أمتي |
استعراض عاجل لأحلام الشباب الحجازي وأمانيه، ووصف صادق لهذا الشباب في عهد جلالة الملك المصلح عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل السعود. |
كنت يا أمتي فجراً فضياً في ظلمات الماضي السحيق |
وأصبحت بصيصاً خابياً في نور الحضارة الجديد |
كنت يا أمتي شمساً يستضئ بها الضالون |
وأصبحت ظلاماً يضل فيه المهتدون |
كنت يا أمتي قوة يخافها الأقوياء |
وأصبحت ضعفاً يعبث به الضعفاء |
كنت يا أمتي أسداً كاسراً |
وأصبحت حَمَلاً وديعاً |
كنت يا أمتي حديداً وناراً |
وأصبحت ثلجاً ورماداً |
كنت يا أمتي مفخرة الانسانية كلها ولكنك أصبحت!؟ |
أصبحت سكرى بالأوهام لا تفيقين |
أصبحت ضائعة في الأحلام لا تهتدين |
أصبحت محرومة من النور لا تتذمرين |
أصبحت نائمة على الأشواك لا تتوجعين |
أصبحت يا أمتي هشيما |
فيالحسرتى، يا لفجيعتى على ماضيك المجيد!.. |
* * * |
ليت شعرى هل ماتت فيك مواضع الاحساس؟ |
أم جمدت في جسمك دماء الشهامة والمروءة؟ |
أم تلاشى من نفسك حب الحرية والمجد؟ |
أم آثرت الظلام على النور، وحياة الأفاعى، على حياة الطيور؟! |
* * * |
لا وربى، لن تموت أمة منها محمد بن عبد الله، وبلسانها نزل كتاب الله، وباخلاص أبطالها انتشر دين الله. |
لا وربى، لن تموت هذه الأمة التى خلدها مجد عتيد، وعظمة طاغية وتأريخ مجيد، وفخار لا يبيد... |
ولا وربى، لن تموت أمة حملت رسالة الدين الحنيف أربعة عشر قرناً |
لا وربى، لن تموتى يا أمتي |
وما حاضرك الا اغفاءة ستنتهى، وغفلة لن تعود |
وانى لألمس في جسمك حرارة اليقظة والانتباه |
وأسمع في صدرك زفرات الحسرة والندم |
وأرى في مآقيك دموع الفجيعة والألم |
وان هذا لدليل الاحساس والشعور |
وانه لدليل اقتراب ساعة النشور. |
* * * |
هل أضعفتك مصائب الدهر العنيد |
هل أرهقتك نوائب الجهل الغشوم |
اذاً اسمعى صرخات أفذاذ الشباب |
اذاً تعالى أدلك على من يأخذ بيدك إلى سماء مجد جديد وفخار طريف |
تعالى أضع يدك على قلبك النابض الحى، وساعدك المفتول القوى |
تعالى أدلك على هذا العنصر الملتهب الجبار |
تعالى واعلمى ان على اكتاف هذا الشباب سيشاد مجد المستقبل الكبير |
* * * |
وبعد فان هذا الشباب يا أمتي قوى يشعر بقوته، عظيم يشعر بعظمته |
انه قوى بروحه المتطلعة الجامحة، عظيم بنفسه الحرة الأبية |
انه يمقت استبداد الجهل الغشوم، انه يحتقر الظلم والقسوة، انه قد سئم حياة الأنفاق والخنادق والمستنقعات والأوحال، ولسوف يرفع راية الجهاد، ومصباح الهدى، ولسوف يرفع هذا الشباب عن كاهله كابوس الجهل المستبد، ولسوف يمزق جسم الظلم والقسوة لأنه يريد أن يمشى في العالم مرفوع الرأس، مفتوح العين، مطلق الجناح. لأنه يريد أن يبنى مجداً علميا جديداً، وعظمة ثقافية حديثة، لأنه يريد أن يكون حراً في فكره فلا تسيطر عليه الأوهام، حرا في قوله فلا يخرسه عن الحق جبن وذل، حرا في عمله فلا يقعده الجمود والخنوع، يريد أن ينال هذه الحرية، ويريد أن يسحق أعداء هذه الحرية ولسوف يبلغ ما يريد، ولسوف يضحي بحياته ثمنا لما يريد... |
ان هذا الشباب يا أمتي قوى يشعر بقوته، عظيم يشعر بعظمته |
انه قوى بضميره الحر النزيه، عظيم بوجدانه الحى الثائر |
انه يسخر باحناء الرأس وتقبيل الأيدي، انه يهزأ بالنفاق والرياء، انه لا يعرف الذل والجبن، لا يعرف الخنوع والجمود. ولسوف يطمس هذا الشباب عادات الذل والهوان، ولسوف يسحق الجبناء، الأذلاء، ولسوف يدمر الخانعين الجامدين، لأنه يريد أن يعيش شريفاً، لأنه يريد أن يكون المثل الأعلى للقوة والعظمة والشباب. ولسوف يبلغ ما يريد، ولسوف يضحي بحياته ثمنا لما يريد... |
ان هذا الشباب يا أمتي، قوى يشعر بقوته، عظيم يشعر بعظمته انه قوى برجولته الصحيحة، عظيم بنفسه الكبيرة |
وانه يكره الرجولة الناقصة والأخلاق المعوجة المريضة، والتربية السقيمة، ولسوف يقضى هذا الشباب على العناصر الضعيفة: على ناقصى الرجولة، على مرضى الأخلاق، على ضعاف النفوس، على ذوى التربية السقيمة، ولسوف يجتث من النفوس عناصر الأنوثة والضعف. لأنه يريد أن يمثل الرجولة الكاملة، وأن يضرب المثل الأعلى للقوة والبطولة، لأنه يريد أن يكون انساناً بكامل معانى الانسانية، وقوميا بكامل معانى القومية، ولسوف يبلغ ما يريد. ولسوف يضحي بحياته ثمنا لما يريد... |
ان الشباب يا أمتي قوي يشعر بقوته، عظيم يشعر بعظمته انه قوي بايمانه، عظيم باخلاصه. |
وانه لا يستوي الهدى والضلال، والظلام والنور. وانه لا يستوي هذا الشباب، والأوهام والخرافات، وانه لا يتلاءم مع الرجعية والتعصب، لا يتلاءم مع ضعف العقل واضطراب الفكر، ولسوف يدك هذا الشباب صرح الأوهام والخرافات، ولسوف يدمر حصن الرجعية والتعصب، لأنه يريد أن يضرب بذلك المثل الكامل لقوة العقل واستقامة التفكير. لأنه يريد أن يتخلص من حياة القرون المظلمة. لأنه يريد أن يمثل العقل الصحيح في الجسم الصحيح. ولسوف يبلغ ما يريد، ولسوف يضحي بحياته ثمنا لما يريد... |
ان الشباب يا أمتي قوى يشعر بقوته، عظيم يشعر بعظمته |
انه قوى باحساسه المرهف، عظيم بشعوره الملتهب الفياض |
وان هذا الشباب لا يرضى عن هذا الموت الشامل في الزراعة والصناعة، لا يرضيه هذا الاستعمار الاقتصادى، انه يريد أن يضيف إلى استقلاله السياسى استقلالا اقتصاديا، يريد أن يأكل مما تنبته أرضه، وأن يلبس مما تنسجه يده؛ يريد أن يصنع الأسلحة والمناطيد وأن يستخدم الكهرباء والحديد، يريد أن يستغنى عن الغير، وأن يصد هجمات الغرب الطاغية، يريد أن يطير في الجوكالنسر، وأن يعيش في النور كالزهر، ولسوف يبلغ ما يريد، ولسوف يضحي بحياته ثمنا لما يريد... |
ان الشباب يا أمتي قوى يشعر بقوته، عظيم يشعر بعظمته انه قوى باتحاده، عظيم بتضحيته |
انه لا يحب لك أن تتفرقى يا أمتي شيعا وأحزابا، يريد أن ننسى شيعنا، وأن نعمل جنودا في تشييد صرح قوميتنا، انه لا يحب (أن تكون كل شيعة منا أمة) يريد أن تتحد الصفوف وتتوافق القلوب، وتجتمع الكلمة، ويسود الوئام، وتتفق الغايات ولسوف يبلغ ما يريد، ولسوف يضحي بحياته ثمنا لما يريد |
على أن لا تبخلى عليه بالعطف والحنان |
على أن لا تبخلى عليه بالموازرة والتشجيع |
على أن لا تبخلى عليه بالتضحية، حين يطلب منك هذه التضحية |
وانه ليقطع على نفسه عهداً، أن يعيد لك المجد الضائع والفخر السليب... |
وانه ليضحى بكل شئ |
ليسعدك، ليكوَّن مستقبلك، ليجعلك يا أمتي فوق الجميع... |
|