شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ إبراهيم فودة ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ الكبير إبراهيم فودة - رئيس نادي مكة الثقافي سابقاً - فقال:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
- هذه الليالي الوضاءة التي يُحييها في بيته العامر أخي العزيز الأستاذ عبد المقصود خوجه، خليفةً لأبيه الجليل، الَّذي كان - كما ذكرت في مرةٍ سابقة - أول من حيّاني وأنا فتىً أَدْلُفُ إلى طريق الأدب والمعرفة؛ وددت لو أحضر هذه الليالي جميعها، ولكني كهل ذو علل أتأخر عنها مضطراً غير راغب.. وإن كان من بينها، وكلها ليال تقام لمستحقين للتكريم؛ لكن بعض هؤلاء لهم من الحقوق عليَّ ما يلزمني أن أتحرك على عكازي إلى دار أخي عبد المقصود؛ ولقد كنت - وأحب أن أعلن هذا - حريصاً على أن أحضر حفل تكريم لمعالي أخي الدكتور معروف الدواليبي، فقد حرص - حفظه الله - على مثل ذلك لي، وكان واجبه الشخصي إلى جانب واجبه الأدبي الحقيقي العلمي، أن أحضر يوم تكريمه، ولكني كنت في ظرف اضطرني إلى التأخر عن الحضور، لذلك وجدت هذه فرصةً أُبَلّغهُ فيها هذه التحية، وأقدم إليه هذا العذر لعله يبلغه - إن شاء الله -.
- في هذه الليلة واجبٌ حتمي عليَّ لأخي العزيز وصديقي الجليل، الأستاذ العلامة الأديب المفكر الدكتور مصطفى الشكعة؛ ولست أعرف به، فجائزة الدولة التقديرية في الأدب التي حصل عليها من جمهورية مصر العربية قبل عامين لم تعرف به. وإنما تعلن اعترافها به؛ فالدولة حين تكرم إنساناً ما، أو حين تكرم المستحقين للتكريم.. لا تزيدهم شيئاً.
- طه حسين هو طه حسين قبل جائزة الدولة التقديرية وبعدها، العقاد هو العقاد قبل جائزة الدولة وبعدها، مصطفى الشكعة هو مصطفى الشكعة قبل جائزة الدولة وبعدها، لكن الدولة حين تمنح هذا الحق - أو تمنح هذا المستحق اعترافها باستحقاقه - فإنها تضيف إلى ذاتها إليها هي حق الاعتراف بالفضيلة.. وهو فضيلةٌ في ذاته، وتضيف - فعلاً - حقاً آخر، هو: أنها تمنح الأمل للجيل الصاعد بعد ذلك أن ينال هذا الاعتراف من دولته التي تعترف بالحق لذويه.
- الَّذي يُعرّف بالدكتور طه حسين هو كتبه التي تزيد على الأربعين، هو جهاده الكبير في جامعات مصر - وأولها جامعة عين شمس التي كان عميداً لآدابها - وفي كافة جامعات الدول العربية.. كأستاذ للدراسات العليا؛ الَّذي يُعرف بالدكتور مصطفى الشكعة هو جهاده في كافة مجالات الأدب، والشؤون الإسلامية، والإصلاحات - أو الحالات - الاجتماعية؛ لقد شارك في مصر بما هو معروف، وشارك حتى في اليمن على عهد عبد الله بن الوزير، وكان له في تلك الحركة يد لا يعلمها الكثير.
- أريد بعد ذلك لا أن أعرف بالدكتور الشكعة، ولكن أن أدلي بشهادة.. فمن حقه عليَّ - وقد عاشرته السنين الطوال - أن أدلي بهذه الشهادة، ذلك أن من العلماء من يعجبك قوله مكتوباً.. فإذا جالسته تكاد تجده عياً، ومن العلماء من إذا جالسته جالسته وقد قرأت ما كتب، أجده مهزوز الشخصية لا يمثل تلك الصورة التي في كتبه؛ ومن العلماء من لا يصح أن يكون عالماً.. وإنما هو ناقل يملأ كتبه بكثير مما نقل من كتب أخرى كثيرة ووفيرة، فتجده خُلواً إذا عاشرته، لأنه لا يكون قد حول علمه إلى ذاته، وإنما هو ناقل للعمل من كتابٍ إلى كتاب؛ ومن العلماء بعد ذلك - مع الأسف - من إذا عاشرته وجدته لا يمكن أن ينطبق عليه خلق العلماء الَّذين قرأنا لهم من قبل؛ كل هذه صورٌ عاشرتها وعشت بينها ووجدتها في كثير ممن وجدت، لكن الأستاذ الدكتور الشكعة رجل بليغ متحدث فصيح، رجل يحمل علمه بين جنبيه؛ ما دار بحث - حيث كنا نلتقي في القاهرة أو في مكة - إلاَّ كان ينبوعاً من المعرفة.
- من العلماء من تجده يجيد علمه ولا يجيد بعد ذلك باباً آخر من أبواب العلم. أو يعلم فيه، ولكن الأستاذ الشكعة أستاذ في كل مجال، لا أدعي له الكمال في كل علم.. فلكل علم أساتذة، متخصصون فيه، لكنه نمط من علمائنا الأسلاف، الَّذي يجيد علمه ويجيد أن يكون له من كل طرف وطرف عميق؛ ثم هو بعد ذلك رجل جمٌّ الأدب جم التواضع رفيع الخلق، هو عزيز على نفسه عزيز على الناس، هو يعرف لنفسه قدرها ويعرف للآخرين أقدارهم، هو بعد ذلك سخي بيده، سخيٌّ بعلمه، فهو رجل مضياف، وهو رجل على صلة بكل الأدباء والعلماء في أنحاء العالم العربي والإسلامي، هو صورة مما كنا نسمع وما نتمنى أن يكون عليها كثير من العلماء.
- وهذه شهادة رجل عاشر الدكتور الشكعة عشرات السنين، فوجد فيه العالم - حقاً - ووجد فيه الأديب - حقاً - ووجد فيه الرجل المكافح حقاً، ووجد فيه الرجل الصادق - فعلاً - ووجد فيه الرجل الأمين على علمه وعلى قدره وعلى حقوق الآخرين؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :611  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 104 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.