شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أميرنا الشاعر عبد اللَّه الفيصل
للأستاذ محمد فدا
أشكر للزميل صالح جمال نشاطه الأدبي، والرياضي الذي يقوم به في دار البعثة والذي كان من نتائجه هذا الكتيب الذي جمعه لتخليد زيارة سمو الأمير عبدالله الفيصل ثم هذا الكتاب الذي يقوم بجمعه الآن.
وأشكره جداً على أنه أتاح لي الحديث عن شخصية طريفة ممتازة أحببتها كما أحبها جميع الشباب المثقف عن تقدير وإخلاص، تلك هي شخصية أمير الشباب ((الأمير عبدالله)) المحبوب.
وأنا إذ أتحدث عن سموه فإنني لا أريد أن أتحدث عن كرمه، وشجاعته، فهو حفيد العاهل المفدى، ولا أريد أن أتحدث عن مقدرته السياسية ولباقته فهو ابن الفيصل المحنك، لكنني أريد أن أتحدث عن شاعريته الخصبة، ونفسه التي تنطوي على كل ما تنطوي عليه نفس الشاعر الفنان الأصيل من إحساس مرهف، ورقة عذبة، وخيال محلق، كما أريد أن أتحدث عن اثر هذه الشاعرية في حياته.
وليعذرني القارئ إن لم أتعرض لتحليل شيء من شعره، أو ذكر صور منه على الأقل، فالمجال أضيق من هذا.
كنت أظن ـ في بادئ الأمر ـ أن مهام منصبه تحول بينه وبين قرض الشعر، لكني بعد أن تشرفت بمحادثته في كثير من مجالسه رأيته كلفاً بالأدب، معنياً بالشعر، ولعاً بالممتاز منه. وكنت أظن أنه إن قال الشعر فإنما يقوله نادراً وعلى ذلك النمط الذي تقوله القبائل البدوية وتعنى به، والذي يعرف باسم ((النبطي))، لكني وجدته غير راضٍ عن هذا النوع للهجته الجافة، وغريب ألفاظه، إلاّ أنه لم يقف منه عند هذا الحد من عدم الرضا، ولم يهمله لأن في هذا الشعر، بالرغم من كل شيء، إحساساً قوياً، وشعوراً صادراً عن نفس بدوية شاعرة، تهتز له نفس السامع.
فأخذ يسمو بهذا النوع من الشعر، ويخرجه من بدويته الجافة النافرة إلى بدوية متحضرة تهوى الرقة، وتؤثر العذوبة، وقد سمعت شعراً من هذا النوع للأمير فوجدته شعراً يستسيغه الحضري، ويعجب بروحه البدوية البريئة، وتشبيهاته الرائعة، ولمست بوناً شاسعاً بين هذا وذاك حتى لخيل إليّ أنه غيره.
وأنا لا أبالغ إن قلت إن سمو الأمير يعتبر مجدداً في هذه الناحية، وأي تجديد أعظم من أن يجعل غير المستساغ مستساغاً شهياً، وليس ما لدى الأمير من هذا النوع من الشعر بالقليل اليسير بل لديه ما يربو على مائتي قصيدة، تختلف طولاً وقصراً بحسب الأغراض التي نظمت فيها.
هذا عن الشعر النبطي الذي كنت أظن أن الأمير لا يقوله إلاّ نادراً فأخلف ظني بكثرته كما أخلف ظني مرة أخرى بتلك القصائد الرائعة التي سمعتها منه في معانٍ مختلفة فذكرتني موسيقاها المرقصة وألفاظها العذبة بشعر ابن أبي ربيعة.
قلت لنفسي إذن هو يقول الشعر النبطي ويقول الشعر غير النبطي وله من هذا النوع الأخير قصائد مترفة، ومقطوعات تمتاز بالرقة والعذوبة، والعاطفة الصادقة.
حقاً إني لجد معجب بما سمعت منه من شعر حتى لقد رجوت سموه في أن يطبع شعره فقال باسماً: ((سأفعل)) قلت: وأي اسم ستختارون لهذا الديوان؟ فقال: ((من وحي الحرمان)) أو ما يقرب من هذا.
لم أعجب من هذه التسمية لأني سمعت في كثير من شعره أنات حزينة هادئة تنبعث من الأعماق.
لم أعجب من هذه التسمية لأن الشعور بالحرمان أثر من آثار شاعريته.
نعم فقد أكسبته شاعريته ـ فوق ما أكسبته من مكارم الخلق ورقّة الوجدان ـ حساً مرهفاً لا يرتضي النقص وخيالاً محلقاً يهوى الكمال فهو مندفع بحسه وخياله نحو هدفه الذي يسعى جاهداً لبلوغه، وهو كلما قطع شوطاً نحوه أحس بازدياد حاجته، وما هدفه الذي يرمي إليه، إلاّ النهوض بوطنه في جميع نواحيه، فهو يريد أن يعيد لوطنه مكانته السابقة في عالم الحكم، والعلم، والأدب، لأنه يعتقد أن الوقت قد أزف ليقوم الحجاز بأداء رسالته نحو العالم، وجدير بهذه النفس المرهفة الحساسة أن تشعر بالحرمان ما دامت هي لم تحقق كل ما تصبو إليه.
وإني لأرجو أن يحقق الأمير وعده فيصدر ديوانه الرائع وأنا واثق أنه سوف لا يدخر وسعاً في تدعيم نهضتنا الأدبية بصفة خاصة، بل سيتزعم هذه النهضة فيعيد لنا تلك الأسواق الأدبية الرائعة في صور أروع، مهرجانات تضم ممثلي الأقطار الشقيقة.
حقق الله أماني الأمير وأراه الوطن وقد تبوأ المكانة اللائقة به، وقد عقدت له ألوية الزعامة في مختلف الفنون.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :635  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 50 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.