أيها الصائغ الشعور عن الحب سؤالاً يجلو النفوس سناه |
في قصيد كأنه نبتة الورد |
ة دلت في الروض عن مجناه |
ما تراني بعد الذي قلت في الحب محباً أقول عن معناه؟ |
والفؤاد الخفاق أصبح لا يهمس إلا للدهر عما جناه |
في ظلام ووحدة وسكون |
وانزواء يطول فيه عناه |
بين دنيا من الحقائق مرت |
كالحاتٍ تعافها عيناه |
المعاني في كونها مثلات |
يصطفيها من كان فيها فناه |
والأماني ما بينها لمحات |
يرتجيها من طال فيها مناه |
والصفات المثلى مياسم هزء |
يجتليها من قل فيها غناه |
والهوى والجمال والمثل السامق فيها من كونها أدناه |
هي دنيا مرادها المال لا غير |
وللجاه بعده ما اقتناه |
أي دنيا هذي التي تهزم القلب |
بدعوى العيش البغيض السخيف |
الخلي الحياة إلا من الصوت |
تلاشى بين الأسى والرغيف |
حيث ترديه في قرار من البيد |
سحيق في همه ملفوف |
جاثماً كالصدى توحد كالكهل |
تعاي رهن الردى والحتوف |
بعد أن كان والحياة لديه |
روضة حلوة الرؤى والطيوف |
بلبلاً راقصاً بها يتغنى |
في ربيع لا ينتهي لخريف |
أو وليداً يهيم في فرحة العمر |
وفي فتنة الشباب المطيف |
الهوى كونه العظيم بما فيه |
حياة مليئة بالطريف |
والأماني من حظه تتلاقى |
بين وانٍ في خطوه وخفيف |
والمعاني في روحه تتقلى |
بين نارٍ وجنةٍ وقطوف |
هكذا كان مثلما هو قد عاد |
إلى أن يعود حر الوجيف |
فإذا شاء أن يحدثك الآن عن |
الحب قاله: معقولا |
وحديث القلوب هيهات نرضى |
عنه من منطق العقول بديلا |
رغم ما تكشف العقول وتغزو |
بأفانين علمها المجهولا |
فلقد نكسب الحقائق علماً |
عبقرياً يزيدنا تكميلا |
ويزيد الحياة نوراً وهدياً |
والأناسي قوة ومثولا |
بيد أنّا فيما يجيش به الطبع أسارى للطبع فينا أصيلا |
نستطيب الوهم المحبب معنى |
مستسراً ونكره التحليلا |
مطمئنين للمعاني اللواتي |
أثّل العمر فرعها والأصولا |
سنّة الخالق الأحاسيس |
في النفس شعوراً يستبشع التعليلا |
فالمعاني في الروح دنيا بها الروح ترى العلم في الحقائق غولا |
والهوى والخيال والدين والشعر وما شاء كونها المأهولا |
هكذا نحن في الحياة بدأنا |
وإليها سننتهي ونعود |
كرة، كرة، وجيلاً فجيلاً |
فالطريف الطريف منا تليد |
فكثير ممن نعدّ وليداً |
هم لدى الواقع الصحيح جدود |
ليس يفنى النوع المسلسل منا |
أو يقينا من الفناء الخلود |
طالما الحب في الحياة حياة |
لبنيها، وزادهم والوقود |
فهو للروح والقلوب غذاء |
وهو للنفس والجسوم وجود |
هو في غمرة الخيال خيال |
ذهبي الألوان حيث يقود |
مستسر التعبير، منقطع الصيحة |
إلا فيما يحس العميد |
وهو في ثورة الدماء نداء |
حَرَكِيّ، في صوته، عربيد |
مستقيم في شأوه لمداه |
وسواء قريبه والبعيد |
فسل العاشق المغرد بالأمس |
إلى أين قاده التغريد؟ |
إنما الحب ما عرفت، وما كان من الكون سره وبقاؤه |
وربيع الحياة والأمل المشرق فيها على النفوس بهاؤه |
هو أغرودة الشباب لديها |
وهو في هجعة المشيب عزاؤه |
هو للفن مبعث الفن وحياً |
عبقرياً تعددت آلاؤه |
وهو للروح فرحة القلب بالقلب هوى فجر القلوبَ غناؤه |
وهو للنفس دعوة الجسم للجسم صدى زلزل الجسوم نداؤه |
فهو في كل ما يحس، ومن ينبض، بعث تنوعت أسماؤه |
فترصد دنياه تنطق بالفتنة شعراً يسمو بها لألاؤه |
في عبير الأزهار، في نغمة الطير، وفي السرب حرة أهواؤه |
في ركام السحاب، في صفقة الريح، وفي الودق ثرة أنواؤه |
في حنايا الصخور، في كنف الشط، وفي البحر فذة أحياؤه |
في اعتناق الألحاظ، في خفقة القلب، وفي الصدر يستشيط ضراما |
في اشتباك الأكف، في حيرة الصمت، وفي ومضة الثغور ابتساما |
في التقاء الشفاه، في ضمة الصدر، وفي لمعة العيون غراما |
في اهتزاز النفوس ألهبها الروح، وألغى من كونها الأجساما |
في انطواء الأجسام، ترتشف الحس شعوراً وكنهه أجراما |
في جنون الأهواء هوجاء لا تقبل وضعاً، ولا تطيق نظاما |
في انبثاق الحياة ترجع بالكهل شباباً، وبالشباب غلاماً |
إنه الحب كيفما كان في الأحياء حساً، وفي الجمال قواما |
هو في الكون دعوة الحي للحي تساوى طبعه أو تسامى |
إنه ثورة الحياة، وقفزات بنيها ضناً بها وهياما |
والشباب الشباب لا يعرف الأين، خلواً، أو هجعة أو سلاما! |