شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة فضيلة معالي الأستاذ الدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان يلقيها نيابة عنه سعادة الأستاذ حسين الغريبي))
يُقيِّضُ الله جلّ وعلا للأمة في كل زمان وجيل علماء أتقياء، وصفوة أوفياء لدينهم وأمتهم يواصلون سيرة السلف عِلماً، وسلوكاً، يصلون حاضر الأمة بماضيها، يجاهدون لترسيخ العقيدة الصحيحة، ويناضلون لإحياء القيم الإسلامية، والمعاني الرفيعة، جهاداً بالقلم، واتباعاً لسنن السلف، هؤلاء هم مشاعلُ الأمة ونورُها إذا ادلهمَّت الأحداث، وتكالبت، يبثون روحَ الأخوة والمحبة، يقاومون روحَ الخلاف والفُرقَةِ بكل ما أوتوا من علم وبيان.
فضيلة العلامة، الأديب، المحدث، المحقق الشيخ محمد عوامة حفظه الله ـ ساكنُ المدينة رَدْحاً من الزمن يتجاوز عِقْداً من السنين، المُهاجرُ إليها حباً في الله، ومرضاةَ رسوله، وإشاعةً لعلوم الشريعة الغراء ـ أنموذجٌ رفيع لعلماء المسلمين في وقتنا الحاضر الذين يجاهدون في الله حق جهاده، ينافحون عن العقيدة الإسلامية الصحيحة، وينهجون منهجَ السلفِ الصالح وَسطيةً واعتدالاً، وهو من بقيَّتهم، أثرى المكتبة الإسلامية بفكره الصافي، ووسطيته الإسلامية، واعتداله الفكري، تتلمذ عليه أجيالٌ من الأساتذة والشباب في جميع أصقاع العالم الإسلامي.
أسعدني المولى جلّ وعلا بقراءة بعض كتب فضيلته قبل التشرف بالتعرف عليه فتلمذت على مائدته العلمية قبل التشرف بلقائه، فكان أمنيةً، والحديث إليه أملاً، وكان مما قرأت له، وتأثرت بفكره من كتبه كتاب (صفحات في أدب الرأي: أدب الاختلاف في مسائل العلم)، وهو موضوع الحاضر والماضي والمستقبل، كتابُ علمٍ، وفَهْمٍ، وأدب، قرأت هذا الكتاب قراءةَ تفحصٍ وتمعن فوجدته فريداً في موضوعه، رفيعاً في عرضه، نقي الفكر، أُعْجِبْتُ باعتداله، ووسطيته ما جعلني أقدمه لطلاب الدراسات العليا، وفوق هذا فقد اقتبست منه في كتابي (منهج البحث الفقهي خصائصه ونقائصه وترتيب موضوعاته) جملةً مفيدة من الأفكار التي تُشيعُ التسامح والنقد الفقهي النزيه الذي يرتفع بالموضوع، ويسمو عن الجوانب الشخصية، وهو الحاجة الملحة في وقتنا الحاضر.
هذه الأصالةُ العلمية الفكرية لمستها في مؤلفات عالمنا الجليل فضيلة الشيخ محمد عوامة حفظه الله، هذا ليس غريباً عليه فهو ابنُ مدرسةٍ علمية لها أعلامها البررة الذين شهد لهم التاريخُ في العالم الإسلامي بصفاء الفكر، وخُلُوصِ النية.
لا جَرَم أن يكون العلامة الشيخ محمد عوامة خيرَ من يمثلهم علماً، وموضوعية، وسلوكاً.
أكرمني المولى جلّ وعلا بالاجتماع به فتضاعف إعجابي بهذا العالِمِ الفذِّ بتواضعه الجم، وخَلقهِ الرفيع، إذا تحدث فأنت أمام عالِمٍ من علماء السلف خلقاً فاضلاً، سكينةً وهدوءاً، مُتَّزِنَ الحديث، يُشْعِر جليسَه مهما تدنَّت مَنْزِلَتُه أنه الأعلمُ، والأفضلُ، والأجَلُّ.
إن من منن الله عزّ وجلّ التي تُذْكر فتُشكر أنه في عام 1428هـ حَظِيتُ بإجازته العلمية بمروياته عن مشايخه الأفاضل لدى اجتماعي بفضيلته في مكتبته بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام فحصل لي هذا الشرف الذي يُقدِّر حق قدره علماءُ السنَّة النبوية المطهرة فجزاه الله خير الجزاء.
صَبْرُ فضيلته الدؤوب، وإخلاصُه في خدمة السنّة المطهرة مَضْرِبُ المثل؛ حيث حقق دواوينها الكبيرة، وأكَبَّ على إخراجها إخراجاً علمياً متقناً تضعف أمامها جهود المعاصرين بما يُعَدُّ أنموذجاً رفيعاً في عالم التحقيق، والعناية بالحديث النبوي الشريف قضى عُصَارةَ عمره في خدمته، يَضْرِبُ المثل الأعلى في الصبر، ولا أدل على هذا من تحقيقه وإخراجه أخيراً لديوان من أعظم دواوينِ السنّة المطهرة كتاب (المصنف لابن أبي شيبة) في ستة وعشرين مجلداً، لا يضطلع به إلاّ أولو العزيمة الصادقة، والنية المخلصة..
إن المطلع على الجهد المبذول في هذا الكتاب، والتحقيق العلمي الرصين لا يسعه إلاّ أن يُكْبِرَ هذا المجهود العلمي الكبير الذي قضى فضيلته لإنجازه عِقْدَيْنِ من السنين يعد مِثالاً رفيعاً، وسابقةً تاريخية في خدمة السنّة النبوية الشريفة في هذا العصر بأسلوب علمي رفيع يُدركه المتخصصون في علم الحديث، ولا يُغْمِطُ هذا الجهد إلاّ جاهل، أو حاقد.
فضيلةُ العلامةُ الفقيهُ الأديبَ المحدثَ الشيخ محمد عوامة حفظه الله دوحةُ عِلْمٍ، وفقهٍ، وحديث، وأَدْبٌ، عَلَمٌ من أعلامِ هذا العصر، قيادةٌ فكرية، قدوةٌ حسنة، ومَثَل رفيع يُحْتَذى في فِكره، وأسلوبِه العلميِّ الرصين، يسعى دائماً قولاً، وعملاً، وتأليفاً إلى ترسيخِ المعاني الإسلامية الرفيعة التي تَمَيَّزَ بها علماءُ السَّلف، وَوَرَّثُوها الخَلْف، إذا جلست إليه أَنِسْتَ منه بحديثٍ هادئٍ عَذْبِ المَوْرِد، وأدبٍ نبويِّ جَم، ونفسٍ كُلُّها سكينةٌ وطمأنينة، تتجلى فيه مصداقيةُ العلماء، ونبرةُ الصالحين الأتقياء.
فضيلة العلامة الفقيه الأديب، المحدث الشيخ محمد عوامة مفخرةٌ من مَفَاخرِ هذه الأمة في العصر الحاضر، هنيئاً لبلدٍ تحتضن أمثاله من العلماء الذين صَفَتْ أفكارُهم، وحَسُنَتْ مناهِجُهم، وَخَلُصَت نياتُهم يبذلون من جهدهم ووقتهم لنفعِ الأمة، والإفادة من تراثها ما يَحفَظُ عليها دينَها، ومبادئها، وأصالتَها.
إنّ من أهم المبادئ العلمية التي يتبناها فضيلتُه، ويُرَسِّخُها في مؤلفاته العلمية تَضْييق شَقَّةِ الخلافِ بين العلماء، وحِفْظِ قلمه ولسانِه عن الخوض في أعراض الناس بعامة، وعلماءِ الأمةِ بخاصة، وهو مبدأ إسلامي حرص على الأخذ به علماء الأمة المخلصون الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، يُفْصِحُ عنه في كتاباته، يَعْمَلُ به، يَحَثُّ عليه منهجاً شرعياً، وأن الانحرافَ عن هذا المبدأ لِغَرض شخصيٍ انحرافٌ عن جادةِ الشريعة المطهرة، وطعنٌ يشير إلى عدم سلامةِ نيةِ صاحبِه، يُذكِّرُ به دائماً في كل مؤلف، ومناسبةٍ، وهو ما سطَّره في تحقيق كتاب المصنف ـ الذي سَعُدَتْ به الساحة العلمية مؤخراً ـ حفظه الله، وشد من أزره ـ يَذْكُر تحت عنوان:
(المرحلة الثالثة: المنهج الذي اتبعته في الجرح والتعديل) قائلاً: ((أستهلُّ هذه الفقرة بقول الإمام الحُجَّة الورع ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى، آخر الباب الثامن (معرفة الضعفاء) من كتابه (الاقتراح):
((أعراضُ المسلمين حفرةٌ من حفر النار، وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون، والحكّام)).
يقول العلامة الشيخ محمد عوامة تعليقاً على هذه المقالة:
((فأنار الدربَ، وبَصَّر المتعجل، ووضع بهذا القول الوجيز منهجاً دقيقاً بيناً لمن يريد ولوج هذا العلم الحرج (الجرح والتعديل))).
أسأل المولى جلّ وعلا أن يفسح في أجله في صحة وعافية، وكل من يؤازره في أداء رسالته، وأن يديم به نفع الأمة إنه سميع مجيب.
حرر في مكة المكرمة، يوم السبت 4/4/1428هـ..
عريف الحفل: كانت هذه كلمة معالي الدكتور عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان عضو هيئة كبار العلماء والأكاديمي المعروف ألقاها مشكوراً نيابة عنه سعادة الأستاذ حسين الغريبي المستشار الثقافي لمنتدى الاثنينية الثقافي.
وللشعر موقف وكلمة في الترحيب بالمحتفى به هذه الليلة قصيدة شعرية لسعادة الأستاذ جعفر محمد السقاف بو كاظم من اليمن الشقيق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :622  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 207 من 242
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثالث - ما نشر عن إصداراتها في الصحافة المحلية والعربية (1): 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج