في صَدْرِ هَذَا الْيَوْمِ .. |
بَيْنَ الضُّحَى .. وَالْقَائلَهْ .. |
وَالأُمُّ تَبْكِي ثَاكِلَهْ .. |
والأُخْتُ تَجْرِي ذَاهِلَهْ .. |
وَأَخِي الْكَبِيرْ .. وَأَخِي الصَّغِيرْ .. |
وأَنَا .. وَكُلُّ الْعَائلَهْ .. |
كُلٌّ يُحَوْقِلُ.. أَوْ يُهَمْهِمُ .. أَوْ يُصَرِّخُ .. |
فِي نَحِيبٍ .. أَوْ عَوِيلْ .. |
مَاتَ الأَبُ الْغَالِي الْعَزِيزُ .. |
مَاتَ الأَبُ الْغَالِي الْعَزِيزُ الشَّاعِرُ .. |
الطَّيِّبُ .. الْفَكِهُ .. الْحَنُونُ .. السَّاخِرُ .. |
الْمَالِئ الْبَيْتَ السَّعِيدَ .. سَعَادَة لِلسَّامِرِ .. |
وَالْقَارِئ الْقُرْآنَ مَنْغُوماً .. بِصَوْتِ سَاحِرِ .. |
رَبُّ الإِمَامَةِ .. وَالصَّلاَةِ جَمَاعَةً .. فِي كُلٍّ فَرْضْ .. |
أُسْتَاذُ أَجْيَالٍ .. تَوَالَتْ .. بِالْفَلاَحِ .. وَكِيدَةً .. |
فِي جِدَّةٍ .. مِنْ كُلِّ بَيْتٍ .. بَيْنَهَا .. مِنْ كُلِّ أَرْض .. |
وعَمِيدُ عَائلَةٍ .. تَجَمَّعَ شَمْلُهَا .. |
مِنْ حَوْلِهِ .. وَأَمَامَهُ .. كَالْقَافِلَهْ .. |
فِي أَمْسِهِ .. تَحْيَا كَأَهْنَأ عَائلَهْ .. |
فِي يَوْمِهِ .. تجتاز هَذِي النَّازِلَهْ!! |
وَالأُمُّ تَبْكِي .. ثَاكِلَهْ وَالأُخْتُ تَجْرِي .. ذَاهِلَهْ |
وَأَخِي الكَبير .. وَأَخِي الصَّغِيرْ .. وَأَنَا .. وَكُلُّ |
الْعَائلَهْ .. |
كلٌّ يُحَوْقِلْ.. أَوْ يُهَمْهِمُ .. أَوْ يُصَرِّخ .. |
فِي نَحِيبٍ .. أَوْ عَوِيلْ .. |
مَاتَ الأَبُ الْغَالِي .. الْعَزِيزْ .. |
وَالْوَالِدُ الْمَحْبُوبُ .. فِيمَا بَيْنَنَا .. جَسَدٌ مُسَجَّى |
صَامِتُ .. |
لَكِنَّهُ .. فِي سَمْعِنَا .. حِسٌّ أَلِيفٌ .. صَائتُ .. |
مَا زَالَ حَيًّا .. بَيْنَنَا |
مُتَنَهِّداً .. مُتَوَعّداً .. مُتَوَدِّداً .. مُتَوَسِّدَا .. |
فِي كُلِّ عَادَات .. لَهُ .. مَا بَيْنَنَا .. لَمْ نَنْسَهَا .. |
لَكِنَّهُ .. فَوْقَ السَّرِيرِ .. الآنَ .. جِسْمٌ لاَ يُجيبْ .. |
وَعَلَى الْفِرَاشِ .. عِبَارَة .. عَبْرَ الأَثِيرْ .. |
ضَاقَتْ بِهَا الأَجْيَالُ .. خَاضِعَةً لأَحْكَامِ الْمصِيرْ .. |
وَعَلَى السَّرِيرِ حَمَامَةٌ بَيْضَاءُ .. تَنْطُرُ فِي وَجَلْ .. |
وَتَمُدُّ جِيداً نَافِراً .. وَتَعُود .. تَرْمُقُ فِي خَجَلْ.. |
مَنْ كَانَ يُطْعِمُهَا النِّثَارَ .. بِوَقْتِهِ .. مِنْ كَفِّهِ .. |
جَاءَتْ إِلَيْهِ .. كَسِرْبِنَا .. قَدْ حَوَّمَتْ .. فِي صَفِّهِ |
مَنْ عَادَ فَوْقَ فَرَاشَه .. ذِكْرَى حَيَاة .. حَوْلَهَا .. |
جَسَداً .. تُغَطِّيهِ الْمِلاَءةٌ .. وَالْمِلاَءةٌ .. مِثْلَهَا .. |
بَيْضَاءَ .. طَالَتْ فِي الْجَوانِبِ .. كُلَّهَا .. |
غَطَّتْهُ .. إلاَّ وَجْهَهُ مُتَهَلِّلاَ .. |
إِلاَّ الْجَبِينَ .. مُغَضَّنا .. مُتَرَسِّلا .. |
إلاَّ الْمُحَيَّا .. شَاحِباً .. أَوْ ذابِلاَ .. |
إلاَّ مَلاَك الْمَوْتِ .. فِي أطْرَافِهِ |
مُتَجَوِّلاً .. أَوْ رَاحِلاً .. |
ذِكْرَى حَيَاةٍ .. لَمْ تَعُدْ فِيهَا حَيَاهْ |
بَيْنَ الْمَآقِي الْمُطْبَقَهْ .. |
هذي الشِّفَاه الْمُغْلَقَهْ .. |
إلاَّ بَقِيَّةُ بَسْمَةٍ فَوْقَ الشِّفَاهْ .. |
ضَاعَتْ .. وَبَاتَتْ حَائلَهْ .. |
وَالأُمُّ .. تَبْكِي .. ثَاكِلَهْ |
والأخت .. تَجْرِي .. |
ذَاهِلَهْ .. |
وَأَخِي الْكَبِير .. وَأَخي الصِّغِيرْ .. وَأَنَا .. وَكُلُّ |
الْعَائلَهْ.. |
كُلٌّ يُحَوْقِلُ .. أَوْ يُهَمْهِمُ .. أَوْ يُصَرِّخُ |
فِي نَحِيبٍ أَوْ عَوِيلْ .. |
مَاتَ الأَبُ الْغَالِي .. الْعَزِيزْ .. |
وَمَضَتْ سُوَيْعَاتُ النَّهَارِ .. طَوِيلَةً .. مِثْلَ الأَزَلْ .. |
وَكَرِيهَةٌ .. وَقَصِيرَةٌ .. فِي عَدِّهَا .. مِثْلَ الأَجَلْ .. |
وَتَجَمَّعَ الأَحْفَادُ .. جَاؤوا يُسْرِعُونَ .. عَلَى عَجَلْ .. |
تَرَكُوا الْمَدَارِسَ .. وَالْملاَعِبَ .. والْقُبَلْ .. |
فِي الْغُرْفَةِ الْكُبْرَى .. وَبِالرُّكْنِ الصَّغِيرْ .. |
مِنْ دَارِنَا .. وَلَدَى الْفِنَاءِ .. عَلَى لِقَاءٍ بالْفَنَاءْ .. |
وَبِرَأْسِ كُلٍّ مِنْهُمُ .. مَعْنىً مُثِيرٌ .. |
قَدْ تَرَاءىَ .. قَدْ أَطَلْ .. |
قَالَتْ صَغِيرَتُهُمْ لأخْرى .. |
فِي اضْطِراب فِي وجلْ |
هَلْ مَاتَ جَدِّي؟؟ مِثْلَمَا قَالُوا |
مَا الْمَوْتُ؟؟ مَا مَعْنَاهُ؟! هَلْ سيدِي يَمُوتْ؟! |
وَتَسَارَعَ الصِّبْيَانُ .. كُلٌّ فِي عَمَلْ .. |
قَالُوا .. لِبَعْضِهُمُ .. بِحُزْنٍ مُرْتَجَلْ .. |
بَادِي الإثَارَةِ .. فِي الْجُمَلْ .. |
عَمِّي كَبِيرْ .. |
عَمِّي كَبِيرٌ .. مَاتَ .. وَافَاهُ الأَجَلْ!! |
وَقُطَيْطَةٌ سَوْدَاءُ كَانَ يُحِبُّهَا |
جَاءَتْ .. كَعَادَتِهَا .. |
تُطِيلُ مُوَاءَهَا .. وتَهُزُّ .. مَرْفُوعاً .. هُنَالِكَ ذَيْلَهَا .. |
لَكِنَّهَا .. قَطَعَتْ بِرُؤْيَتِنَا .. الْمُوَاءْ .. |
لِيَظَلَّ مَبْتُوراً .. بِجُمْلَتِهِ .. الأَداءُ .. |
وَحَفَتْ بَقِيَّةَ ذَيْلِهَا .. مِنْ خَلْفِهَا .. |
وَثَوَتْ لَدَى الطَّرْفِ الْقَصِيِّ.. بِرُكْنِهَا .. |
وَتَطَلَّعَتْ حَيْثُ الإِنَاءْ .. |
مَا زَالَ مُحْتَفِظَاً .. بفَضْلَةِ زَادِهَا .. |
لَفَظَتْهُ .. سَاكِنَةً .. كَنَفْسٍ عَاقِلَهْ .. |
وَثَوَتْ .. تُجِيلُ الطَّرْفَ .. حَيْرَى .. |
جَاهِلَهْ .. |
وَالأُمُّ .. تَبْكِي .. ثَاكِلَهْ والأُخْتُ .. تَجْرِي .. ذَاهِلَهْ .. |
وَأَخِي الْكَبِيرْ .. وَأَخِي الصَّغِيرْ .. وأَنَا .. وكل الْعَائلَهْ .. |
كُلٌّ يُحَوْقِلُ.. أَوْ يُهَمْهِمُ .. أَوْ يُصَرِّخُ .. |
فِي نَحِيبٍ .. أَوْ عَوِيلْ .. |
مَاتَ الأَبُ الْغَالِي .. الْعَزِيزْ!! |
وَأَتَى الصِّحَابُ الْمُخْلِصُونَ.. جَمِيعُهُمْ.. |
وقَرَابَتِي.. وَالأَهْلُ.. وَالْجِيرَانُ .. جَاؤوا |
يَهْرَعُونَ .. وَيُسْرِعُونَ .. |
حَمَلُوا الْجَنَازَة .. أيّ أَبِي .. فِيمَا يُسَمَّى الرَّاحِلُونْ .. |
وَسَعَوْا لِبَابِ الدَّار .. يَبْغُونَ الْفَرَارَ .. إلَى الْقَرَارْ .. |
وَبِمَسْمَعِي .. أَبَداً .. تَرِنُّ .. كَأَنَّهَا .. |
وَسْطَ الْفُؤَادِ .. رُصَاصَةٌ .. وَلَهَا أَزِيزْ .. |
صَرَخَاتُ أخْتِي الذَّاهِلَهْ صَرَخَاتُ أخْتِي .. هَائلَهْ.. |
وَيْلاَهُ .. يا أَبَتِي الْعَزِيزْ .. |
وَيْلاَهُ .. كَيْفَ تَرَكْتَنِي؟؟ |
وَأَنَا الضَّعِيفَةُ .. يَا أَبي وَأَنَا الْمُطِيعَةُ .. يَا أَبِي .. |
وَأَنَا السَّعِيدَةُ .. أَنْ أَظَلَّ مِنَ الصَّبَاحِ إِلَى الصَّبَاحْ .. |
رَهْناً لِخِدْمَتِكَ الْعَسِيرَةِ وَالْيَسِيرَةِ.. لَنْ تُتَاحْ.. |
أوَّاهُ .. يا أَبَتِي الْعَزِيزْ .. |
أوَّاهُ .. كَيفَ تَرَكْتَنِي؟؟ |
وَتَهَلَّلَتْ بِسَمَا الصَّلاَةِ .. بَنَا الْوُجُوهْ .. |
لِرَبِّهَا .. بِصُفُوفِهَا .. فِي الْمَسْجِدِ .. |
حَيْثُ اسْتَرَاحَ أَلِيفُهُ .. |
في نَعْشِهِ .. |
وَسَعَى بِهِ السَّاعُونَ .. نَحْوَ الْمَقْبَرَهْ .. |
كُلٌّ يُطِلُّ لَهُ ـ وَيَرْجُو الْمَغْفِرَهْ |
فَحَلاوَةُ الإيمانِ .. ذِكْرٌ .. عَطَّرَهْ .. |
وَتَوَسَّدَ الْجَسَدُ النَّحِيلُ .. |
مَكَانَهُ .. مُتَوَحِّدَا .. |
وَتَفَرَّقَ الأحْيَاءُ .. كُلٌّ .. |
قَدْ أَفَاءَ .. مُرَدِّدَا .. |
إنَّا .. لِرَبِّكَ .. رَاجِعُونْ .. |
إِنَّا .. لِرَبِّكَ .. رَاجِعُونْ!! |
وَجَرَتْ .. هُنَا .. بَعْضُ السَّحَالِي الْحَائرَهْ .. |
حَوْلَ النِّهَايَةِ .. فِي الْمَقَابِرِ .. دَائرَهْ .. |
وَرَكَضْتُ .. نَحْو الْبَيْتِ .. مَكْلُومَ الْفُؤَادْ .. |
أَرْجُو لِقَاءَ أَبِي الْعَزِيزْ .. هُنَاكَ .. |
أَلْقَاهُ .. فِي يَوْم الْمَعَادْ!! |