يا دارةً بسطتْ بالمكرُماتِ يداً |
كم هامَ قلـبٌ بذكـرى فضلهـا وشـدا |
وكم تعلَّقَها صَبُّ دَنِفٌ |
وكم دنا وصلُهُ منها وكم بَعُدَا |
وكم إليها النُّهى ساقَتْ قوافلَها |
فـي موكبٍ كـان صوتاً والزمانُ صـدى |
* * * |
يا دارة إن رأت ضَيفاً بها سَعِدَتْ |
وإن رآها أخو شوقٍ لها سعدَا |
تمدُّ راحتَها بيضاءَ ناديةً |
ننسى من الهَمِّ في أحضانها عُقَدا |
إنَّ الليالي التي فَجَّرْتِها أدباً |
بَلَّتْ غليل فؤاد عاشقٍ وردا |
سعى إليك منار الشامِ قاطبةً |
في قلبِهِ حَلَبٌ في كفِّهِ بردى |
على مُحيَّاه سِيمَى العلمِ مشرقةً |
وبين جبينه حب مصطفى وهدى |
* * * |
يا شيخَنا أينَ أرثُ الفاتحين لنا؟ |
لا بدرَ نعلَمُه فينا ولا أُحُدا |
لا اللَّيْثَ لا عمرَ المختارَ مشتملاً |
ولا ابن تيميّة الغازي ولا أسَدَا |
نَعْدو ونركضُ نسقـي الأرض مـن دمنـا |
ونذرع الأفقَ لكن لم نجد أحَدا |
قد أفلستْ في دروب الجُهدِ أنفسُنا |
واستنفرتْ فـي خطاهـا الحِقْـَد والحَسَدَا |
لا خيرَ في زمنٍ يرعى الفسادَ ولا |
خيرٌ يؤمَّلُ في جيلٍ إذا فسدا |
* * * |
يا شيخَنا نحنُ أكفاءٌ ويجمعُنا |
ضربٌ مـن الحـبِّ مجلُـوٌّ سَـنىً ونَـَدى |
ماكلُّ مـن قـالَ: أمـا بعـد قيـل لـه |
سحبان أو قال فتوى صار مجتهداً |
للجهل في أمم شتَّى زبانية |
تجرِّدُ النشءَ أخلاقاً ومعتقدا |
تَدني وترفعُ أحلاماً وأفئدةً |
لم تمتلكْ ساعداً صُلْباً ولا عَضُدا |
تسعى بذاكرةٍ خرقاءَ طائشةً |
جوفاءَ لم تخنزن أصلاً ولا سندا |
والعلم إن لم يكن نَصْراً نتيهُ به |
لم نرضَهُ حَكَماً فينا ولا رشدا |
ما كان ذو العلم إلا بحرَ أُمَّتِهِ |
وصبحَها حين يدجو ليلُها حردا |
لا يشتري عرضَ الدنيا بعزَّتِهِ |
ولا يخرُّ صريعَ الحزن إنْ نفدا |
ولا يُريقُ على الأبوابِ عفَّتَهُ |
لكـيْ يراقـبَ مـن أعطـي ومـن طُرِدا |
إن مسَّهُ الخيرُ لم يرفع عقيرتَهُ |
كِبْراً وإن عضَّهُ نابُ الطَّوى حَمِدا |
* * * |
يا أَفْقَهَ الناسِ يا أعلامَ حاضِرنَا |
تناثرَ العِقدُ في بغدادَ وافتقدا |
هَلاَّ دعوتم أبا حفص ليَشْهَدَ مَنْ |
لَبَّى النِّداءَ ومن وَلَّى ومن قَعَدا |
وكي يَرَى المسجدَ الأقصـى وقـد هتفت |
به الحناجرُ للنصر المبيِن غدا |