شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
قفلة الكتاب!
بقلم: عبد الله الجفري
ـ لم يتعبني تجميع مادة هذا الكتاب الذي حرصت في فصوله أن يكون ((بانوراما)) لشخصية المربي التربوي المميز محمد عبد الصمد فدا، الذي سبق عصره بمراحل.. بل إن ما أتعبني بحق: تأكدي من وجود نصوص أخرى، ومواقف مبهرة في حياة هذا الرجل/الفارس.. لم أعثر عليها، ولم يزوّدني بها من يمتلكها بكل أسف!!
لقد حاولت بالتعاون مع بعض زملاء الدراسة في ((المدرسة الرحمانية))، وعلى رأسهم أخي/محمد سعيد طيب.. فلم تتوافر لنا سوى هذه المواقف والذكريات التي سجلناها ووثقناها في هذا الكتاب، لخدمة تاريخ التربية والتعليم في بلادنا، وأعمال الرجال الذين تركوا بصماتهم.. فحق على الوطن أن يكرمهم.
وإذا كنا ركضنا وراء تقديم شخصية/محمد فدا للأجيال الجديدة ليستسقوا أو ينهلوا من معينها.. فهناك بعض الكتب التي أتعبنا البحث عنها وتوفيرها، مثل المداعبات الشعرية بين/محمد فدا وأصدقائه من شعراء السخرية الضاحكة: د. حسن نصيف، أسعد جمجوم، ومحمد بادكوك، ومثل الكتاب الذي ضم نماذج من شعر ((محمد فدا)) على قلة ما كان ينشره من شعر موسيقي الصور، رائع التشبيه والتصوير.
* * *
ـ لقد أشار معلمنا الأنيق في عباراته: الأستاذ حسن صالح أشعري إلى وجود قصائد متبادلة بين الراحل الكريم ومن ذكرناهم من اصدقائه شعراء السخرية الضاحكة والصور المرحة.. وقال: إنه كان يملك نسخاً من تلك الكتيبات، ومن كتاب عن طلبة البعثات، وأتعبنا البحث عنها لنضيف قصائدها إلى هذا الكتاب للتوثيق.
وأقولها آسفاً: إن هناك من يملك معلومات وسجلات مكتوبة وصوراً، لكنهم خذلونا فلم يزودونا بما يحتاجه هذا الكتاب، مما يعتبر إضافة إلى ما سجلناه.
لذلك كله.. أقدم اعتذاري الشديد لقارئ هذا الكتاب الذي ينتظر منا عملاً متكاملاً.. وأستميح العذر أيضاً من جميع من تتلمذوا لهذا الرمز التربوي التعليمي إذا قصرت في الحصول على مادة تضفي على الكتاب التكامل.. فلست إلاّ هذا المجتهد المجد.. بادرت إلى إصدار كتاب عن شخصية تمثل جيلاً من التربويين والمعلمين الأجلاء، هو: محمد عبد الصمد فدا:
هذا الرجل الذي أحببته وخفت عليه، ولم أخف من صرامته، بل استفدت من منهجيته التربوية.. وعشقت تلك الصوى التي أقامها وسار عليها لاستجلاء مستقبل يستنبت أجيالاً من الموهوبين، والمجدين.. وأعجبت بأناقة رجل مزج الذوق بالعلم، والذائقة بالاستكناه.. وتعلمت منه أيضاً: أن أغرس في (الإنسان) بداخلي ـ ما استطعت ـ شيئاً من سلوكياته، ورؤاه، ورؤيته.
* * *
ـ إن ((محمد فدا)): لم يكن بالنسبة إلي ولا إلى جيلي: مجرد مدير مدرسة، ولا معلماً.. بل منحنا خصوصية الوعي في عقله، والعطر في عبق شخصيته، والعْشق للشعر وللموسيقى المنتقاة.. فاستمتعنا بذائقته في اختيار الأصوات التي يسمع، والموسيقى التي يحلق وجدانه بموسيقاها.. فصرنا نطرب لمحمد عبد الوهاب، وأم كلثوم، وليلى مراد.. وتعرفنا لأول مرة على موسيقى غربية على رأسها: شهرزاد، وبحيرة البجع، وموسيقى بيتهوفن.
لم يتركنا ((محمد فدا)) على قارعة طريق الحياة نجهل الدروب ونهدر الزمن، لكنه ارتفع بمفاهيمنا، وبأذواقنا، وبسلوكياتنا.. ليصيغ من جيلنا الذي استدفأ أبوته: رجالاً أخرجتهم مدرسة أطلق عليها الإعلام آنذاك: مصنع الأجيال.
لنقرأ ـ إذن ـ سيرة، وقيم/محمد فدا التي دافع عنها ورسخها في أذهان ووجدان جيلنا.. من أجل تحقيق مبادئه والإصرار عليها حتى اللحظة الأخيرة في عمره.
* * *
ـ لقد بكيناه يوم وفاته بمهجنا وبما غرسه فينا من أخلاق قبل أن تبكيه دموعنا.
وسنبقى نبكي ((محمد فدا)) بالكلمات، وبأصداء الذكرى.. وهو يمثل لوحة الشرف لعمل وطني: لم نستطع المحافظة عليه بكل أسف، ولا أن صونه نبراساً لعمل تربوي/تعليمي عظيم وقدوة.. فإذا حال مدارسنا وواقعها اليوم: محزن جداً.
تغمد الله الغالي/محمد فدا برحمته ورضوانه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :873  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 51 من 52
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.