شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني ))
ثم أعطيت الكلمة للأستاذ الشيخ محمد علي الصابوني، فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم.. نحمد الله (تبارك وتعالى) ونصلي ونسلم على صفوة خلقه، سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
- أيها الإخوة الأفاضل: إذا كان يُضرب المثل بزرقاء اليمامة في حدةِ البصر وقوة الرؤيا، فإن المثل يُضرب بزرقاء الشهباء في قوة العلم ومتانة الفهم، وقوة البصيرة والإدراك؛ شيخنا العلاَّمة الشيخ مصطفى - جزاه الله خير الجزاء وأطال في عمره - هو بذرة رجل عالم صالح من كبار علماء الشهباء، كان الوالد (رحمه الله) يحدثني عنه، يقول لي: يا ابني لو عرفت الشيخ لوجدت طوداً شامخاً يمشي على الأرض.. في جميع العلوم، في الفقه والحديث والتفسير.. موسوعة، هكذا كان علماؤنا؛ والشيخ نهل من هذا المعين.. فلا عجب إذاً أن نسمع مثل هذا الثناء على علاَّمة هذا العصر، الَّذي نحتفي به في هذا اليوم، في زمن قل فيه الفقهاء وكثر فيه الخطباء، قل فيه أهل الفهم الصادق لشرع الله ودينه، وكثر فيه المتشدقون؛ وعندما كثرت الدكترة مشينا نحو القهقري، وبخاصة في أمور الدين، حتى أصبح الواحد منا إذا حصل على شهادة دكتور. كأنه أصبح مفتي الثقلين.. وعالم الخافقين، وما يدري أن العلم بحر لا ساحل له.
- ونحن نخشى أن نصل إلى الزمان الَّذي حدث عنه الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري عنه: "إن من أشراط الساعة أن يقل العلم ويفشو الجهل، ويكثر الزنا ويشرب الخمر، وتكثر النساء ويقل الرجال.." ونخشى أيضاً أن نصل إلى الوقت الَّذي لا نجد فيه في البلد من يعطي الفتوى الصادقة السليمة، التي تتفق مع كتاب الله وسنة رسوله (عليه الصلاة والسلام) وسيدنا رسول الله (صلوات الله عليه) يقول في الحديث الصحيح الَّذي رواه البخاري، وغيره: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه، ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس علماء جهّالاً فأفتوا بغير علم.. فضلوا وأضلوا".
- أخشى أن نصل إلى هذا الزمن، ولكن نسأل الله أن يبارك جهود هذه البقية الباقية من علمائنا الأفاضل.
- وصل إليَّ كتاب أيها الأخوة، يتمزق القلب له حسرة، لأن بعض الناس تطفلوا على العلم، أصبح الواحد يتباهى ويفتخر بأنه درس من الكتب وبرع في علمه من الكتب؛ وكما قال الشاعر:
ومن أخذ العلوم بغير شيخ
يضل عن الصراط المستقيم
وكم من عائب قولاً صحيحاً
وآفته من الفهم السقيم
 
- جاء إليَّ شاب وأنا في الكويت منذ خمس سنوات أو أكثر، وجلس بجواري، وعرَّفني أنّه تخرج من جامعة - لا أدري أية جامعة - وقال لي بهذه العبارات والناس يسمعون: غَالَى الناس في رسول الله، حتى زعم بعضهم أن بول الرسول طاهر؛ فقلت: هذا كلام لا يتحمله العقل؛ قال: هل يصدق أن يُؤتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطفل ويقف ويبول عليه الرسول؟ فقلت له أين وجدت هذا الكلام يا شيخ؟ قال هذا موجود في كتب الحديث؛ قلت ائتنا بالكتاب؛ قال الكتاب معي في السيارة؛ وإذا به يحضر أحد أجزاء صحيح البخاري؛ وبهت الناس، فليس من خلق رسول الله - وهو أشد حياء من العذراء في خدرها - أن يقف ويبول على طفل، فليس من خلقه صلى الله عليه وسلم مثل هذا، ولكن الفهم السقيم.. وهو أن يقتصر الإنسان على الكتب، يأخذ العلم من الكتب.. جاء بالكتاب؛ وإذا بالحديث يلوح كالشمس في رابعة النهار، ونصه: "جيء للنبي صلى الله عليه وسلم بطفل صغير ليُحَنِّكَهُ - من عادة أهل المدينة أن يمضغ صلى الله عليه وسلم ثمرة أو شيئاً من الحلوى ويضع من ريقه الشريف في فم هذا الطفل المولود - فَوُضِعَ الطفل في حجر النبي، فبال عليه - أي الطفل بال - فَنَضَحَهُ صلى الله عليه وسلم" وأخذ منه الفقهاء حكم بول الطفل الَّذي لم يأكل، وأنَّ نجاسته خفيفة.
- انظروا إلى رجل كهذا، يتعدى على كتب صحيح البخاري وصحيح مسلم، وكتب الصحاح، وينزل من قدر رجالها.. قد أخذ علمه من الكتب؛ فما هذا البلاء وما هذا الوباء، وما هذه الحال التي وصلنا إليها؟ نحن والله في زمن نخشى أن يخسف الله بنا الأرض، لأننا تركنا دين الله.. تركنا شرعه، لا يأتينا إلى طلب العلم الشرعي إلاَّ النطيحة والمتردية؛ نسأل الله أن يدفع عنا شر البلاء وشر الجهل؛ قال الشاعر:
إذا ما الجهل خيَّم في بلاد
رأيت أُسُودها مسخت قرودا
 
- فأي عصر نعيش؟ لا نحب نحن الفضيحة لأحد، ولكن نحب أن نعلم جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم من النبع الصافي، من العلماء الموثوقين ومن الفقهاء المتألقين؛ الله (عز وجل) لما فرض الجهاد على المسلمين.. وأمرهم بالخروج مع رسول الله، عاتب كثيراً من الصحابة.. لأنهم جميعاً خرجوا مع سول الله، فنزل القرآن يقول: وما كان المؤمنون لينفروا كافة لا ينبغي ولا يصح أن يخرجوا كلهم: لولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفةٌ ليتفقهوا في الدين فهذا التفقه في الدين ينقذ الأمة من الهلاك؛ قال الشاعر:
ففز بعلم تعش حيّاً به أبداً
الناسُ موتى وأهل العلم أحياءُ
 
- نكتفي بهذا القدر، ونشكر فضيلة شيخنا الجليل العلامة، الَّذي يحق لنا أن نفخر به، ويحق لنا أن نحتفي به. ألا وهو هذا العلم الجهبذ، الَّذي أسدى للأمة الإسلامية خدمة عظيمة في الفقه.. وفي غيره من العلوم؛ ونشكر أيضاً ونرحب بالأخ الداعية أحمد ديدات.. جزاه الله خير الجزاء، وآخر دعوانا أن الحمد رب لله العالمين؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :561  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 92 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج