أم اللغات فما أحلى وأغلاك |
أهواكِ يا لغة القرآن أهواك |
عيناك قد أسرتني في لواحظها |
لله كم أثرت في القلب عيناك |
يمناك فاضت على الدنيا روائعها |
ومنبع الخير والحسنى بيمناك |
كل اللغات حيارى في مفاوزها |
وأنت هادية ما كان أغناك |
لقد وسعت كتاب الله من عظم |
ما كان أثراك ما أسمى عطاياك |
لولاه ما كنت في عز ومنزلة |
فكـم حـوى مـن جزيل اللفـظ معناك |
لقد شرفت بخير الناس قاطبة |
فقد حباك جمالاً في ثناياك |
لولاك يا (لغة القرآن) ما برزت |
نفائس خلدت من نشرها الزاكي |
كم من أديب سما في مجده وعلا |
وكم زها شرفاً من روض مغناك |
بنيت للعرب صرحاً لا مثيل له |
من ذا يضاهيك أو يحكي مزاياك |
كم عز قوم وسادوا في لغاتهم |
وكم نشرت على الدنيا عطاياك |
كم شاعر يتباهى في محاسنها |
جلوت من غرر ما كان أبهاك |
وكم خطيب بطيب اللفظ يأسرنا |
كأنما السحر مخبوء بمغناك |
لولاك ما برزت نوابغ وسمت |
من در لفظك أو من حسن معناك |
إني لأشكر (أعلاماً) عرفتهم |
قد دافعـوا عنـك، صـدوا كـل أفـاك |
هذا هو (المتنبي) في عرائسه |
قد زان جيدك بالفصحى وحلاك |
وذاك (حافظ) من قد راح يحفظها |
من الأعادي وما في الحسن إلاك |
وأنت كالبحر لا تُخفى جواهره |
و(المهجريون) قد هاموا بمرآك |
ولست أنكر (للأستاذ) غيرته |
و(قنصل) علم لا زال يرعاك |
الشاعر الفذ لا تفنى روائعه |
ولا الحنين لأرض الشام مثواك |
يـا ليـل (يبرود) أنـت السحـر أجمعـه |
كم هام قلب (زكي) في صباياك |
لقد عرفناه عن بعد بموقفه |
وكم قرأنا دفاعاً عن مزاياك |
يهواك كل أريب مخلص فطن |
يهوى جمالك مفتوناً برياك |
(أم اللغات) أراني اليوم في شجن |
لما أرى الضعف مغروساً بأبناك |
يلفني الحزن مما قد رميت به |
جهلاً ولؤماً، وطعناً في سجاياك |
لقد رموك بعقم - ضل سعيهم - |
يفنى الزمان ولا تفنى عطاياك |
بي مثل ما بك من حزن ومن ألم |
ويهرفون بلاوعي وإدراك |
أعداؤك اليوم قـد خابـوا وقـد خسروا |
والكل من غيظهم يرجون منعاك |
أهواك يا لغتي (غيداء) فاتنة |
أهوى جمالك، أهوى طيب رياك |
يا ربة الحسن في أبهى مفاتنها |
ما زلت أرشف شهداً من حمياك |
أنت النعيم لقلبي والغذاء له |
فما أجلك في قلبي وأحلاك |
(أرومة الضاد) يا مجلى السنا ومنى الدنيا وكم نشرت فيها هداياك |
يا درة في جبين الدهر ناصعة |
لأنت أرقى اللغى، والله يرعاك |
لو قدروك لما هانوا وما وهنوا |
واستخرجوا الكنز حقاً من خباياك |
يا ويحهم هجروها وابتغوا لغة |
هي الرطانة بل رغي بإشراك |
واستبدلوا حجراً بالدر راقهم |
شتان ما بين مِنْطِيْقٍ وعلاك |
لو أنصفوك لعزوا بعد ذلهم |
سيان موتك في قوم ومحياك |
يا ويح أبنـاك قـد ضلـوا وقـد جهلوا |
لما قلوك، وما اهتموا لشكواك |
ويدعون سفاهاً أنهم عرب |
لكن أقربهم في الحب عاداك |
وكم سمعنا من الشانين هجمهم |
ومنهم حاقد قد بات ينعاك |
أين الألى حفظوها من زعانفة |
وحطموا كل ما عاقوا بأسلاك |
لكن صبرت ولم تبدي لهم جزعاً |
فكنت كالطود لا يرقى لمرقاك |
يـا (ربـة الضـاد) أرجـو منـك معذرة |
ليهنك القوم ما كنا لننساك |
صلى الإله على طه وعترته |
ما دام ينفح في الاكوان ذكراك |