| خرجت كأنَََّ سبيكةً قد أفرغت من بوتقه |
| والماء يقطر من ذوائبها كعَرفِ الزنبقه |
| ومشت إلى أثوابها مشي الحمامِ الزافنِ |
| تُرخي غلائلها على غصنٍ رشيقٍ فاتن |
| ومشت وصيفتها تخبُّ وراءها فوق الطريق |
| لمْ تدرِ ما احتضنت جوانُبها من الحبِّ العميق |
| حتى إذا مالت إلى إحدى الدوالي الوارفه |
| وقَفت تناديها وبين الصدر روحٌ واجفه |
| أضللتِ يا (سلمى) طريقَكِ أم تضنَّاكِ المسيرْ؟ |
| أمْ (أُمُّ ديفان) غشتكِ وأنتِ في عمر الزهور؟
(1)
|
| فتلفتت (سلمى) وقالت تابعيني يا (رضيه) |
| إنَّا سنقطفُ من ضواحي الوردِ باقاتٍ نديه |
| لم يمضِ من عمرِ الضحى إلاّ سويعاتٌ قليله |
| أوَ لمْ تملِّي عيشة الحجراتِ والدور الظليله؟ |
| هيَّا نُقَضِّي ساعةً بين العرائشِ والشجرْ |
| ونعابثُ الأغصانَ والثمرَ المدلَّى والزهر |
| وتخطتا سعفَ الحضارِ وجالتا بين الضواحي
(2)
|
| حتى تشابكت الغصونُ عليهما راحًا براح |
| وتعمدت (سلمى) السقوطَ بجرفِ مرمى موحل
(3)
|
| فعلا صراخُ (رضيَّةٍ) بتوجعٍ وتوجل |
| وبدا (عليٌّ) مثل من قد فاجأته المشكله |
| وأثارهُ وقعُ النداءِ المستغيثِ وأذهله |
| فتفشح المرمى، ومدّ لها يدًا كالياسمين
(4)
|
| وثنى الإزار على جوانبها وعالجها بلين |
| حتى تخلص ساقها من قبضة الحمأ الكريه |
| وتلقف الجابور أجمل وردة رفت لديه
(5)
|
| ومضت لتغسل ساقها المصقول وسط الساقيه |
| فأضاء كالمصباح في بلورة متلاليه |
| ومشت كما تمشي القطاة الى العريشه مستهله |
| ورداء دايتها يوشحها، وتسحب منه فضله |
| وتوقَّلت عند الغدير رضية مثل اليمامه
(6)
|
| وإزار (سلمى) في يديها مثل أجنحة الحمامه |
| في الماء تغمسه ، وتفركه، وتعصره تباعا |
| وتزيل عنه الوحل ثم تشدُّه في الشمس ساعا |