| شوقي إليكِ يفوق في الأشواق |
| شوق المتيّم أو هوى العشَّاق |
| يا طيبة الفيحاء إنّي مولع |
| بك لم أزل والحبُّ فيه وثاقي |
| مـن صـدق حبّي قـد شريـتُ مباهجاً |
| منكِ وبعتُ بهارج الآفاق |
| وزهدتُ في أرض كثير مالها |
| ورضيتُ منك بقسمة الخلاّق |
| لم تسبني بلدٌ سواكِ بحبِّها |
| مهما بدا من حسنها البرَّاق |
| رغم الوصال وأنني ابن الحشا |
| أرنو إليك بلوعة المشتاق |
| أرنو إليك كأنّني في مهمه |
| ناءٍ ولا يرجى لنا بتلاقِ |
| شوقي يزيد وليس ثمّة واصفٌ |
| يبدي الَّذي ألقاه في خفّاقي |
| أنَّى اتجهتُ وجدتُ حسنك بادياً |
| وتتيه فيك على المدى أحداقي |
| ويجول فكري أستشفُ سوانحاً |
| عبر القرون - وحكمةَ الخلاّق |
| في كل شبر من ثراك مآثرٌ |
| تُنبي الَّذي قد كان بالمصداق |
| قد مرّ تبع والعمالق قلبه |
| ألفوا لديك مواطن الأعراق |
| وجدوا بيثرب والعيون شواهدٌ |
| أرضاً تجود بوافر الإغداق |
| الترب تبر والمياه وفيرةٌ |
| ما مثلها في سائر الآفاق |
| ألقى العمالق في حماك عصيّهم |
| بعد الرحيل وشدّة الإرهاق |
| وتعاقبتْ أممٌ على آثارهم |
| شأن الحياة تعاقب الطرّاق |
| حتى اتى خبرُ النبيّ محمّدٍ |
| فغدوتِ نور الأرض في الإشراق |
| هذا النبيّ أتى إليك مهاجراً |
| في ضحوة يدنو بخير رفاق |
| يدعوا إلى الرحمن جلّ جلاله |
| بالهدي والإنصاف والإشفاق |
| ألفى القبائل في تناحر دائب |
| فسعى إليهم داعياً لوفاق |
| آخى وكم صدق بدا بأخوّة |
| فيها الوفاءُ بدون أي شقاق |
| يا طيبة الفيحاء إنك في الذُّرى |
| تاج على مُدن البسيطة راق |
| حاشا لمكة أنّ تُطال تفاخراً |
| قد قيل جاء بمحكم الإطلاق |
| آويتِ خيرَ الخلق لما أن أتى |
| وحضنْتِه تحت الثّرى بِعِناق |
| يرنو إليك الكونُ يُسعدُ قلبَه |
| هذا اللقاء بسيّد الأخلاق |
| منكِ استطار الهدْيُ في كلِّ الدّنا |
| دكَّ الحصونَ ومحكمَ الإغلاق |
| هزم القياصر والأكاسرة الألى |
| أردى الجميع بساحة الإخفاق |
| يا طيبة الفيحاء بعضُ حقائقٍ |
| هذي التي قد نوّرتْ أوراقي |
| تاريُخك الوضّاءُ ليس بمدرَكٍ |
| أعيا الَّذي يرنو إلى الأعماق |
| تيهي على مَرّ العصور تألقاً |
| فضياءُ مجدِك يا مدينةُ باقِ |