| وتوالت الأيامُ والغواصُ يكدح في البحار |
| يطفو ويرسبُ في ظلامِ اللج يقتطفُ المحار |
| وتراصفت قطع اللآلي كالنجوم تألَّق |
| تمحو ظلام البؤس من دنياهم وتمزق |
| حتى تكوَّم فوقَ سطحِ الفلكِ كالهرمِ الصغير |
| وكأنَّما يَبني به لغداته الأملَ الكبير |
| في تلكم العُلب الصغيرةِ يكمن المستقبلُ |
| تتألق البسماتُ أو يخبو الرجاءُ فتأفل |
| وتقدمَ الرُّبان يفتحُ مِن خزائنها الثمينْ |
| وكأنَّ (مديتَه) الصغيرةَ تفتحُ الغيبَ المصون |
| حتى إذا جمعَ اللآلئَ من تجاويفِ الصدف |
| ألقى بها في سدة (السفط) المزخرف بالتحف
(9)
|
| وتوسمَ الزملاءُ في (نعمان) نشوة ضافر |
| ستسر (زاهي) بالحليِّ وبالحرير الفاخر |
| ولسوفَ تفرح بنته بالوَدْع والصدف النضير |
| ومراود (المرخ) الرشاق وسيف (جرجورٍ) صغير
(10)
|
| ألقى المساء ظلاله وردية فوق المراسيْ |
| والريحُ تزأرُ في تدافعها وتنذر بالمآسي |
| وتلبد الجوُّ الربيعيُّ النسائم والصفاءْ |
| وتلاطمَ الموج الجموح فكان ينذر بالفناء |
| وتواثبتْ في غمرةِ العصفِ المياه الثائره |
| وتدفقتْ في الفلكِ تزأرُ كالوحوشِ الكاسره |
| وتقطعت في ثورة التيارِ (أمراسُ) السفين
(11)
|
| ولوتْ بساريةِ الشراع وحطمتها في جنون |
| فتمايلتْ وكأنَّما هي ريشةٌ وسط المهبِّ |
| تعلو وتهبطُ لا قرارَ لها بشرقٍ أو بغربِ |
| وتأرجحتْ في غضبةِ التيار أحلام الغد |
| وذوى بوهجِ اليأسِ ما قد رفَّ من أملٍ ندي |
| وكسا وجوه (الربع) لون شاحبٌ مثلُ الهباء
(12)
|
| وكأنَّما الأمواجُ أرماسٌ تواثب في الفضاءْ |
| لكنَما الرُّبان أنعشَ فيهمُ روحَ الأملْ |
| فاستبسلوا ـ بعد التخاذل ـ في التآزرِ والعملْ |
| وتسابقوا نزفًا، وتجديفًا بعزمٍ أيد |
| وتقمصوا روح الفدا، وسماحة المستشهد |
| وبدا لهم طيفُ السلامة عند (فشتٍ) عائم
(13)
|
| يأوي إليه كلُّ (طبعان) السفينة سالم
(14)
|
| ومضتْ سويعاتٌ من الجهدِ المعبئ والنضالْ |
| حتى تراجعت الرياحُ تجرُّ أذيال الكلال |
| *** |