قف بأمّ القرى، لمجد الزمانِ |
قد تلاقى فيها، بمجد المكانِ |
موكب الروح والملائك فيه |
وسنا الأنبياء، في مهرجان |
ألق الذكر فيه من ألق الفجر |
وسحر الرؤى كسحر الجنان |
وحراء، وزمزم، والمصلّى |
ومنى، والمقام، والمروتان |
والمحاريب، والمشاعر، كون |
ناطق، بالتُّقى وبالإيمان |
وغناء الحمائم الفتان |
في لقاء المواسم النشوان |
هذه مكّة فحي المغاني |
بين أرجائها بعذب الأغاني |
قدست موطناً وعزّت نجاداً |
ووهاداً عن سائر الأوطان |
سيد المرسلين منها، وفيها |
قبلة العالمين، صوب العيان |
جَنَّةٌ تجتنى، وروض ندي |
ونمير، معطّر الفيضان |
بارك الله أهلها وثراها |
وحماها، من كل باغٍ وجان |
فإذا ما نظرت للكعبة الغراء، |
فاسجد، لفاطر الأكوان |
فهنا بيته، وهذا حماه |
فاز فيه الحجيج، بالغفران |
حرم آمن، وبيت حرام |
وبناء، مطهر الأركان |
قد أطافت به الخلائق، والتفَّـ |
ت بأطرافه، كعقد الجمان |
والمنارات، حوله شامخات |
رجَّعت في السماء، صوت الآذان |
والتسابيح والتراويح، نشوى |
وجنى الجنتين، منهن دان |
(جبل النور)، كيف عهدك بالوحي |
وعهد الربوع بالقرآن |
أي سر، أحاط بالغار، حتى |
صار غاراً، على جبين الزمان |
أشرق الفجر منه، فاشتعل |
الليل ضياءً، وهلل المشرقان |
وصل الأرض بالسماء حديث |
عبقري الظلال والألوان |
آية، بعد آية، بعد أخرى |
يتوارى من نورها النيِّران |
سور كالنجوم، بل هي أسمى |
بالمعاني، وبالهدى، والبيان |
الربى والبطاح، ترفل فيها |
أين من حسنهن، حسن الغواني؟ |
كل ربع كأنه رفرف الخلد |
تناجى، برائعات المثاني |
يا نبي الهدى، عليك التحيات |
كنفح الورود والريحان |
وعلى آلك الكرام وأصحابك، |
تترى كالعارض الهتان |
كنت فينا، ولم تزل خير هادٍ |
جاء للعالمين بالبرهان |
أنقذ الناس، من شرور الخطايا |
ودعاهم لطاعة الرحمن |
رب رحماك؛ فالحوادث شتى |
داهمتنا بالإفك والعدوان |
جمع الدين شملنا، فافترقنا |
وهدمنا ما شاده؛ من كيان |
ودهتنا الخطوب، من كل صوب |
ومشينا على الهوى والهوان |
الكتاب المنير فينا، وفينا |
سنَّة المصطفى، هما الفرقدان |
قد نسيناهما، وكم أخطأ الناس |
سبيل الرشاد، بالنسيان |
غافر الذنب، قابل التوب إنا |
قد لجأنا، إلى رحاب الأمان |
يا مجيب المضطر، أما دعاه |
ومجيراً، للمستجير العاني |
يا سميع الدعاء، يا واسع الآلاء |
هيئ لنا، بلوغ الأماني |
أيد المسلمين منك، بنصر |
وأجرنا، من فتنة الشيطان |
لا تكلنا لما عملنا، وقابل |
عجزنا، بالوفاء والإحسان |