(( فتح باب الحوار ))
|
فتح الأستاذ عدنان صعيدي الحوار بسؤال للمتحفى به، حول الدوافع التي دفعت المحتفى به إلى التأليف في المجال الجغرافي، وعن متاعب النشر، وعما إذا كان هناك مردود مالي من وراء ذلك العمل، أم أنَّ الخسارة غالباً ما تصاحب القيام بمثل هذه الأعمال؟ |
وأجاب الشيخ عاتق البلادي على جميع الأسئلة التي تقدم بها الأستاذ عدنان صعيدي، فقال: |
- اللطيف في الموضوع هو السؤال عن سبب اختياري مجال النشر؛ الحقيقة: أن بين الحاضرين أناساً أريدهم أن يسمعوا هذا الكلام؛ لقد كان أول كتاب طبعته، ذهبت به إلى إحدى المكتبات للقيام بتوزيعه، فأخذت المكتبة عشرين نسخة، واشترطت مقابل قيامها بعملية التوزيع أن تحصل على 25% من ثمن البيع - علماً أنني قمت بالطباعة على نفقتي الخاصة - وقد راجعت المكتبة بصفة دورية كل خمسة عشر يوماً، وأطالبهم بإعطائي بعض استحقاقاتي مما تم بيعه، فيكون ردهم: إن الكتب مازالت في المستودع ولم يتم بيع شيء منها، وعندما تسرب الشك إلى نفسي طلبت منهم إعطائي كتبي حتى أتولى تصريفها بنفسي، فحملتها على كتفي، فقررت القيام بتأسيس دار مكة للطباعة والنشر، لأتولى طبع مؤلفاتي فيها ومن ثم نشرها؛ وقد كنت قاسياً في حكمي على الناشرين والموزعين، قبل ممارستي عمليات النشر والتوزيع بنفسي، ولكنني بعد أن مارست عملية النشر والتوزيع، تأكدت أن هؤلاء الناشرين مظلومون، وأنهم يتكبدون من الخسائر الشيء الكثير، فالكتاب الجيد لم أستطع أن أبيع منه في العام الواحد أكثر من عشرين نسخة، وهذا يعني أن ألفي نسخة من ذلك الكتاب يستغرق بيعها عشر سنوات، وفضلاً عن ذلك، فإن الناشر يتكلف مصاريف كثيرة في سبيل عملية النشر، ولعل أهمها رسوم تجديد الاشتراك السنوي للغرفة التجارية، وإيجار المحل، ومصاريف العمال والعاملين، وصندوق البريد، مما يجعل تحقيق أرباح من عملية نشر الكتب من الأمور المستحيلة. في ظل مثل هذه الظروف، ولكننا نرفع أيدينا إلى الله أن يمدنا بعفوه ومغفرته، وأن يبارك لنا فيما أعطانا، وأن يقينا شر أنفسنا؛ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
|
ثم وجَّه الشيخ الصابوني السؤال التالي: |
- هل رأى فضيلة الشيخ في حياته متاعب ومصاعب من وزارة الداخلية في البيت، فقد عانيت الشدائد، إذ كانت الكتب في وجهي مكدسة، فكانت زوجتي تقول: هذه أشد عليَّ من الضرائر؛ وكان ذاك يتفق مع عملي، فأنا أدرس في الجامعة وأتفرغ في أوقات للتأليف، لكن أشتغل في الليل والنهار، ومع ذلك ما خلصت من وزارة الداخلية؛ فكيف وأنت في الجيش مشغول بأعمال تهم الأمة، كيف يا فضيلة الشيخ، كيف وفقت، وهل كان بينك وبينها هدنة وصلح؟ أم لاقيت ما لاقى أخوك الضعيف؟ |
|
وأجاب الشيخ عاتق البلادي على الشيخ الصابوني قائلاً: |
- سؤال لطيف حقاً، أولاً: التوفيق من الله (سبحانه وتعالى) وثانياً: أعتقد أن أكبر فائدة استفدتها من الحياة العسكرية، هو أنني لم أحمل في جيبي نقوداً؛ والشيء المهم الَّذي استفدته هو تنظيم وقتي وهذا مهم لكل إنسان، والدليل على ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: إن لنفسك عليك حقاً وإن لأهلك عليك حقاً.. أي أن الأهل لهم حق محدد، وبالاتفاق والتفاهم تصلح الأشياء وتسير الحياة على خير ما يرام. ولم ألاق ما لاقاه شيخنا الصابوني، فأهلي يعرفون الساعة التي ألج فيها إلى مكتبي، ويعرفون عدد الساعات التي يجب أن أستغرقها في القراءة أو الكتابة بداخلها وإذا حدث أن تأخرت مرة ولم أخرج في الوقت المحدد، أخذوا يرددون عبارة: الوقت راح.. الوقت انتهى، أي أن وقت عملك في المكتبة قد انتهى، - والحمد لله - سر من أسرار نجاحي، إنما السر الأعظم هو أنني ما تمنيت - أو رغبت - أن أجمع نقوداً من هذا العمل في يوم من الأيام، ولم أقدم أي كتاب أنموذجاً للوزارة، ولم أرفع سماعة الهاتف وأسأل المسؤولين عما تم في الكتاب الَّذي أرسلته إليهم. |
|
ثم تقدم الأستاذ عبد الحميد الدرهلي بالسؤال التالي: |
- فضيلة الشيخ البلادي المحترم، تحية طيبة وتقدير.. لماذا انزويتم عن الجمهور طوال سنوات عملكم كأديب وناشر، ولولا لقاؤنا بكم في هذه الأمسية بهذه الدارة العامرة لما كنا عرفناكم؛ وماذا يمكن فعله من قبلكم وقبل المؤسسات الإعلامية، حتى نعرف الكثير من الأفذاذ أمثالكم، لأنكم وهم قدوة للناشئة.. أجيبونا من فضلكم، حفظكم الله؟ |
|
ورد الشيخ عاتق البلادي بقوله: |
- أولاً، ليس هناك شيء اسمه انزواء، ولكن هناك مشاكل، وهناك ظروف - أو أطوار - في حياة الإنسان، وهو يتعامل مع هذه الظروف حسب قدرته وإمكاناته، وفقاً لتلك الظروف التي تطرأ عليه؛ فأول عملي بالفكر كان لي نشاط كثير في المنتديات، ومع جُلِّ الأساتذة الَّذين رحلوا (عليهم رحمة الله) فقد كنت أزور الأستاذ عبد القدوس الأنصاري، والعواد، والعطار، وعدداً كبيراً.. وأشاهد هذه الليلة كثيراً من الإخوان الَّذين يعرفون هذا؛ عندما كثرت المشاغل، وأصبحت أملك داراً للنشر والتأليف؛ لزمت مكتبي أستقبل به المحبين، ولا يمر علي يوم دون أن أستقبل أحداً من الأخوة، وخاصةً طلبة العلم؛ وشكراً. |
وسأل الأستاذ الطيب العقلان - وهو صحفي يمني - قائلاً: |
- تقول الأمثال: "لا تقل كم كتاباً قرأت، ولكن قل كم سطراً فهمت" فهل أنت مع هذا المثل، وهل كنت بالفعل تستوعب كل ما تقرؤه، وكيف لنا أن نقنع جيل اليوم بالقراءة؟ |
|
ويجيب الشيخ عاتق البلادي على سؤال السائل بقوله: |
- أنا لا أومن بهذا الكلام أبداً، أنا أقول لك كم قرأت، وأنا ليس من عادتي أن أستشهد بما يقوله الغربيون.. لأن تراثنا كامل، ولكن قرأت عن برناردشو قوله: اقرأ، واقرأ واقرأ..؛ أنا كنت أقرأ ورقة التقويم كاملة، أقرأ الجريدة، أقرأ الورقة التي أجدها ملقاة على قارعة الطريق، ألتقطها فأقرأ ما تحتويه، فإن وجدت أنها تحتوي على شيء من كتاب الله حفظته؛ وعلى العموم فقد كنت أقرأ كل شيء، وفي فترة شبابي قرأت قصص إحسان عبد القدوس: "النظارة السوداء" و "في بيتنا رجل"، كما قرأت لنجيب محفوظ؛ وعلى العموم.. فطور الشباب يختلف عن طور الشيخوخة، ولكنني أنصح الشباب ألاَّ يقرؤوا هذه القصص غير أني أوصيهم بقراءة كتب التراث لأنها تنمي العقل، وتنمي المدارك، وتعطي الإنسان ملكة التعبير؛ وقديماً قالوا: إن كتب الجاحظ تعلم العقل أولاً والبيان ثانياً، ورغم ذلك أقول لكم: إن الدين له كتب، لأن بعض الناس يقرؤون الأغاني، والأغاني من ناحية العقيدة سيئة، لكن من الناحية الأدبية.. تعد مرجعاً أدبياً؛ فلو أردت أن أكتب عن شاعر، فإني أرجع إلى الأغاني، لكي أتعرف على حياته ومن أي قبيلة؛ وشكراً. |
|
وسأل الأستاذ نبيل خياط المحتفى به قائلاً: |
- عن مكان ولادة الرسول (عليه أفضل الصلاة والسلام) حيث كثرت التساؤلات والآراء من قبل بعض المؤرخين في هذا الشأن، وما جاؤوا به من شهادات، فما هو رأي فضيلة الشيخ واستشهاده بذلك؟ |
|
وأجاب الشيخ عاتق البلادي على السؤال بقوله: |
- أنا أعرف سبب هذا السؤال؛ قال عبد الله بن جعفر - وليس عبد الله بن أبي طالب ولكن من أحفاده: |
عين الرضا عن كل عيب كَليلةٌ |
ولكـن عيـن السخـط تبـدي المساوئا
(1)
|
|
- فمتى ما أحببت الرجل فإنك ترى كل أعماله طيبة، وإذا رأيت وجهه استبشرت، لكن بمجرد أن تختلف معه فإنك تكره رؤيته وهذه سنة الله في البشر؛ صحيح إن فينا من يتمالك نفسه، وفينا من يعدل في نفسه، وكلما كان الإنسان أعقل وكلما كان أكثر تديناً، فإنه يتحمل من الناس، لكن نفس الشيء نظل نحن ذلك الرجل. |
- لقد أثيرت هذه القضية عندما قام رجل من العلماء، وقال: إن مكان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم غير ثابت، من خلال محاضرة ألقاها في أحد المنتديات، وقد طبعت المحاضرة ونشرت ووزعت على الناس؛ وأنا أقول: إن الرجل هذا تجنَّى، وما زال البناء قائماً وكاد أن يُهدم، لكن أهل الخير من المسؤولين عن الدولة - جزاهم الله خيراً - قالوا بدل أن يُهدم نعتبره معهداً، وقد كان مكتبة، ثم نقلت المكتبة إلى الزاهر تمهيداً لهدمه؛ هذا ما فهمته من المسؤولين بوزارة الأوقاف، لكنهم اقترحوا أن يكون متحفاً؛ المهم يحفظ المكان، وأنا لست قبوري، فعقيدتي - الحمد لله - سليمة، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا ينفع ولا يضر إلاَّ الله؛ هذه عقيدتنا نحن المسلمين، لكن إذا أصبحنا لا نعرف مكان مولد نبينا، فسيدخل الجهل من أوسمع أبوابه ليأتي من يزعم أن مكان مولد الرسول صلى الله عليه وسلم غير ثابت وهذا الرجل الَّذي يزعم ذلك ليس من أهل الديرة، ولا من أهل مكة، إذن فالقضية قضية مبيتة، والأعمال بالنيات، ولكل امرىء ما نوى؛ وشكراً. |
|
ثم سأل الدكتور غازي زين عوض الله، فقال: |
- نريد من شيخنا أن يحدثنا عن أغرب موقف حرج مر عليه في حياته، ووجد نفسه في موقف لا يحسد عليه؟ |
|
فأجاب الشيخ عاتق البلادي قائلاً: |
- المواقف كثيرة، ولكني لا أعتقد أنه مر بي موقف لا أُحسد عليه. |
|
وسأل الأستاذ أمين عبد السلام الوصابي المحتفى به قائلاً: |
- من أبرز الخصائص الحضارية للشعوب انطلاقها من خلال الأدب الشعبي والمحافظة على هذا الأدب.. ما مدى تقارب الأدب الشعبي بين قبائل نجد والحجاز؟ |
|
فرد الشيخ عاتق البلادي بقوله: |
- الأدب الشعبي يسمى في نجد الشعر النبطي، وأعتقد أن كلمة النبطي جاءت من العراق، لأن العراقيين كانوا يسمون أهل القرى (الأنباط) ونستطيع أن نقول: إن القصة الشعبية في الحجاز هي القصة الشعبية في الشام، وهي القصة الشعبية في العراق، والمثل كذلك.. إن لم يكن هو نفس المثل، فإن الأمثال تتشابه في البلاد العربية. |
- أما في الشعر الشعبي ففيه اختلاف بسيط، فأهل الحجاز وخاصةً تهامة لهم ألحانهم الشعبية، وأهل نجد لهم ألحانهم أيضاً، وكل لحن خاص بأهل منطقة يختلف عن ألحان المناطق الأخرى؛ ومن يريد أن يعرف هذا الاختلاف فليقرأ كتابين في الأدب الشعبي، وهما الأدب الشعبي في الحجاز، وكتاب الأدب الشعبي في قلب جزيرة العرب. |
|
وتقدم الأستاذ سليمان كثيري بالسؤال التالي: |
- معجم "قبائل الحجاز" هذا الكتاب يحتاج إلى بحث ميداني بين القبائل، فهل يحدثنا الشيخ عن بعض المواقف التي صادفتكم أثناء تأليف هذا الكتاب أو غيره؟ |
|
فأجاب الشيخ عاتق البلادي على سؤال السائل بقوله: |
- لقد كانت هناك مواقف، وهذه المواقف كانت مؤسفة فعلاً، فقد استدعتني المحكمة من أجل أحد المواقف هذه، أبناء القبائل المتجاورة يحسد بعضهم بعضاً، فإذا سألنا مثلاً: هذه الأرض لمن؟ يجيبون علينا بقولهم: لآل فلان؛ ونسجل الكلام هذا ونمشي؛ فإذا صدر الكتاب تصدى من يقول لي: إنك أخطأت.. فهذه الأرض ليست لآل فلان وإنما هي أرضنا، وأنت بعملك هذا ظلمتنا فمنحت أرضنا ونسبتها لغير أهلها. |
- أو أتى شخص - مثلاً - وضم رجال محترمين إلى قبيلته أشخاصاً من قبيلة أخرى، فإذا ظهر الكتاب انتقده الكثير بحجة ما اشتمل من أخطاء في النسب، حيث ضم قبيلة آل فلان إلى قبيلة آل فلان، وهم لا ينتمون إليهم. فنضطر إلى إعادة طبع الكتاب، خاصة ما يتعرض بالجمهور عدة مرات؛ فكتاب قبائل الحجاز طبع ثلاث مرات، وما زالت هناك اعتراضات عليه من بعض الإخوان. |
|
وتقدم الأستاذ جلال أبو زيد بالسؤال التالي: |
- فضيلة الشيخ الجليل.. عشت حياة البدو، وعشت حياة المدينة والتطور، بصراحة تامة أي الحياتين أفضل؟ ولماذا؟ |
|
وأجاب الشيخ عاتق البلادي قائلاً: |
- سبحان الله.. ليس هناك مقارنة يا أخي، فعمر (رضي الله عنه) عندما رأى رجلاً، أراد أن يعود إلى طبائع البادية، بعد الهجرة فقال له: أبداوة بعد الهِجَر؟ لأن المدينة ليست كالبادية، لا من ناحية النظافة، ولا من ناحية الديانة، ولا من حيث الإمكانيات ورغد العيش..؛ ومن يبغي غير هذا في الدنيا؟ وشكراً. |
وتقدَّم الأستاذ عبد الحميد الدرهلي بسؤال لفضيلة الشيخ محمد علي الصابوني، قال فيه: |
- في سردكم قصة دخول عبد الله بن سلام - في دين الإسلام، ذكرتم كلمة بني إسرائيل، وليس بني يهود؟ فهل كانت لليهود مملكة أو حكومة باسم إسرائيل في الجزيرة العربية آنذاك؟ وهل إسرائيل ديانة حتى يخلط بينها وبين اليهود؛ أجيبونا حفظكم الله.. |
|
ورد الشيخ محمد علي الصابوني بقوله: |
- يا أيها الأخ الكريم: إن القرآن العظيم مملوء بقصص بني إسرائيل: يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم
وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل فمن هو إسرائيل إنه نبي عظيم كريم، وهو حفيد إبراهيم الخليل، إنه يعقوب بن إسحق ابن إبراهيم؛ ولقد ذكره باسمه العلم في كتابه العظيم، فقال: كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه. |
- ومن الخطأ أن نجهل هذا المذكور في قرآننا، وهو نبي من كبار أنبياء بني إسرائيل، لكن هؤلاء الملاعين اليهود ينتسبون إليه كذباً وزوراً، وهم يريدون أن يحيوا دولتهم على أساس ديني. |
- فإسرائيل هو اسم هذا النبي الكريم، وهم يقولون دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل؛ فعلينا أن نعرف من هو إسرائيل، نعرف مكائد هؤلاء الخبثاء؛ لم يحدث في تاريخ البشرية مطلقاً أن أمة تناولت الذات الإلهية، كما تناولها هؤلاء الفجار الأشرار؛ قالوا عن الله بخيل، وقالوا الله فقير: لقد سمع الله قول الَّذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء لأنه جاء في التوراة والقرآن وغيره: من ذا الَّذي يقرض الله قرضاً حسناً.. فقالوا لو لم يكن الله فقيراً يحتاج، ما استقرض أموالنا: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا فقتلوا الأنبياء، وسفكوا دماء الأبرياء، تناولوا الذات الإلهية..، فأي تاريخ لهم، أي مجد؟ إنهم صفاقة ولعنة، ويكفي أن الله عرفهم بـهذا التعريف المجمل الكامـل، قـال: ويسعون في الأرض فساداً وكلمة: "يسعون" فعل مضـارع، والمضـارع يفيد التجدد والاستمرار: كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً، والله لا يُحب المفسدين. |
- يجب أن نعرف من هم إسرائيل، ونعرف كيف نقابلهم، ويجب أن نعلن الجهاد ضد هؤلاء..؛ نسأل الله أن يردنا إلى ديننا؛ وشكراً. |
|
وأضاف الشيخ عاتق البلادي إلى ما قاله فضيلة الشيخ الصابوني، ما يلي: |
- أود أن أضيف، أيها الإخوة الشباب، لعل من بينكم - إن شاء - من يجعل الله فيه - في يوم من الأيام - ما ينفع هذه الأمة؛ العرب عندما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت حدودهم إلى حلب، وكانت في الشام دولة عربية.. هي دولة الغساسنة، وكانت في العراق دولة عربية أخرى وهي دولة المناذرة، غير أن الأولى تحت نفوذ الروم، والأخرى تحت نفوذ فارس؛ واليمن كانت دولة تتنازعها الأحباش، وقلب الجزيرة الحجاز ومكة لقريش بها سيادة غير قوية، فهي عرضة لصراع القبائل لبسط نفوذها عليها؛ هذه الأمة المشرذمة التي ما كانت تستطيع أن تقول لملك فارس لا أدفع الإتاوة، أصبحت بقدرة قادر حاملة للرسالة والقيادة المحمدية؛ انتصرت على أقوى قوتين، هما: فارس والروم؛ ووصلت فتوحاتهم حتى قرعوا أبواب الصين، وجعلوا ملكها يدفع الجزية، وذهبوا غرباً حتى استولوا على كل الشمال الإفريقي، وعبروا البحر واستولوا على بلاد الفرنجة، وأصبحت أمة لها كيانها. |
- والأمة الإسلامية في العصر الحاضر لن ولم تستطع أن تقاتل إسرائيل إلا بوحدة إسلامية؛ فالله (سبحانه وتعالى) يقول: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ويقول: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم إن كانوا أهل خير، لن يغير الله الخير حتى يتغيروا؛ وإن كانوا أهل شر لن يغير الله ما هم عليه إلى خير إلاَّ أن يتغيروا هم إلى الخير؛ وهذه مجرد ملاحظة - الحقيقة - أضفتها إلى شيخنا - جزاه الله خيراً - لأنه نبش أشياء كثيرة؛ وشكراً. |
|
ثم عاود الشيخ الصابوني الحديث قائلاً: |
- في الحديث الشريف.. من معجزاته صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، حتى يختبئ اليهودي وراء الشجرة والحجر، فينطق الله الشجر والحجر: يا مسلم.. يا عبد الله، ورائي يهودي.. تعال فاقتله. الله قادر على كل شيء، الَّذي أنطق الإنسان يستطيع أن ينطق الحجر؛ لكن لا بد من عقيدة، لا بد من إيمان؛ الله (عز وجل) تكفلنا بالنصر إذا نصرنا دينه: إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم فنسأل الله أن يردنا إلى الإسلام. |
- انظروا إلى جهاد إخوانكم الأفغان، نكَّسوا أكبر رأس من هؤلاء، والحقيقة: ما أفلست الشيوعية ولا انهارت إلاَّ بعد أن وصلت إلى الحضيض، بسبب المجاهدين الأفغانيين، هؤلاء وقفوا في وجه أقوى وأعتى أمة وقاوموها، وأعلنوا الجهاد، وانتصروا عليهم - بإذن الله - والآن يفرضون هم شروطهم، من أول الشروط التي فرضها الأستاذ برهان الدين رباني، أن تعترف روسيا بأنها كانت مخطئة، وأنها كانت ظالمة في عدوانها هذا؛ وأقرت بهذا. |
|
- هذا نصر من الله (عز وجل) لهؤلاء الضعفاء المساكين، الَّذين لم يكن معهم سلاح، هؤلاء الَّذين رفعوا رأس الأمة العربية، ورفعوا رأس المسلمين.. بعد أن أذلتنا العصبيات والقوميات الهزيلة، وسوف يعود للمسلمين عزهم ومجدهم - إن شاء الله - إذا عادوا إلى دينهم، ورفعوا راية: لا إله إلا الله محمد رسول الله؛ وشكراً. |
(( مداخلة من الدكتور محمد زايد يوسف ))
|
ثم أبدى الدكتور محمد زايد يوسف تصحيحاً حول كلمة الأنباط، جاء فيه قوله: |
- إن بلاد الشام هي موطن الأنباط، وعاصمتهم البتراء وليس العراق. |
|
ورد الشيخ عاتق البلادي على ذلك بقوله: |
- نعم يا أخي أعرف هذا - والله - ولكنني تحدثت عن الشعر الشعبي، يسمونه شعراً نبطياً، وأهل العراق كانوا يسمون أهل القرى بالأنباط، إضافة إلى أنباط الشام الَّذين يتخذون البتراء عاصمة لهم، وأنا أعرف هذا؛ وجزاك الله خيراً. |
|
(( اعتراض الشيخ أبي تراب الظاهري ))
|
لكن الشيخ أبا تراب الظاهري أبدى اعتراضاً حول كلمة الأنباط، فقال: |
- النبط ليس مختصاً بالشام.. ولا بالعراق، النبط عبارة عن البداوة والشعبية، وإنما نسب الشعر النبطي إلى النبط الَّذي جاء من إنباط الأرض، وإنباط المياه هو استخراجها من باطن الأرض، فمن يتعاطى هذه الصنعة - سواء في الشام أو وفي الحجاز، سواء في الهند أو في السند، أو في جاواة، أو ماليزيا - فهو نبطي؛ فالكلمة مشتقة من مادة النون والباء والطا، وليست مختصة بالعراق أو الشام. |
|
ورد الشيخ عاتق البلادي قائلاً: |
- شكراً لأبي تراب على هذه المعلومة الجديدة، بالنسبة لي.. أنا أعترف بذلك... |
|
(( كلمة موجزة للمحتفي ))
|
ثم تحدث سعادة الأستاذ عبد المقصود خوجه، فقال: |
- شرفت الاثنينية هذه الأمسية بحضور دولة الرئيس معروف الدواليبي، الَّذي سيكون ضيفنا - بإذن الله - الاثنينية القادمة؛ كما يسعدنا أن نرحب بالدكتور غلام مرتضى، أستاذ الثقافة الإسلامية، ورئيس قسم الترجمة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة؛ للدكتور غلام مرتضى كتاب تحت مسمى: "دائرة المعارف البريطانية بين الجهل والتضليل" وقد طلب الكلمة للتعريف عما ورد في دائرة المعارف البريطانية، من تضليلات ومهاترات حول الإسلام، ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. |
- وفي الحقيقة، فإن هذا الموضوع يخرج عن نطاق "الاثنينية" ولكن تكريماً للدكتور، نرجو أن تكون كلمته في حدود خمس دقائق، حتى لا يطول بنا الوقت. |
|
|