماء المؤلفين الكل          البحث   

مكتبة الاثنينية
( 28 ) استقراء... تكرّرت حوادث إلقاء القنابل، مرافقة، أو مطابقة لحركات الإضراب، والمظاهرات ـ وقد سبقت ذلك بزمن ليس بالبعيد، حوادث الاغتيال السياسية، ما نفذ منها، وما كان بسبيل التنفيذ.. وهي وسائل عملية تناقض الطبع المصري المعروف.. والمستقرأ في المناسبات الفردية فنحن نسمع ـ مثلاً ـ عن "خناقة!" فوق التلتوار، أو بالمحطة، أو في الشارع.. فإذا هي في حقيقتها لا تزيد عن "ردح" موزون، وتهديد موسيقي، وحركات وإشارات هجومية . ولكن بين صفوف من الحواجز الآدمية الوسيطة في حلها. فاللسان ـ لا اليد ـ وسيلة تصفية الحساب.. وخرشمة الوش. وتكسير السنان، وتخزيق العينين، و.. و.. إلى آخر التشويهات البدنية هي الياذة الخناقات التي شاهدناها، وسمعنا كثيراً عنها.. اللهم إلا فيما ندر، وليس القياس، فهي بهذه المثابة كزعم الفرزدق قتل المرحوم ـ بيد عزائيل ـ مَرْبَع!.. كما إننا نعرف الفزع المصري الأكبر من الجندية.. والفرار منها بدفع البدل، أو قلع العين، أو الهجرة.. والهرب والزوغان من معارك اليد.. أو من صوت الرصاص.. لذلك كلّه.. كان استغرابنا، حوادث القنابل، والمظاهرات العملية، وحوادث الاغتيال. فإعجابنا. فإيماننا الجديد بروح جديد.. لا بالنسبة للقروي والعربي والفلاح. فإن في هؤلاء فعالية "غشيمة" لم يصقلها التثقيف، أو التدريب.. فتتجه إلى الأرقى المهذب المنتج، يوم لا يكون بد من الاتجاه إليه.. بدل حصرها في الأخس العقيم، تمارسه في كل شأن تافه.. وكل يوم، أو حين.. ولكن بالنسبة للقاهري اللبق،.. والإسكندراني المهذّب.. والمنصوري الفاتن.. والبور سعيدي المصقول و.. و.. سواء منهم الأزهري الرصين، أو الجامعي الرشيق.. إنها حوادث، إن عيبت ذاتها، لظروفها، وأساليبها.. فإن لها دلالتها، المنطوية على كثير من معاني القوة. والحركة، والتحوّل، واستقامة الاتجاه الهدفي المنتج.. ليس الغريب أن يحدث هذا.. وأكثر منه.. ولكن الغريب أن يتأخّر حدوثه للآن.. فإن سيل "الدماء" المختلفة. والمنصبة في الشريان المصري من قرون وقرون.. لا بدّ وأن يحدث هذا.. إن عزّ على الدم المصري البحت إحداثه.. وليس بعزيز..
طباعة تعليق  القراءات :853  التعليقات :0
صفحة 30 من 113

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان

هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع
	تسجيلات كاملة
	مقتطفات لتسجيلات مختارة
	لا أؤيد
النتائج