شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الحوار بين المحتفى به والحضور ))
بدأ سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه الحوار بما يلي:
- أستاذ عبد الرحمن.. نحن سعداء بك في هذه الأمسية، ومن الجميل أن استمعنا إلى هذه القصيدة الرائعة، ولكن على ما أعتقد إن جميع الإخوان يود أن يستمع إلى تجربتك في الحياة، وإلى المواقف الكبيرة والكثيرة لك؛ فهل لنا أن نسعد بذلك.. معك في هذه الأمسية؟ كما أن لبعض الأخوة هنا بعض الأسئلة، نوجهها إليك بعد أن تسرد لنا هذه المواقف، وشيئاً من حياتك.
 
الأستاذ عبد الرحمن رفة:
- كما ذكرها الأستاذ هاشم رشيد، بدأنا صغاراً ثم نشأنا - ولله الحمد - كما ترى.
 
ثم وجه عبد المقصود خوجه السؤال التالي - محاولاً أن يدع المحتفى به يسهب في الحديث - فقال:
- هل هناك شاعر أثَّر في حياتك تأثيراً مباشراً أو غير مباشر؟
 
فأجاب عبد الرحمن رفة بقوله:
- لا ثم لا، كنت أنا أستاذ نفسي...
 
فقال الأستاذ عبد المقصود خوجه معلقاً على إجابة المحتفى به:
- هذه زاوية غير عادية.
 
فرد الأستاذ عبد الرحمن رفة بقوله:
- هذا الَّذي أقول هو الحق، أنا أستاذ نفسي، ولم أتأثر بأي إنسان كان.. كي لا أُعيَّر.. أو كي لا يُقال إني سارق - هذه ناحية - ثم لا تنس أنه كما يقولون: الشاعر يقع على الشاعر كما يقع الحافر على الحافر.
- عندما وجد الحضور أن إجابات المحتفى به مقتضبة جداً. لا تروي الظمأ الَّذي في نفوسهم، تقدم عريف الحفل الأستاذ عدنان صعيدي بطلب إلى الأستاذ محمد هاشم رشيد، ليتولى إدارة دفة الحوار، لعله يستطيع أن يفتح شهية المحتفى به للحديث.
 
فلبى السيد محمد هاشم رشيد الطلب، وقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم.. يسعدني في مرة أخرى أن ألتقي بكم في هذه الأسئلة، وأرجو أن يكون في هذه الأسئلة - كما قال الأخ - ما يفتح شهية الأستاذ عبد الرحمن للحديث.. فالواقع أن الأستاذ عبد الرحمن - في الفترة الماضية أي منذ أسبوعين - كانت صحته معتلة بعض الشيء، ولولا حرصه على أن يكون معكم في هذه الليلة لحالت ظروفه الصحية دون الحضور.
- واسمحوا لي أن نجعل من هذه الأسئلة بداية لأسئلة أخرى، نحاول بها استكناه واستشفاف حياته الفنية والثقافية..
- السؤال الأول: الأستاذ الشاعر عبد الرحمن سليمان رفة، لا شك يعتبر من رواد الشعر في المملكة ومن جيل الرواد، مثل الشاعر محمد هاشم رشيد في المدينة، وحسين سرحان في مكة، ومحمد حسن فقي، ومحمود عارف في جدة.. وغيرهم من الشعراء البارزين في الساحة الأدبية؛ وهذا الجيل - بصفة أدبية - ملتزم بشعر القصيدة العمودية، التي تمثل أصالتنا التاريخية والفكرية.
- فما موقف الشاعر عبد الرحمن رفة من الشعر الحديث؛ أي الشعر الحر الَّذي أصبح له - أيضاً - تأثير أدبي على مستوى الساحة في الوطن العربي؛ السؤال مقدم من السيد أمين عبد السلام الوصابي.
 
ورد الأستاذ عبد الرحمن رفة على السائل بقوله:
- إنه شعر طائش.. لا قيمة له، اللهم إلاَّ بعض كلمات، ولو وضعت نثراً لكان أبلغ وأحسن وأجدى؛ أنا لا أستعمله أبداً ولا أقرؤه أولاً؛ لأنَّ بين أيدينا ولدينا أدب رفيع عال منذ ألف وأربعمئة وعشرين سنة، لا يزال محتفظاً بسماته، صحيح أنه حدث تجديد في الكلمة والمعنى والمضمون، لكن يجب المحافظة على هذا.. ورأيي أنا لا أميل إلى هذا الشعر..
قد يوجد بيننا من يقول لي: أنت أخطأت؛ وسأقول له عليك أن تعطي الدليل، أعطني بيتاً واحداً استشهد به في المحافل، من هذا الشعر الَّذي يسمى شعراً حراً، حيث نجد أننا نحفظ مئات الأبيات، بل يحفظ بعضنا آلاف الأبيات التي يستشهد بها من شعرنا العربي الأصيل، الَّذي أطلق عليه البعض: "الشعر التقليدي".
ثُمَّ وجهَّ الأستاذ هاشم رشيد إلى المحتفى به سؤالاً ورده من الأستاذ عبد الحميد الدرهلي، نصه:
- في صباكم كانت لكم جولات.. وقمتم بأسفار عديدة للبلاد العربية، ومن بينها فلسطين؛ هل كانت هذه الأسفار من أجل التجارة، أو للقاء الأدباء والشعراء؟ وهل زرتم فلسطين السليبة، وماذا تكون لديكم من شعور مما شاهدتم، وما هو انطباعكم وإحساسكم بالمسجد الأقصى.. ومدينة القدس، وهل تقارنونها بالمدينة المنورة؟
 
وأجاب الأستاذ رفة على هذا السؤال بالإجابة التالية:
- الغاية كانت كبيرة ومتشعبة، أولاً: سافرنا إلى فلسطين، في زمن كانت فيه الحالة شديدة، والأزمة خانقة، والحالة الاقتصادية صعبة جداً؛ ونحن شباب لا نريد أن نمدّ أيدينا نستجدي الإحسان، فسافرنا... وكان الشعر له رغبة في نفسي، فسافرت والتقيت بكثير من أدباء فلسطين؛ ولما قامت معركة الكرامة كنت في الأردن، فنظمت القصيدة التالية:
قالت عدمتك ما رأيت باكياً
رغم الجروح وما بنا من بؤس
هل كان قلبك قطعة من جلمد
أم كنت فينا فاقداً للحِس؟
أو ما ترى أوطاننا قد أصبحت
تهب العدو أخي الخنا والرجس
وغدت منابر قدسنا لعلوجِهِ
مأوى لكل معاقرٍ للكأس
والصخرة العصماء مسرى أحمدٍ
راحت تئن بما جرى للقدس
يعلو عليها كل علجٍ كافر
ما كان يوماً حالماً بالمسِ
كم من فتاة قُد منها ثوبها
فجرت دماء عفافها بالبخسِ
فتردد الآه الحبيسة حسرة
حيث الحياة تجللت بالرجس
وبنو أبيها والحماة تساقطوا
بيد الردى يا للردى من نحس
أكذا العروبة أم كذا تاريخها؟
أم غُيبت أمجادها في الرمس؟
أم ذل أنف حماتها وهم الألى
ردُّوا الصليب محطماً بالفأس
 
- رددتُ عليها:
فأجبت يا أخت الرزايا كفكفي
دمع العيون وأبشري بالقدس
فلسوف يأتي قائد ذو مِرَّة
يسعى إليك بكل نَدْبٍ نطْس
والجيش تحت لوائه متعطش
يهوى المتون كَرَشْفةٍ من كأس
ويرى الحياة بغير قدس ذلة
لم يرضها ذو عفة أو حِسَّ
يا أخت ما آن الأوان لتصبري
حذر الحياة وموبقات اليأس
وخذي بناصية الشباب لعله
يغدو كريماً في اللِّقا والبأس
وعسى "صلاح" آخر من بينهم
حر يلُمُّ شتاتنا كالأمس
ويعود بالماضي الَّذي قد ضيعت
أيدي رجال أوغلت في المكس
خدعوا الشعوب وأوغلوا في ظلمها
ويح الشعوب صريعة للمس
قالوا سنحمي أرضننا بدمائنا
كذبوا وربي ليتهم "كالبِس"
بل ليـت "كبشـاً" واحـداً مـن بينهـم
يحمي "النعاج" من افتراس القدس
 
ووجه الأستاذ محمد هاشم رشيد السؤال التالي إلى المحتفى به، قائلاً:
- أستاذ عبد الرحمن، في الواقع.. في جلسات خاصة كنا نستمع إلى كثير من ذكرياتكم في فلسطين.. وفي حيفا بالذات؛ ومن تلك الذكريات قصة لك مع أحد اليمنيين، الَّذي قضى فترة طويلة عند باب السلام وهو من حراس المسجد النبوي؛ هل يمكن أن نستمع إلى هذه القصة.. وتعرفها للإخوان؟
 
ورد الأستاذ رفة قائلاً:
- لا بأس: لقد تكررت زياراتي إلى فلسطين في أيام الحرب، نظراً للمكاسب التي نحصل عليها.. وكان الربح وفيراً، حيث كنت أتاجر مع بعض الإخوان بين مدن فلسطين؛ وفي إحدى زياراتي لفلسطين مع الأخ محمد منسي - وهو موجود الآن في المدينة - مررنا بتل أبيب، وبقينا فيها حوالي ساعتين، كان ذاك عام 1938. وعندما أحسسنا بالجوع وأحببنا أن نأكل، وجدنا أنفسنا مقبوضة وكأنها توبخنا، كيف نأكل من أيدي اليهود؟ وبينما كنا سائرين في الشارع، وجدنا يمانياً وعنده زنبيل مليء بالتين الشوكي؛ فقلت لصاحبي: هذا الأكل الَّذي لم تمسسه يد يهودي ولا نصراني، فدعنا نتغذى منه؛ فلما وقفنا أمام الرجل، أخذ ينظر إلي وأنظر إليه حتى تذكرته؛ لقد كنت أبصره عند باب الرحمة للداخل على اليمين، وكانت نظراته إليَّ تدل على معرفته لي؛ فأشرت إلى صديقي، وقلت له: انظر إلى هذا اليماني لم يرفع عينه عني؛ وأكلنا ما شئنا من التين الشوكي وانصرفنا، وطلب منا خمسة قروش؛ وبعد انصرافنا ظل يتابع خطواتنا بنظراته حتى غبنا عن الشارع؛ فقال لي صاحبي: ما القصد من هذا؛ هل كان يهودي الأصل؟ فقلت له: نعم وكان متخفياً..
ثم سأل الأستاذ هاشم رشيد المحتفى به قائلاً:
- ما هو شعوركم عند زيارتكم هذه، ورؤيتكم ذلك اليهودي الَّذي كان يأخذ مكانه عند باب الرحمة بالمسجد النبوي؟ وما هو شعوركم نحو المسجد لأقصى؟
 
فقال الأستاذ عبد الرحمن رفة:
- شعوري بحرمة المسجد الأقصى كحرمة المسجد الحرام والمسجد النبوي، فتلك مساجد لا تُشد الرحال إلاَّ إليها؛ ولو لم تكن هناك حرمة متساوية مع هذه المساجد ما ذكر المسجد الأقصى.
 
ثم أردف قائلاً:
- دعونا من هذه الذكريات، ولنطرق مجالاً آخر؛ هذه ذكريات أدبية طريفة، جرت لي أنا في هذا البلد، أود أن أقصها عليكم.
- جئت إلى هذه المدينة بعروس، هارباً بها من المدينة، وسكنت عند بهاء الدين خاشقجي، وليلة العرس نظمت قصيدة، قلت فيها:
يا رب ظبي بت في أحضانه
ثملاً أشم روائح التفاح
وأقبل الوجنات في تهويمة
سكرى كأني شارب للراح
وأضم خصراً ناحلاً في رقة
لم أدرِ فيها موضعي ومراحي
وأمر بالكف الشفوقة مثلما
مر النسيم على رُباً وبطاح
متلمساً حيث الأماني أججت
نار الجوى في مهجة الملتاح
حتى إذا التقت الشفاه تمردت
منا النفوسُ تمرد السفاح
وسرت حُميا الوصل في أعطافنا
فيها غدونا في اللقا كوشاح
تالله ما ذقت "المُدام" وإنما
كان اللَّما من ثغرها الوضاح
 
- ثم طلب الأستاذ هاشم رشيد من الشاعر عبد الرحمن رفة أن ينشد قصيدته، التي تحمل عنوان: "الليل والإنسان والقمر": ولبى الشاعر وأنشد قائلاً:
الليل والإنسان والقمر..
والنايُ يصدح والصهباء والوتر
والشاربون وقد رقت مشاعرهم
لا يجهلون ولا يطغى بهم سكر
والروض والماء والأغصان مائسة
ونسمة الفجر للأزهار تعتصر
فتمنح الشرب طيباً من نوافذها
يُنبه الحسن إن ما مسَّه خدر
وبلبل الروض صداح على فنن
من نشـوة الكـأس لا يصحـو ولا يـذر
يداعب القوم أسماعاً وأفئدة
ويملأ النفس إحساساً بما ظفروا
تلك الحياة مع الأكفاء صافية
تواكب العمر لا حقداً ولا كدر
البذل عادتها والبخل تمقته
وليس يمنع ما في راحها قدر
هذي الحياة وقد ألقت بنا زمناً
في لجــة الكـأس حتى الكـأس تنحسر
نواجه الصبح أيقاظاً بلا سأم
ويقبل الليل والأكواب تنتحر
 
- ثم أتبع القصيدة بهذه الأبيات:
يا ساقييَّ الكأس خمراً عدِّيا
عني الكؤوس فإنني ريان
إني إذا رُمت المدام أدارها
من ناظريه مراقب يقظان
كم قد أقمت من الأصيـل إلـى الضحـى
والكأس ملأى والدنان دنان
يسعى بسالبة العقول مهفهف
جلّ الإله فإنه سلطان
في راحتيه ووجنتيه مُدامنا
وبمقلتيه لذي الحجى إدمان
 
- ثم سُئل المحتفى عن زملائه في بداية حياته الأدبية، فأجاب الأستاذ رفة قائلاً:
- منهم ضياء الدين رجب (يرحمه الله) ومحمد العبد الله، ومحمد كردي "أبو عمر". والشنقيطي شاعر معروف، كان زميل لي لا يتركني ليلاً ولا نهاراً.
 
- وسئل المحتفى به عن أول قصيدة نظمها في حياته؟ فرد الأستاذ رفة:
إن أول قصيدة - بمعنى الكلمة - لا تزال عالقة بذهني، هي قصيدة نظمتها على أثر الاعتداء على جلالة الملك عبد العزيز (يرحمه الله) في الحرم، وهي:
ريع الفؤاد غداة الحادث النكر
من أهوج كاد يرمينا بذي شرر
أين العهود التـي للنصـح قـد أُخـذت؟
تالله قد نُسيت من كادر أشر
يا للعروبة من قوم قد انتسبوا
ظلماً كما زعموا قولاً إلى مُضَرٍ
إنَّ العروبة من قحطان ديدنها
شكر الصنيعة في قول وفي خبر
لا يكفرون لدى النعماء صانعهم
جل الإله براهم أفضل النفر
لكـنَّ قومـاً مـن الأوباش قـد عُرفـوا
راموا الشقاق بأمر غير مُستَتِرِ
حاكوا أخيَّ ببيت الله فعلتهم
واستنفروا الخِبَّ إذ منوه بالفشر
راموا لعرش ودون العرش أمته
أسد جحاجحة هم خيرة النفر
بيض الوجـوه غـداة الـروع مـا نكلوا
عن خوض ساحتها في ظل مُشتهر
فالعدل جندلهم في موطن أمن
إنَّ العدالة لا ترنو لمختبر
إني لأشكر والرحمن حارسنا
ربّاً حَمَى البيـت مـن جرثومـة الخطـر
"عبد العزيز" وقاك الله من خطر
والله يحفظ من ناجاه في سحر
فاهنأ ودم ملك الإسلام قاطبة
والملك يحرسه من قام في الخفر
ثم الصلاة على المختار من مُضر
ما سبَّح الكلُّ في الآصال والبكر
 
ثم طلب محمد هاشم رشيد من المحتفى به أن يسرد بعض ذكرياته مع الشاعر: "ابن المهاب":
فرد الأستاذ عبد الرحمن رفة قائلاً:
- كان ابن المهاب ألكن اللسان.. ولا يُفهم ما يقول، وكانت بيني وبينه صلة كبيرة جداً؛ وأراد بعض الناس... بعض الإخوان - الله يسامحهم - أن يفسدوا العلاقة بيننا؛ فخرجنا ليلة سال فيها وادي عروة، وبصر بنا ثلاثة من الإخوة كانوا جالسين على ربوة، فدعونا إلى الجلوس معهم، ثم قالوا لابن المهاب: إن هذا الوقت ينبغي أن يقال فيه الشعر؛ فطلب مني ذلك؛ فقلت له: لن أقول شعراً وأنت موجود؛ فقال بل قل.. وألح علي؛ فقلت إذن أعطني فرصة من الوقت؛ ويسّر الله لي بمن يفتح لي القريحة، بدوية حاملة قربة ملأتها من ماء السيل، وشعورها على متنيها مرخية؛ فنظمت هذه القصيدة وقلت فيها:
لها عينان قد رشقا فؤادي
بسهم فاق عن سحر الصعاد
وقلبٌ قُد من صخر ولكن
على صَبٍّ تهيَّم في البوادي
وقدٌّ قدَّ في العشاق عمداً
برمح القد تمنع من يُعادي
فهل يابن المهاب لديك شيء
يخفف وطأة الحِبِّ المعادي؟
فأدركني أغثني في هيامي
ولا تبخل فإني في هواد
 
ووجه الأستاذ محمد هاشم رشيد سؤالاً، ورد إليه من الأستاذ محمد سعيد بابصيل، موجهاً للمحتفى به، يقول فيه:
- الأستاذ الشاعر الكبير عبد الرحمن سليمان رفة، أين تضع نفسك من شعراء الجزيرة العربية؟
فرد الأستاذ عبد الرحمن قائلاً:
- شعراء المملكة في نظري فرسان لا يشق لهم غبار ولا أستثني منهم أحداً، فكلهم شعراء.. وأنا في الوسط.
 
وسئل المحتفى به عن رأيه في الشاعر حمزة شحاتة (رحمه الله)؟
فقال مجيباً على هذا السؤال:
- لقد كان الأستاذ حمزة شحاتة (رحمه الله) شاعراً مجيداً وحُرّاً، وجواداً...
 
وسئل عن رأيه في الشاعر الأديب محمد حسن عواد (يرحمه الله)؟
فقال:
- إنه شاعر الجيل.
 
وسئل عن الشاعر ضياء الدين رجب (رحمه الله)؟
فرد قائلاً:
- لقد كان صديقي وصاحبي.
 
وسئل عن الشاعر الكبير محمد حسن فقي؟
فأجاب المحتفى به قائلاً:
- إنه شاعر لا يُباري، شاعر مجيد بمعنى الكلمة، وهو في القمة من الشعر.
 
ثم سئل المحتفى به عن:
- مدى انعكاسات خبرته في الأعشاب على شعره؛ وهل تؤثر المهنة على الشاعر؟
فرد الأستاذ رفة بالنفي قائلاً:
- لا.. لا، - على العكس - بل هي ترقق عواطفه.
 
ثم قال: لعل من الخير - لي ولكم - أن أختتم هذا اللقاء بهذه القصيدة:
ألا يا هند هل أحظى بعطف
كما لو كنت أيام الشباب؟
وأيام الفتوة ملء نفسي
ومهدي حُضن ليلى والرباب
وأيام الأماني مشرقات
وكأسي من حنان الغيد رابي
وأيام الهوى في عنفوان
من الشوق الملح إلى التطابي
فلم أهجر وكنت بكن برّاً
عطوفاً عند نأي واقتراب
وكنتُ إذا أتيت الحيَّ قالت
فتاة الحيِّ أهلاً في رحابي
ومرحى للَّذي قد جاء يبغي
وصال الغيد مع رشف الرضاب
فأغدو بينكن ولي أمانٍ
عِراضٌ بين مدٍّ واجتذاب
أخاف لطول عهد أن تراني
فتاتي قد سُلخت من الشباب
فأرسلها دموعاً محرقات
على الوجنات تجري في انسكاب
فتمسحن الدموع بكف عطف
لها رجل مخضب بالملاب
فيهدأ خاطري وتعود نفسي
إلى همسٍ رقيق في عتابي
أما أولتْكَ وصلاً دون هجر
ألم تتركك تشقى بالعذاب
كذا قد كنت "يا ليلى" فما لي
أرى "هنداً" تصد عن الجواب؟
وتضرب صدرها بالكف خوفاً
من الرقباء من خلف الحجاب
وتخشى إذ تراني في ثراها
تحييني بقبلات العتاب
فقالت وهي تنظر نحو رأسي
إلى شيء يلوح كما السَّراب
يلوح لناظر ما كان يرنو
لغير فتوتي بين الشباب
رعاك الله قد ولَّى زمان
وعهد كنت مصقول الإهاب
وكنت لكل غانية مناراً
يُضيء ظلامها دون احتجاب
فلولا عطفك الماضي لقلنا
طواك الدهر عنا كالكتاب
فَلُمْ يا صاح دهرك إن تجنى
ولا تعتب على صدِّ الرَّباب
فتلك طبيعة الغادات غدر
إذا ما الشيب نال من الشباب
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :616  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 74 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثاني - مقالات الأدباء والكتاب في الصحافة المحلية والعربية (2): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج