مضى العام يا قلبي وأقبل عام |
أيأتي مع الفجر الجديد سلام؟ |
أطل ونار الشر في نظراته |
وولى وفيها شدة وعرام |
بدايته كانت وبالاً ونقمة |
وأقتل منها للرجاء ختام |
نشيع بالشكوى من العمر حقبة |
فهل في سماء الظامئين غمام |
وهل يهتدي حيران ضاع طريقه |
وشرده بين القفار قتام |
وهل يجد المحروم في الناس رحمة |
ويعلو لأصحاب العقول مقام |
وهل ينقضي عهد رجوناه مشرقاً |
فكشر منه للضعيف حمام |
مضى العام لم يترك لنا غير غصة |
ويشرق بالماء الزلال مضام |
صبرنـا علـى البلـوى فلـم يجـد صبرنا |
ونمنا فأودى بالرجاء منام |
ركاماً من الآمال كانت دروبنا |
فكيف تلاشت كالدخان ركام |
بلادي بين الناب والظفر نهبة |
وأهلي شراب للردى وطعام |
سحابهم لا ماء فيه لظامىء |
ويومهم داجي الجبين عقام |
مضى العام تتلو نكبة فيه نكبة |
ويهوى نظام كي يقوم نظام |
وتجري دماء الأبرياء سخية |
ليحظى بألقاب الجهاد طغام |
تداس حقوق العرب في كل بقعة |
فهل غيرنا أسد ونحن نعام |
يفاخرنا بالموبقات زعانف |
وينهشنا بالفاحشات لئام |
تلاقى على استذلالنا ألف واغل |
فهل يدفع الشر الطويل كلام |
ثعالب رواغون مهما تنكروا |
ذئاب وإن أخفى النيوب لثام |
يحل لهم ما لا يحل لغيرهم |
ونحرم مما ليس فيه حرام |
تهون كرامات لديهم وتنحني |
رقاب لها تحنى الرقاب وهام |
شريعتهم أن الفضاء لكاسر |
فلا يتعرض للعقاب حمام |
عقدنا على نادي السلام رجاءنا |
فكنا كمن يهدي خطاه ظلام |
تسربت الأفعى إليه فقوضت |
شرائعه المثلى فهن رمام |
تباكت، فرق الغافلون لدمعها |
وأكذب باك في السحاب جهام |
شقيقك ولى أيها العام تاركاً |
جراحاً بقلبي ما لهن ضمام |
أعالجها بالصبر حيناً لعلها |
تنام، وأحياناً عساي أنام |
جراحاً يثيرُ الذكريات غبارُها |
وتنكؤها الأشواق وهي سهام |
وكيف يداوي الطب علة شاعر |
يصارع صرف الدهر وهو غلام |
تغربت عن أهلي وعودي لم يزل |
طرياً وحولي ضجة وزحام |
فلم يغر أنظاري بريق وزخرف |
تماثل عندي عسجد ورغام |
أقول لمن في الترهات تسابقوا |
وهاموا وراء السفسطاط وحاموا |
تضيع كرامات النفوس شراهة |
ويزري بأقدار الرجال هيام |
أيثني قضاء الله جاه مؤثل |
وهل جاء إلا للزوال حطام |
هبوني في حضن الطبيعة موئلا |
أغني عليه والطيور قيام |
طعامي أريج الياسمين وخمرتي |
صداح تعالى في الربا وبغام |
ولا تتركوا لي غير ثوب ومعزف |
ما خيَّب الظنَّ الكريمَ كرام |
إذا حقق العام الجديد رغائبي |
فخير من الأحقاب عندي عام |
حنانك يا عاماً يهل هلاله |
حنانك فالآمال فيك جسام |
رعينا زمام العالمين ولم نزل |
فهل ضاع بين العالمين زمام |
نريد لأبناء العروبة دولة |
يذود يراع دونها وحسام |
تقوم على التقوى ويدعم ركنها |
إخاء يساوي بينها ووئام |
نريد لإخوان تشرد شملهم |
وناموا على شوك الهوان وقاموا |
نريد لهم أن يستردوا ديارهم |
وتطوى إلى دهر الدهور خيام |
وأن يصلحوا مـا أفسـد الخلـف بينهـم |
فليس لأسباب النزاع دوام |
وأن يجمع الإيمان ما فرق الهوى |
وأن يتآخى كاهن وإمام |
نريد لكل الناس ألا يصيبهم |
بلاء، وألا يستجد خصام |
وأن تمحي بين الشعوب فوارق |
وأن ينطفي بين القلوب ضرام |
فلا أبيض يعلو على غير أبيض |
ولا يرتوي سام ويظمأ حام |
نريدك يا عام الرجاء محبة |
وسلماً، وإلا لا عليك سلام |