شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة الأستاذ محمد علي دولة ))
ثم تحدث الأستاذ محمد علي دولة فقال:
- بسم الله الرحمن الرحيم.. وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين..
- أيها السادة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..، يسعدني أن نتحدث في هذه المناسبة الكريمة عن دولة الدكتور محمد معروف الدواليبي، فهو أستاذي يوم كنت طالباً في جامعة دمشق، وهو رجل من كبار رجالات هذه الأمة عموماً، ومن كبار رجالات سوريا خصوصاً؛ لقد كان الدكتور معروف الدواليبي من الرجال المرموقين والكبار، في الخمسينات وأوائل الستينات من هذا القرن الميلادي؛ كان كما يقال رجل السيف والقلم، تسنم أعلى المناصب في سوريا، وكان أستاذاً جامعياً مرموقاً، ومؤلفاً موهوباً؛ كنا ونحن في ابتداء الشباب - في المرحلة الثانوية - نتداول بعض مواقفه العظيمة، ونؤكدها ونسردها وننقلها لبعضا البعض.
- كانت للرجل مواقف كبيرة تستحق أن تسجل، أتحدث هنا في هذا المقام عن موقفين اثنين، موقفه البطولي الرائع في نصرة الزعيم الفلسطيني، الحاج محمد أمين الحسيني، حين سُجن في باريس بعد الحرب العالمية الأولى.. وأراد الأعداء رأسه، فما كان من الأستاذ الدواليبي - وقد كان يحضر الدراسات العليا في باريس - إلاَّ أن أعمل فكره وأحكم خطته، واستطاع أن ينقذه من السجن، واستطاع أن يخرجه من ظلماته، ثم استطاع أن يخرجه من فرنسا سالماً غانماً؛ مشى ذلك الزعيم الكبير، وكانت قصة تهريبه من السجن قصة رائعة، تستحق أن يتناولها قلم أديب كبير، وأن يسرد تفاصيلها، وأن يقرأها شباب هذه الأمة، ويروا فيها التضحية الكبيرة من دولة الدكتور محمد معروف الدواليبي.
- كنا - أيضاً - نتداول موقفه الشجاع من الحاكم العسكري في سوريا: "أديب الشيشكلي" فلقد قام هذا الحاكم العسكري بانقلاب على الوزارة التي كان يرأسها دولة الدكتور، وزجَّ به وبوزرائه في السجن، ثم بدأت المساومات ترد إليه في السجن، حتى يستقيل من الحكم ويتخلى عن رئاسة الوزارة، لكنه أبى وصمد صمود الأبطال، وتكررت الوساطات حتى كانت من رئيس الدولة - آنذاك - المرحوم هاشم الأتاسي؛ وأبى الدكتور، ولقد لان بعض وزرائه، فما كان منه إلاَّ أن قال لهم - وهم عُزَّل وهم سجناء - إن أي وزير سوف يستقيل فسوف أعين وزيراً عوضاً عنه.
- كان رجل مواقف، كانت هذه صورته في أذهاننا ونحن شباب، حتى إذا دخلنا جامعة دمشق - وتلك الصورة عالقه في أذهاننا، صورة الرجل الكبير ذي المواقف الصامدة - إذ بنا أمام أستاذ كبير وديع لطيف، يلقي علينا دروسه التي تنساب إلى قلوبنا؛ إذا بنا أمام مؤلف يُسهِّل الصعب؛ كان علم أصول الفقه علماً مغلقاً على أهله، ففتحه الله بالدكتور الدواليبي، ألَّف لنا كتاب: "المدخل إلى علم أصول الفقه" وأخرجه لنا إخراجاً رائعاً جميلاً، وطَّأه وهوَّنه وسهَّله، وجعل الخلاصات الدقيقة بجانب كل فقرة من فقراته، فأقبلنا على هذا العلم - الَّذي كان صعباً علينا وكان معقداً - فقرأناه وفهمناه؛ كان رجلاً كبيراً كأستاذ جامعي.
- أيها السادة الكرام: إن الرجولة الحقة هي مواقف وأخلاق، ومن كانت له المواقف وليست له أخلاق، غابت مواقفه ولم يأبه له الناس؛ إن الله (عز وجل) قد حبا أستاذنا الكبير بجملة أخلاق فاضلة، لا أستطيع التحدث عنها جميعاً، أخص بالذكر منها: خلق التهذيب والرقة وحسن الشمائل؛ وأخص منها خلق التواضع، لقد زرته مراراً وتكراراً، فما لمست منه إلا تواضعاً رفيعاً، وأدباً كريماً جماً، وحديثاً لطيفاً.
 
- لقد قُدِّر لي أن أنشر له كتابه الأخير: "أمريكا وإسرائيل" دراسة لدور الفكر الديني في الدعم الأمريكي لإسرائيل؛ واستأذنت أستاذي الدكتور لأن أكتب له مقدمة، وكان في بالي أن أكتبها صفحتين أو ثلاث، ولكنها طالت. وطالت حتى أصبحت بحثاً آخر في نفس الموضوع، وتجرأت وطبعت هذا البحث، ووطنت نفسي على أن ألام من المؤلف الكبير، ولكن هذا لم يحدث، كان الرجل متواضعاً تواضعاً كبيراً - كما عهدته - كان على مدى الخلق الرفيع: وما شهدنا إلاَّ بما علمنا.
 
- أيها السادة الكرام: في هذه المناسبة الكريمة، أُحيِّي أستاذنا الدكتور الفاضل، وأُحيِّي سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه، الَّذي يُكرِّم الأمة في أشخاص علمائها ومفكريها ورجالاتها، ويبذل في ذلك الشيء الكثير، فجزاه الله خيراً؛ أحييهما وأحييكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :699  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 57 من 170
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج