شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
النشيد السابع عشر
أبطال النشيد:
1 ـ سلمى.
2 ـ رضية: داية سلمى.
3 ـ علي.
1
الشمسُ تنسجُ من أشعتها بساطًا أصفرا
وتمده عبر الدروبِ مُذهَّبًا، ومنضَّرا
وعرائس الأشجارِ تنثر فوقه وشيَ الظلال
وتكاد ترقصها النسائم وهيَ تعبرُ كالخيال
فكأنما هو مسرح عُرضت به صورُ العرائس
ما بين واثبة وجاثمة ووسنان ومائس
والماء يعبثُ بالحصى عبر المجاري الحانيه
ويصوغُ أنغاماً يوقِّعها خريرُ الساقيه
فكأنما كانت من الحبِّ الوليدِ بموعدِ
فمضت تباركه وتلقاه بأجمل مشهد
2
كانت تسير وكلُّ شيء حولها يلدُ السرور
الصحو، والأنسام، والماء المرقرق، والطيور
وغناء أبناء القرى وبناتها بين المروج
وتناغم الأطيار بالتغريدِ والزجلِ البهيج
كانت تسير وفي محياها كما في القلبِ بشرى
يجلو الغرامُ فؤادها لحبيبها فتتيه سكرا
حتى بدا مَرجُ العيونِ وقد تدفقَ بالنضارِ
وكأنما اختلطت بذوبِ الدرِّ أضواء النهار
فتحضنت أمواهها الجسم الفتيَّ الناعما
وترجرجت من حوله ثغرًا خجولاً حالما
3
خرجت كأنَََّ سبيكةً قد أفرغت من بوتقه
والماء يقطر من ذوائبها كعَرفِ الزنبقه
ومشت إلى أثوابها مشي الحمامِ الزافنِ
تُرخي غلائلها على غصنٍ رشيقٍ فاتن
ومشت وصيفتها تخبُّ وراءها فوق الطريق
لمْ تدرِ ما احتضنت جوانُبها من الحبِّ العميق
حتى إذا مالت إلى إحدى الدوالي الوارفه
وقَفت تناديها وبين الصدر روحٌ واجفه
أضللتِ يا (سلمى) طريقَكِ أم تضنَّاكِ المسيرْ؟
أمْ (أُمُّ ديفان) غشتكِ وأنتِ في عمر الزهور؟ (1)
فتلفتت (سلمى) وقالت تابعيني يا (رضيه)
إنَّا سنقطفُ من ضواحي الوردِ باقاتٍ نديه
لم يمضِ من عمرِ الضحى إلاّ سويعاتٌ قليله
أوَ لمْ تملِّي عيشة الحجراتِ والدور الظليله؟
هيَّا نُقَضِّي ساعةً بين العرائشِ والشجرْ
ونعابثُ الأغصانَ والثمرَ المدلَّى والزهر
وتخطتا سعفَ الحضارِ وجالتا بين الضواحي (2)
حتى تشابكت الغصونُ عليهما راحًا براح
وتعمدت (سلمى) السقوطَ بجرفِ مرمى موحل (3)
فعلا صراخُ (رضيَّةٍ) بتوجعٍ وتوجل
وبدا (عليٌّ) مثل من قد فاجأته المشكله
وأثارهُ وقعُ النداءِ المستغيثِ وأذهله
فتفشح المرمى، ومدّ لها يدًا كالياسمين (4)
وثنى الإزار على جوانبها وعالجها بلين
حتى تخلص ساقها من قبضة الحمأ الكريه
وتلقف الجابور أجمل وردة رفت لديه (5)
ومضت لتغسل ساقها المصقول وسط الساقيه
فأضاء كالمصباح في بلورة متلاليه
ومشت كما تمشي القطاة الى العريشه مستهله
ورداء دايتها يوشحها، وتسحب منه فضله
وتوقَّلت عند الغدير رضية مثل اليمامه (6)
وإزار (سلمى) في يديها مثل أجنحة الحمامه
في الماء تغمسه ، وتفركه، وتعصره تباعا
وتزيل عنه الوحل ثم تشدُّه في الشمس ساعا
4
وعلى حصير في العريش مهلهل تم اللقاء
كم عبقري كان مولده بأكناف العراء
عقدا على طهر السريرة والعفاف هواهما
وكأنما البستان أزهر دوحه برؤاهما
فالأرض أشجار، وأكمام، وعشب أخضر
والأفق أجنحة من الشفق الوهيج تَخطَّر
وخيال (آبولو) يهل على الرياض ويسنح
وعرائس اللذات من حول العريشة تمرح
وبدت جفونهما مخضلة بأطياف الغد
والحب، والبيت السعيد، ومتعة العيش الندي
كانت شفاههما تضنُّ بسرها مثل البراعم
حتى استجاش الوجد من قلبيهما كالعطر فاغم
وأفاض من شفتيهما بوحا كزغردة الحرير
وصداح آهات تسيل مع النسائم في غدير
ومضت هنيهة كلها سبحات أحلام ووعد
حتى تناثر من دموعهما على الخدين عقد
فاخضل حبهما اخضلال خميلة بالوابل
وعلا نشيجهما كترجيع الحمام الزاجل
فتجمدت درر الدموع على المناديل الحرير
وكأنما اختارا بها زهرات حبهما النضير
***
 
طباعة

تعليق

 القراءات :237  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 249 من 271
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج